موسكو تعلن «تحرير» 217 بلدة سورية من «داعش».. وتبدأ عمليات جوية مشتركة مع دمشق

مراقبون قالوا إنها تسعى لتمتين قاعدتها شرق المتوسط

موسكو تعلن «تحرير» 217 بلدة سورية من «داعش».. وتبدأ عمليات جوية مشتركة مع دمشق
TT

موسكو تعلن «تحرير» 217 بلدة سورية من «داعش».. وتبدأ عمليات جوية مشتركة مع دمشق

موسكو تعلن «تحرير» 217 بلدة سورية من «داعش».. وتبدأ عمليات جوية مشتركة مع دمشق

أعلنت روسيا يوم أمس الجمعة أنّها «حررت» 217 بلدة سورية من تنظيم داعش وأراضي تتجاوز مساحتها ألف كيلومتر مربع، خلال 100 يوم من العملية التي ينفذها سلاحها الجوي في سوريا. في حين أفيد لأول مرة عن انطلاق عمليات جوية مشتركة بين روسيا والنظام السوري من خلال توفير طائرات الأخير غطاءً جويًا لطائرات روسية من طراز سوخوي «سو - 25» أثناء تأديتها مهامها القتالية. كانت موسكو قد كشفت قبل ساعات أنها وقّعت في أغسطس (آب) الماضي اتفاقًا مع النظام السوري يقضي بمنحها الضوء الأخضر لوجود عسكري «مفتوح» في سوريا. ونشرت الحكومة الروسية نص الاتفاق الذي يتحدث عن «فترة غير محدودة في الزمن» للتدخل العسكري. وبموجب بنود الاتفاق، فإن روسيا نشرت طائرات وجنودا في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية ضمن المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وذلك حسب زعمها بهدف «الدفاع عن سيادة وأمن ووحدة أراضي روسيا الاتحادية والجمهورية العربية السورية». رياض قهوجي، المدير التنفيذي لـ«مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري»، لم يستغرب في حوار مع «الشرق الأوسط» أن تكون موسكو ودمشق وقعتا اتفاقا مماثلا، «باعتبار أنّه لم يعد هناك دولة في سوريا، والنظام هناك مستمر نتيجة الدعم الإيراني بعدما فقد السيطرة عن معظم الأراضي السورية وبات نصف شعبه بالشتات». وأضاف: «الأرض السورية أرض مفتوحة اليوم، وهي فرصة لا تعوض لدولة عظمى كروسيا لتفرض وجودها في المنطقة، وتحمي مصالحها وتوسع نفوذها».
وتابع قهوجي موضحًا أن «القاعدة العسكرية البحرية - الجوية التي تمتلكها موسكو شرق البحر الأبيض المتوسط، فيها مخزون مهم من النفط والغاز، كما أن المنطقة بحد ذاتها معبر مهم لمصدّري الطاقة الحيويين من آسيا باتجاه أوروبا، أضف أنّها تقع عند الحدود الشرقية - الجنوبية لحلف الناتو». ثم شرح أن «صواريخ س 400 التي تم نصبها في القاعدة تغطي مجالا جويا كبيرا فوق المتوسط ومن ضمنه عمق تركيا، وهو ما يخلق موازين قوى جديدة بالنسبة لموسكو مع الحلف الأطلسي»، معتبرا أن روسيا «لا تأبه لو وصلت الأمور لحد الإبقاء على النظام السوري ضمن دويلة علوية صغيرة طالما ذلك كاف لتحقيق أهدافها وحماية وتوسيع مصالحها ونفوذها».
وتتقاطع رؤية قهوجي للتوسع الروسي في المنطقة مع ما ذكره المحلل العسكري ألكسندر غولتس الذي اعتبر أن الاتفاق الذي وقعه النظام السوري مع روسيا «يناسب مصالح روسيا»، وأضاف ولتس لوكالة الصحافة الفرنسية، موضحًا «موسكو يمكن أن توقف عملياتها في أي وقت، ولذلك فليس عليها أي مسؤوليات أمام سوريا.. وفي الوقت ذاته يمكن لروسيا أن تبقى هناك المدة التي ترغب في ها. وهذا أمر يعود إلى السلطات الروسية». وبالتزامن مع الإعلان عن توقيع الاتفاق الذي يؤمن وجودًا عسكريًا «مفتوحًا» لموسكو في سوريا، أفيد عن انطلاق عمليات جوية مشتركة بين النظام السوري وروسيا، للمرة الأولى منذ تدخل موسكو عسكريا في سوريا، نهاية سبتمبر (أيلول) 2015. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن طائرات النظام من نوع ميغ - 29. وفرت غطاءً جويًا لطائرات روسية من طراز سوخوي سو - 25: «أثناء قيامها بغارات جوية على أهداف الإرهابيين»، الأمر الذي أكدته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا». وقالت الوزارة في بيان لها إن طواقم طائرات روسية وسوريا، نفذوا مهمة قتالية مشتركة في سماء سوريا، مضيفة أن المقاتلات السورية حلّقت من المطار العسكري في المنطقة المحددة والتقت القاذفات الروسية الآتية من قاعدة حميميم الجوية. ورافقت المقاتلات السورية الطائرات القتالية الروسية طوال المهمة، حتى عادت إلى القاعدة، بحسب البيان، الذي لم يحدد مكان وتاريخ الطلعات. ولقد زار طيارون سوريون قاعدة حميميم العسكرية في اللاذقية، في وقت سابق، وفق وكالة «سبوتنيك» الروسية، كما ناقشوا مع الطيارين الروس قواعد الاتصالات فيما بينهم أثناء القيام بمهمات قتالية مشتركة.
وفي هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الطائرات الحربية الروسية في سوريا نفذت منذ بدء العملية العسكرية الجوية 5662 طلعة قتالية، مضيفة أنه خلال هذه الفترة تم «تحرير» 217 بلدة من أيدي عناصر «داعش». وقال سيرغي رودسكوي رئيس إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان الروسية في مؤتمر صحافي عقده يوم أمس الجمعة إنه «خلال 100 يوم من العملية التي يجريها سلاح الجو الروسي تم تحرير 217 بلدة من أيدي (داعش) وأراض تتجاوز مساحتها ألف كيلومتر مربع». وذكر أن السكان يعودون تدريجيا إلى البلدات التي تم تحريرها ويعملون على استعادة الحياة السلمية في تلك المناطق. وأضاف رودسكوي أن العسكريين الروس تمكنوا من «إقامة حوار مع المعارضة السورية الوطنية - حسب تعبيره - التي تسلم الجيش الروسي إحداثيات مواقع تنظيم داعش الإرهابي»، موضحا أن «المعارضة السورية تعد مصدر نحو خمس المعلومات عن مواقع الإرهابيين التي يتلقاها الجانب الروسي، بالإضافة إلى ما يقدمه مركز التنسيق العملياتي في بغداد وقيادة الجيش السوري». وكشف المسؤول الروسي في إشارة إلى الفصائل المتعاونة مع النظام لكنها مع ذلك تدعي أنها من المعارضة أن «قوات المعارضة السورية الديمقراطية التي تعمل مع وحدات الجيش السوري ضد الإرهابيين، تضم حاليا ما يربو على 10.5 ألف فرد»، لافتا إلى أنها «شاركت بنشاط في تحرير مدينة سلمى التي كانت تعد أحد أهم معاقل (داعش) في ريف اللاذقية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».