الصين تلجأ للشرق الأوسط.. قبل الدخول في مرحلة «التحفيز المالي»

بكين تطلق «البنك الآسيوي للاستثمار» بعضوية 57 دولة

الصين تلجأ للشرق الأوسط.. قبل الدخول في مرحلة «التحفيز المالي»
TT

الصين تلجأ للشرق الأوسط.. قبل الدخول في مرحلة «التحفيز المالي»

الصين تلجأ للشرق الأوسط.. قبل الدخول في مرحلة «التحفيز المالي»

احتلت الصين الجزء الأكبر من الأحداث والأخبار الاقتصادية منذ بداية العام الحالي، سواء متأثرة أو مؤثرة حتى طالت تأثيراتها جميع أسواق العام، نتيجة التخوفات العالمية من تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد بيانات مالية صينية تدعم هذا الاتجاه؛ فبجانب التحدي المتمثل في الحد من تقلبات السوق المالية، تواجه الحكومة الصينية معركة شاقة لتحقيق معدل نمو اقتصادي سنوي يبلغ في المتوسط 6.5 في المائة على الأقل في الفترة من 2016 إلى 2020، وهو أبطأ معدل في ربع قرن.
وفي أول زيارة رسمية للرئيس الصيني تشي جين بينغ، منذ توليه الحكم عام 2013، لمنطقة الشرق الأوسط يزور خلالها كلاً من السعودية ومصر وإيران، يوم 19 حتى 23 يناير (كانون الثاني) الحالي، وفق ما أعلنت عنه وزارة الخارجية الصينية، تبرز أهمية الشرق الأوسط في الحفاظ على الاستثمارات الصينية في المنطقة، وبالتالي توازن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الأمر الذي قد يقلل من المخاطر الاقتصادية التي تحدق بالصين، والتي برزت آخرها في تحذيرات من صندوق النقد الدولي بدعوة الحكومة الصينية إلى اللجوء لـ«لتحفيز المالي»، إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن.
وحث صندوق النقد الدولي، الصين على المزيد من الوضوح بشأن سياسة سعر الصرف، مضيفًا أن تحركات الصين لإعادة موازنة اقتصادها تواجه مشكلات، ورأي صندوق النقد بشأن الأسس الاقتصادية للبلاد سيبقى بلا تغيير. وقال يوم الخميس الماضي: «إذا لم تتمكن بكين من بلوغ المستويات التي تستهدفها للنمو، فإن صندوق النقد سيوصي بتحفيز مالي» لإنعاش الاقتصاد.
وتعتمد الصين (أكبر مستهلك عالمي للنفط) على منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا السعودية، في إمداداتها من الخام، إلا أن المنطقة شهدت مؤخرًا، توترات إقليمية متشعبة، أبدت الصين انزعاجها من تصاعدها وسعت للمساهمة في حلها.

* الرياض وبكين
وتعد السعودية أكبر شريك تجاري للصين في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، وكذلك الأهم في غرب آسيا وأفريقيا، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما خلال الأعوام العشرة السابقة، منذ عام 2005 حتى 2014، نحو 1.67 تريليون ريال (451 مليار دولار).
وسجّل الميزان التجاري بين السعودية والصين خلال عام 2014، فائضًا قيمته 74 مليار ريال (20 مليار دولار) لمصلحة السعودية؛ أي ما يعادل 30 في المائة من إجمالي التبادل التجاري بين البلدين. ومثلت الواردات من الصين خلال 2014 نحو 22 في المائة من إجمالي الواردات للعام نفسه، البالغ قيمتها نحو 651.9 مليار ريال (176.1 مليار دولار)، بزيادة تقدر بنحو 3.4 في المائة عن العام السابق. ومعظم صادرات السعودية إلى الصين هي عبارة عن بترول.
ويبلغ عدد المشاريع السعودية - الصينية المشتركة نحو 88 مشروعًا برأسمال مستثمر فيها بلغ نحو 537 مليون دولار.
ووصل الناتج المحلي الإجمالي للسعودية عام 2014 إلى نحو 752 مليار دولار أميركي بمعدل نمو 3.59 في المائة مقارنة بالعام المالي الذي سبقه.
ويبلغ حجم الاستثمارات الصينية في السعودية في نهاية 2014، نحو 5.6 مليار دولار من خلال عدد الشركات الصينية العاملة في السعودية التي يصل عددها إلى 150 شركة.
واجتذبت الصين 126.3 مليار دولار، بما يعادل 781.4 مليار يوان، في صورة استثمارات أجنبية مباشرة غير مالية في 2015 بزيادة 6.4 في المائة عن 2014 على الرغم من تباطؤ الاقتصاد.

* اهتمامات مصرية
وعلى الجانب المصري، قال حسام القاويش، الناطق باسم الحكومة المصرية، إن الرئيس الصيني سيبحث مع المسؤولين المصريين الاستثمارات الممكنة في مشاريع البنية التحتية في مصر في مجالات النقل والكهرباء والإسكان والزراعة، ومن هذه المشاريع مد خطوط للسكك الحديد بقيمة 1.5 مليار دولار.
وبالتزامن مع الزيارة، أعلنت شركة «تيدا مصر» الصينية، بدء العمل في تنمية المنطقة الصناعية بشمال غربي خليج السويس، التابعة لمحور تنمية قناة السويس، وبذلك تكون أول منطقة يبدأ العمل في تنميتها في المحور.
وقال جاني شا، رئيس الشركة التي أنشأتها «تيدا مصر» خصيصًا للمنطقة الاقتصادية، إن الشركة ستضخ استثمارات بنحو 230 مليون دولار لتنمية وتطوير المنطقة، البالغة مساحتها 6 كيلومترات مربعة.
وستضم المنطقة التي سيتم تطويرها أنشطة صناعية وتجارية وترفيهية، ويتوقع شا أن تجذب نحو مائة شركة صناعية باستثمارات إجمالية 2 مليار دولار، وسوف يصل حجم أعمالها إلى ما بين 8 و10 مليارات دولار، وستوفر ما بين 30 و40 ألف فرصة عمل.
وانتهت الشركة الصينية بالفعل من تطوير 1.3 كيلومتر، كانت قد حصلت عليها قبل سنوات، قبل ظهور محور تنمية قناة السويس. وبلغت استثماراتها مائة مليون دولار، وجذبت 33 شركة صناعية باستثمارات مليار دولار، ووصلت قيمة إنتاجها السنوي 150 مليون دولار، وفقًا لما قالته نهلة عماد، مديرة التسويق بـ«تيدا مصر».
وقال ليو أيمين، رئيس «تيدا مصر»، إن الرئيس الصيني سيقوم بافتتاح المرحلة التوسعية خلال زيارته لمصر الأسبوع الحالي.
وأبدت الصين نيتها زيادة الشراكة في المجال الصناعي وعملية إنشاء الموانئ وخطوط السكك الحديدية ومنطقة السويس الاستثمارية وفي مجال الحديد، مع مصر خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي.

* البنك الآسيوي للاستثمار
وعلى صعيد متصل لإنعاش الاقتصاد الصيني، تم إطلاق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، أمس (السبت)، وهي المبادرة التي تقودها الصين لتحفيز التنمية في المنطقة، فضلاً عن إصلاح نظام إدارة الاقتصاد العالمي الذي يسيطر عليه الغرب، ويقع مقر البنك في بكين، ويضم في عضويته 57 دولة من ضمنهما السعودية ومصر، والصين أكبر مساهم فيه.
ورفضت الولايات المتحدة واليابان الانضمام، ولكن الحلفاء الغربيين حتى الرئيسيين، وتحديدًا بريطانيا وألمانيا وفرنسا، تحدوا رغبات واشنطن لعزل الصينيين، وقرروا الانضمام إلى البنك.
وتعتبر المبادرة الجديدة تحديًا مباشرًا لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين تهيمن عليهما الولايات المتحدة، فضلاً عن البنك الآسيوي للتنمية الذي تهيمن عليه اليابان. ويبدأ البنك عمله برأسمال يبلغ مائة مليار دولار؛ أي ما يعادل نحو ثلثي رأسمال البنك الآسيوي للتنمية ونصف رأس المال البنك الدولي. وسيمول البنك السكك الحديدية والطرق والكهرباء وغيرها من مشروعات البنى التحتية في مناطق مختلفة في آسيا. وترأس الرئيس الصيني مراسم الافتتاح، وقال: «هذه لحظة تاريخية». وانتخب وزير المالية لو جيوي رئيسًا لمجلس إدارة البنك. وتم اختيار جين لي تشون الرئيس التنفيذي السابق لبنك التنمية الآسيوي، ليكون أول رئيس للبنك الجديد. ووصف لو إطلاق البنك بأنه علامة فارقة في عملية تستهدف إصلاح نظام الحكم الاقتصادي العالمي، الذي تهيمن عليه القوى الغربية الكبرى.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».