حذر قباد طالباني، نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق، من أن الإقليم معرض لخطر «الغرق» بسبب «تسونامي» اقتصادي بعد انخفاض أسعار النفط العالمية وحذر من أن الأمر قد يقوض الحرب على تنظيم داعش.
وحكومة إقليم كردستان العراق مثقلة بالديون وعليها متأخرات لأربعة أشهر وتضررت كثيرا بانخفاض سعر النفط إلى ما دون 30 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي بعد أن كان البرميل يتجاوز المائة دولار قبل عامين. وتعتمد حكومة الإقليم على عوائد النفط لمواصلة عملها. حتى قبل خسائر النفط التي تكبد معظمها في الآونة الأخيرة لم يتمكن الإقليم من تسديد رواتب عامة متضخمة من بينها رواتب أفراد القوات المسلحة وقوات البيشمركة التي تقاتل تنظيم داعش.
وقال طالباني لوكالة «رويترز»: «يركز العالم على الحرب ضد (داعش) لكن لا ينتصر مفلس في حرب.. أعتقد أنه أمر يحتاج التحالف ضد (داعش) إلى وضعه في المعادلة».
ولعبت البيشمركة دورا مهما في استراتيجية التحالف بقيادة الولايات المتحدة «للقضاء على وتدمير» المقاتلين المتشددين وطردهم من شمال العراق بمساعدة ضربات جوية.
لكن طالباني يرى أن الأزمة الاقتصادية تهدد التقدم على أرض المعركة. وأضاف: «التأثير الأخطر لها على الروح المعنوية. لدينا حالات ترك للقوات المسلحة. الناس يتركون مواقعهم.. سيزيد هذا».
وأدى تراجع أسعار النفط إلى تفاقم المصاعب الاقتصادية لإقليم كردستان العراق، التي بدأت في مطلع عام 2014 عندما خفضت بغداد تمويل المنطقة عقابا لها على تصدير النفط الخام بشروطها الخاصة سعيا للاستقلال عن العراق.
واجتاح تنظيم داعش ثلث العراق وتسبب في نزوح أكثر من مليون لاجئ في المنطقة التي كان يعيش فيها خمسة ملايين شخص وإبعاد المستثمرين الأجانب.
وفي مسعى لمواجهة الأزمة عزز إقليم كردستان صادرات النفط المستقلة العام الماضي إلى أكثر من 600 ألف برميل يوميا، لكن في ظل الأسعار الحالية لا تزال المنطقة تعاني عجزا شهريا يتراوح بين 380 و400 مليار دينار عراقي (717 مليون دولار).
وردًا على سؤال عما إذا كان الإقليم يفكر في أن استئناف صادرات النفط تحت مظلة بغداد مقابل حصة من العوائد سيكون أفضل، قال طالباني إن الأمر لن يحدث فارقا كبيرا. وتصل صادرات كردستان العراق وبغداد إلى أكثر من 8.3 مليون برميل. وأضاف طالباني: «لا أعتقد أنه حساب نفكر فيه أو يفكرون فيه لأنه لا يغير المعادلة بالنسبة لأي أحد». وتابع: «في ظل سعر النفط هذا، فإن مئات الآلاف من البراميل هنا أو هناك لن تحل مشكلات بغداد ولن تحل مشكلاتنا. يجب أن نفكر في صيغة أخرى لحل مشكلاتنا الاقتصادية».
ولم ينفذ على نحو ملائم اتفاق أبرم العام الماضي ونص على أن تصدر حكومة إقليم كردستان العراق 550 ألف برميل نفط خام عبر شركة سومو الحكومية العراقية للتسويق النفطي مقابل صرف حصتها في الميزانية. وتتضمن ميزانية العراق لعام 2016 نفس الترتيب، لكن طالباني أشار إلى أن حكومة إقليم كردستان العراق لا تعتزم تنفيذه. وقال: «حقيقة أن السيطرة لا تزال في يد الحكومة المركزية بنسبة مائة في المائة وغياب الوضوح بشأن حصتنا في الميزانية وكيفية حسابها ستمنعنا من تنفيذ ما كتب في ميزانية 2016». وأضاف: «لا نريد استبعاد اتفاق لكن نريد اتفاقا عادلا». وأشار إلى أنه يجب ألا ينص على أن تصدر حكومة إقليم كردستان العراق النفط عبر سومو.
وبعد انتعاشة اقتصادية بدافع النفط في أعقاب الغزو الأميركي للعراق عام 2003 يتخذ إقليم كردستان العراق قرارات خفض للإنفاق وإصلاحات اقتصادية ويبحث أيضًا جهودا لزيادة العوائد غير النفطية.
وفي ديسمبر (كانون الأول) خفضت حكومة كردستان العراق بدلات الوزراء والمسؤولين الآخرين بما يصل إلى 50 في المائة وألغت امتيازات لكبار الموظفين، وقال طالباني إن تغييرات أكبر ستحدث. وأضاف: «لم نفلس بعد، لكن إذا لم ننفذ إصلاحات هيكلية وفعلية فإن الوضع الحالي ليس مستداما».
وستستهدف الإصلاحات ثلاثة مجالات أساسية وهي دعم الوقود وقطاع الكهرباء ورواتب القطاع العام التي تكلف الإقليم 875 مليار دينار عراقي (804 ملايين دولار) شهريا.
وقال طالباني إن حكومة إقليم كردستان العراق فتحت السوق النفطية أمام الشركات الخاصة وستفكر في بيع أجزاء من قطاع الكهرباء. وتابع: «هذا تسونامي. إما أن يكون لنا رد فعل ونرد عليه أو يجرفنا تحته. الخطوة الأولى هي منع السفينة من الغرق». وأضاف أن الإقليم الذي يرزح تحت نير ديون تتراوح بين 15 و18 مليار دولار يفكر في سبل جمع أموال من الخارج مثل القروض الميسرة وخطط الإنقاذ المالي واتفاقات دفع مسبق وتسييل أصول من بينها البنية الأساسية النفطية.
وتعرقلت خطط لإصدار سندات باليورو بقيمة 500 مليون دولار العام الماضي بسبب تراجع أسعار النفط وتفاقم التوترات السياسية لكن يمكن إحياؤها في المستقبل. وقال طالباني: «لم ننبذ هذه الفكرة بالتأكيد لكننا وضعناها جانبا في الوقت الحالي».
ورغم المكاسب التي تحققت على جبهة القتال في الآونة الأخيرة قال طالباني إنه لا يتوقع شن هجوم لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل الشمالية هذا العام وأضاف: «لا أعتقد أن القوات المسلحة العراقية مستعدة». وأكد أن قوات البيشمركة ستلعب دورا في الهجوم وقتما يحدث، لكن الجيش العراقي يجب أن يتولى القيادة، موضحًا أنه يجب بذل المزيد من الجهود في الوقت الحالي لإيجاد حل سياسي وقال: «لا أرى أي سبيل لمصالحة سياسية في العراق». وأشار إلى أن تهميش السنة يزداد وانعدام ثقة الشيعة في نيات السنة أصبح أكبر. وتابع: «كلها عوامل ستؤدي إلى إبطاء تقدمنا في الحرب للقضاء على (داعش) وتدميره في نهاية المطاف».
نائب رئيس وزراء كردستان: تسونامي اقتصادي يهدد الإقليم بالغرق ويقوض حرب «داعش»
قباد طالباني أكد أن القوات العراقية ليست مستعدة لاستعادة الموصل في 2016
نائب رئيس وزراء كردستان: تسونامي اقتصادي يهدد الإقليم بالغرق ويقوض حرب «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة