الأمم المتحدة تتريث قبل إرسال الدعوات لمفاوضات جنيف وتعول على لقاء كيري ـ لافروف

«مجلس سوريا الديمقراطية» يطالب بالمشاركة بوفد مستقل

إسعاف سوري أصيب بغارة على مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)
إسعاف سوري أصيب بغارة على مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تتريث قبل إرسال الدعوات لمفاوضات جنيف وتعول على لقاء كيري ـ لافروف

إسعاف سوري أصيب بغارة على مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)
إسعاف سوري أصيب بغارة على مدينة دوما التي تسيطر عليها المعارضة أمس (أ.ف.ب)

يبدو أن الدوائر المختصة في الأمم المتحدة تتريث قبل إرسال الدعوات للأطراف المعنية بالمفاوضات السورية - السورية المرتقبة في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي، لتفادي أي مواقف سلبية تؤخر انطلاق عجلة العملية السياسية في سوريا، وهي تعول على نتائج اللقاء المنتظر بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأميركي جون كيري، في العشرين من الشهر الحالي لتعبيد الطريق أمامها لإتمام الخطوات التقنية في هذا الاتجاه.
مصادر في الأمم المتحدة رفضت في حديث مع «الشرق الأوسط» نفي أو تأكيد ما يجري تداوله عن أن المفاوضات في 25 الشهر الحالي باتت بحكم المؤجلة، غير أن مصدرًا قال إنه من المعارضة السورية ذكر لوكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء أن القائمة النهائية للمعارضة التي ستشارك في المباحثات المرتقبة بجنيف، قد يتم تشكيلها خلال الاجتماع المقبل بين الوزيرين سيرغي وكيري، وفصّل أنه «لم يتم التوصل إلى اتفاق حول قائمة المشاركين، بل ستجري مناقشة هذا الموضوع، وأعتقد، أنه من الممكن وضع اللمسات الأخيرة في العشرين من الشهر الحالي خلال اجتماع لافروف وكيري». ورجّح المصدر أن تتألف القائمة من مجموعتين: «الأولى التي تم اقتراحها خلال اجتماع الرياض، والثانية التي اقترحتها موسكو والقاهرة».
جدير بالذكر أن موسكو تدفع باتجاه ضم كل من رئيس «الاتحاد الديمقراطي» الكردي صالح مسلم والرئيس المشترك لـ«المجلس السوري الديمقراطي» هيثم منّاع ورئيس «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» قدري جميل إلى الوفد المعارض المفاوض الذي شكلته الهيئة العليا للتفاوض التي انبثقت عن مؤتمر الرياض.
وفي هذا السياق، قال علاء الدين الخالد، عضو هيئة الرئاسة، لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، الذراع السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المؤلفة بمعظمها من الأكراد، والمنسق العام لـ«التحالف الوطني الديمقراطي السوري»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللقاء المنتظر بين كيري وﻻفروف في مدينة زيوريخ سيحدد ما إذا كانت المفاوضات ستكون منتجة وتعقد في موعدها أم لا»، ولفت إلى أن «واشنطن تتمسك ظاهريا بثنائية المفاوضات ما بين النظام ووفد المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض، وذلك على اﻷقل مسايرة لحلفائها الإقليميين، أما موسكو فتصر على ثلاثية المفاوضات ما بين النظام ووفد المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض ووفد مجلس سوريا الديمقراطية لقوى المعارضة». وتابع الناصر: «فإذا أصر الطرفان على موقفهما، فالفشل سيكون نصيب جنيف 3 أسوة بجنيف 1 و2، خصوصا أنه سيكون للنظام ذريعة قوية مفادها أن وفد المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض ﻻ يمثل جميع مكونات وأطياف الشعب السوري». وأشار الخالد إلى أنه «إذا جرت المفاوضات الثلاثية وفق مقترح الروس، فذلك يشير إلى بوادر للحل السياسي السوري»، مشددا على أن «مجلس سوريا الديمقراطية لن يقبل بالمشاركة في هذه المفاوضات باسم مؤتمر الرياض، ويطالب بأن يكون ضمن وفد مستقل».
بالمقابل، أكد هشام مروة، نائب رئيس «الائتلاف» السوري المعارض لـ«الشرق الأوسط»، أن الائتلاف لن يقبل على الإطلاق بتدخل أي طرف بوفد المعارضة الذي شكلته الهيئة العليا للتفاوض في الرياض، «باعتبار أن هذه الهيئة تمثل كل أطياف المعارضة وفي يدها حصرا تسمية الفريق التفاوضي»، متحدثا عن «معلومات متضاربة حول ما إذا كان سيتم تأجيل موعد المفاوضات». وأردف «الطرف الأميركي يشدد على وجوب انعقاد المحادثات في موعدها، إلا أنه يبدو أن هناك من يسعى لعدم انطلاق عجلة العملية السياسية».
هذا، ولم تتلق الهيئة العليا حتى الساعة أي دعوات للمشاركة في المفاوضات، علما بأن أكثر من 30 من أعضائها شاركوا بدورة تدريبية في الرياض استمرت أسبوعا كاملا لإتقان آليات التفاوض واستراتيجياته. ولا تزال معظم قوى المعارضة والفضائل المقاتلة تشدد على وجوب أن يسبق انطلاق المفاوضات إجراءات بناء ثقة تبدأ بتطبيق البنود 12 و13 من القرار الأممي رقم 2254. وفي هذا الإطار قال مروة: «نحن لا نضع شروطا بل نسعى لأن يكون تطبيق هذه البنود مقدمة لعملية التفاوض».
وتطالب المعارضة بفك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة وتمكين الوكالات الإنسانية من توصيل المساعدات إلى جميع من هم في حاجة إليها، والإفراج عن جميع المعتقلين، ووقف عمليات القصف الجوي والمدفعي والهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية، قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، بينما يطالب النظام السوري الذي أعرب للمبعوث الأممي ستافان دي ميستورا جهوزيته للمشاركة بالعملية التفاوضية، بالاطلاع على وفد المعارضة المفاوض والحصول على قائمة بأسماء الجماعات التي ستُصنف كإرهابية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».