«أطباء بلاد حدود»: 5 وفيات جديدة في مضايا بسبب الجوع.. وعشرات المرضى على شفير الموت

النظام السوري يتكبّد 35 قتيلاً في دير الزور ويعد لشنّ هجوم واسع على حلب

أحد جنود النظام السوري يراقب سكانا من مضايا يحاولون الفرار أمس من الحصار (رويترز)
أحد جنود النظام السوري يراقب سكانا من مضايا يحاولون الفرار أمس من الحصار (رويترز)
TT

«أطباء بلاد حدود»: 5 وفيات جديدة في مضايا بسبب الجوع.. وعشرات المرضى على شفير الموت

أحد جنود النظام السوري يراقب سكانا من مضايا يحاولون الفرار أمس من الحصار (رويترز)
أحد جنود النظام السوري يراقب سكانا من مضايا يحاولون الفرار أمس من الحصار (رويترز)

كشفت منظمة «أطباء بلا حدود» عن 5 وفيات جديدة من الجوع في بلدة مضايا السورية المحاصرة، بمحافظة ريف دمشق، منذ وصول قوافل المساعدات الإنسانية إلى البلدة. وحذرت من أن عشرات المرضى على شفير الموت ما لم يجر إخلاؤهم ومعالجتهم في مكان آمن. ومن جهة ثانية، شهدت محافظة حلب في شمال سوريا معارك ضارية بين فصائل المعارضة المسلّحة وقوات النظام المدعومة بغطاء جوي روسي وقصف عنيف لمواقع المعارضة، وقتل 35 عصرًا من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها خلال اشتباكات مع تنظيم داعش في مدينة دير الزور ومحيطها بمحافظة دير الزور في شرق سوريا.
منظمة «أطباء بلا حدود» كانت قد دعت إلى «إخلاء طبي لثمانية عشر مريضًا من بلدة مضايا حياتهم مهددة بشكل طارئ». وشددت على «ضرورة نقلهم هؤلاء إلى أماكن آمنة لتلقي العلاج خصوصا أن حالاتهم الطبية حرجة بسبب سوء التغذية وتفاديًا لسقوط مزيد من الضحايا». وأعلن أطباء مدعومون من قبل المنظمة، يعملون من ضمن الفرق الطبية داخل البلدة المحاصرة عن «وفاة خمسة أشخاص من الجوع منذ وصول القافلة الإنسانية الأولى التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري إلى البلدة، في 11 شهر يناير (كانون الثاني) الحالي».
وأعرب مدير العمليات في منظمة «أطباء بلا حدود» بريس دو لافين عن صدمته حيال الوضع المأساوي في مضايا، فقال: «لا يزال المرضى يموتون على الرغم من وصول قافلتين إنسانيتين كبيرتين، وبعض المرضى الموجودين حاليًا في مضايا قد لا يبقون ليوم إضافي على قيد الحياة، لذلك يعدّ الإخلاء الطبي الفوري للحالات المرضية الحرجة وللمصابين بسوء التغذية أمرًا محتمًا يجب أن يتم على الفور». ورأى دو لافين أنه «من الصعب لأحد أن يتفهم كيف لم يجر بعد إخلاء المرضى الذين يصارعون للبقاء على قيد الحياة، يجب ألّا يعيق أي شيء عملية إخلائهم»، مناشدًا الأطراف المتنازعة والمنظمات المعنية بإدخال قوافل المساعدات «بذلَ كل الجهود الممكنة لتسريع عمليات الإخلاء كعمل إنساني يهدف لإنقاذ حياة الأبرياء».
إلى ذلك، حدّد الأطباء المدعومون من قبل «منظمة أطباء بلا حدود» ثماني عشرة حالة حرجة تحتاج الإخلاء الطبي الفوري وإلا سيكون مصيرها الموت المحتم. كما سيحتاج عدد أكبر من المرضى إلى إخلاء طبي أو رعاية طبية متخصصة وذات خبرة في معالجة سوء التغذية في الأيام المقبلة». وتنصح المنظمة بإخلاء النساء الحوامل والمرضعات من هذا الحصار. بينما رفع دو لافين مستوى الإنذار إلى أقصى درجاته، مؤكدًا أن «بعض المرضى الذين يحتاجون إلى استشفاء طارئ هم على شفير الموت إذا لم يتأمن إخلاؤهم على الفور، في وقت يجب استكمال النشاطات الطبية الأخرى في الأيام المقبلة».
أما على صعيد العمليات العسكرية، فقد قتل أمس السبت 35 عنصرًا من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها في هجوم شنه تنظيم داعش، وحسب الصحافة الفرنسية فقد «قتل 35 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم ثمانية أعدموا بالرصاص، في هجوم التنظيم على محاور عدة في مدينة دير الزور ومحيطها»، مشيرا إلى أن عناصر التنظيم المتطرف «تسللوا إلى شمال شرقي المدينة واستولوا على حي البغيلية، وأصبحوا يسيطرون حاليًا على نحو 60 في المائة من المدينة».
إلى ذلك، أعلن «المرصد» أن اشتباكات عنيفة دارت بين القوات النظامية ومقاتلي «داعش» مترافقة مع غارات روسية مكثفة في محافظة حلب في شمال البلاد، لافتًا إلى أن «المعارك دارت في ريف حلب الشمالي، جنوبي مدينة الباب، حيث نجحت قوات النظام خلال اليومين الماضيين في استعادة ست قرى ومزارع عدة»، مشيرا إلى أنها «لا تزال تبعد عن مدينة الباب عشرة كيلومترات». وأوضح أن «المواجهات تزامنت مع غارات جوية مكثفة شنتها الطائرات الحربية الروسية دعما لقوات النظام في المنطقة».
وعلى الجبهات الأخرى، تتواصل الاشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة في ريف حلب الجنوبي الغربي، وخصوصا في محيطة بلدة خان طومان، التي سيطرت عليها قوات النظام في 20 ديسمبر (كانون الأول) . وتخوض القوات النظامية عمليات عدة في محافظة حلب، بهدف قطع طريق الإمدادات عن الفصائل المسلحة في مدينة حلب. وقال قائد ميداني في جيش النظام لوكالة الصحافة الفرنسية إن «محافظة حلب ستشهد أكبر عملية عسكرية في سوريا منذ أن بدأت الحرب». وأوضح أن جيشه «يقاتل حاليا على سبع جبهات مفتوحة في وقت واحد». لكن الوكالة نقلت عن مصدر أمني سوري مطلع على العمليات العسكرية في محيط مدينة حلب، قوله إن «الجيش يهدف من خلال عملياته إلى توسيع دائرة الأمان حول المدينة بشكل رئيسي، وفصل مسلحي الريف وإمدادهم عن مسلحي المدينة».
أما في ريف محافظة حماه الجنوبي، فقد تمكن مقاتلو المعارضة من قتل كثير من عناصر قوات الأسد بينهم ضابط خلال التصدي لمحاولة التقدم على جبهة بلدة حربنفسة. وأفاد موقع «الدرر الشامية» المعارض، أن اشتباكات عنيفة دارت على جبهة حربنفسة بين الثوار وقوات الأسد إثر محاولة الأخيرة التقدم لاقتحام البلدة تحت غطاء جوي روسي وقصف كثيف بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة. وأضاف «أن كتائب الثوار تمكنت من التصدي للحملة العسكرية واستعادة السيطرة على حاجز ‫‏المداجن بالكامل في محيط بلدة ‏حربنفسة، إضافة إلى قتل كثير من عناصر قوات الأسد»، مؤكدًا أن «الثوار استهدفوا بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة تجمعات ميليشيات الأسد في قرية جدرين بريف حماه الجنوبي وحققوا إصابات مباشرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».