تقدم النظام بريف اللاذقية يهدد سيطرة المعارضة في سهل الغاب وجسر الشغور

إردوغان يتهم روسيا بالإعداد لخلق «دويلة» سورية حول محافظة اللاذقية

تقدم النظام بريف اللاذقية يهدد سيطرة المعارضة في سهل الغاب وجسر الشغور
TT

تقدم النظام بريف اللاذقية يهدد سيطرة المعارضة في سهل الغاب وجسر الشغور

تقدم النظام بريف اللاذقية يهدد سيطرة المعارضة في سهل الغاب وجسر الشغور

هدّد تقدم القوات الحكومية السورية وحلفائها في بلدة سلمى، عاصمة قوات المعارضة في ريف اللاذقية، بإضعاف جبهات جسر الشغور وسهل الغاب في ريفي إدلب وحماه الغربيين، بالنظر إلى أن المرتفع الجبلي الذي يقع عليه مصيف سلمى في جبل الأكراد، يشرف على القرى والبلدات في أسفله إلى الشرق من جبال اللاذقية، والقريبة من الحدود التركية.
وإلى جانب هذا الاعتبار الاستراتيجي، تسكن منطقة جبلي الأكراد والتركمان المحاذيين للحدود التركية، أغلبية تركمانية معارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي تقدمت قواته، بمؤازرة من سلاح الجو الروسي الذي نفذ عشرات الضربات الجوية خلال اليومين الماضيين، ما أسهم بشكل رئيسي في تقدم القوات النظامية وقوات الدفاع الوطني الحليفة.
واستدعى هذا التقدم تحذيرًا من القيادة التركية، إذ قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس الثلاثاء، إن روسيا تعد الساحة لخلق «دويلة» سورية حول محافظة اللاذقية وأنها تنفذ هجمات تستهدف التركمان هناك. وانتقد إردوغان إيران أيضا خلال كلمة في أنقرة للسفراء الأتراك، قائلاً «إنها تستغل التطورات في دول مثل سوريا والعراق واليمن لتوسيع نطاق نفوذها وتحاول إشعال عملية خطيرة باتخاذها موقفا يحول الخلافات الطائفية إلى صراع».
وأعلن النظام السوري وقوات المعارضة أمس، تقدم القوات الحكومية في مصيف سلمى، ودخول البلدة الجبلية في جبل الأكراد، بعد يومين من التقدم في التلال الاستراتيجية المحيطة فيها، إثر ضربات جوية وصاروخية مكثفة.
وقال القيادي العسكري المعارض في اللاذقية العقيد أحمد رحال لـ«الشرق الأوسط»، إن السيطرة على سلمى «لم تتحقق بعد، رغم أن قوات النظام دخلت أجزاء منها»، مشيرًا إلى أن «الاشتباكات متواصلة، وهناك معارك كر وفر تحصل بين الطرفين»، لكنه توقّع أن تسيطر عليها القوات الحكومية «لأن هناك قدرة بشرية على تحمل القصف المكثف وطاقة على الصمود».
وأوضح رحال أن البلدة التي تسيطر عليها المعارضة منذ أكثر من ثلاث سنوات «تتعرض لهجوم ضخم مهدت له القوات الروسية بتنفيذ قصف جوي عنيف ناهز الـ300 ضربة جوية خلال الأيام الماضية استهدفت مناطق في جبلي الأكراد والتركمان المحاذيين»، قائلاً إن الطيران الروسي «أحرق المنطقة وهدمها، إلى جانب القصف الصاروخي الذي ناهز المائتي قذيفة كل ثلاث دقائق». ويطلق الناشطون السوريون في الشمال على سلمى لقب «بلدة المليون برميل»، في إشارة إلى تعرضها منذ ثلاثة أعوام لحملات جوية عنيفة بالبراميل المتفجرة، وكانت من أولى المناطق التي تتعرض للقصف بهذا النوع من الذخائر.
من جهته، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن اشتباكات عنيفة «اندلعت داخل بلدة سلمى المعقل الرئيسي للفصائل في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، بين حزب الله اللبناني وقوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني وكتائب البعث ومسلحين موالين من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من جهة، والفرقة الأولى الساحلية وحركة أحرار الشام الإسلامية وأنصار الشام والفرقة الثانية الساحلية والحزب الإسلامي التركستاني وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وفصائل إسلامية ومقاتلة أخرى من جهة أخرى، ما أدى لسيطرة الفريق الأول على أجزاء من البلدة».
وتأتي أهمية بلدة سلمى كونها تمكن قوات النظام في حال السيطرة عليها من السيطرة ناريًا على أجزاء واسعة من جبل الأكراد. كما تهدد مناطق نفوذ المعارضة في سهل الغاب بريف حماه الغربي الشمالي، الذي يشهد اشتباكات إثر تقدم المعارضة فيه منذ مطلع الصيف الماضي.
وقال رحال لـ«الشرق الأوسط» إن السيطرة على جبل الأكراد «هو تهديد فعلي لسهل الغاب، كما أن التقدم في جبل التركمان (المحاذي للحدود التركية) الذي تحاول قوات النظام التقدم فيه على محور ربيعة، هو تهديد لجسر الشغور» بريف إدلب الجنوبي الغربي. وطالب رحال «ببناء خطة دفاعية متكاملة يشارك فيها جيش الفتح»، لكنه حمل مسؤولية التراجع العسكري في المنطقة لـ«غياب القيادة العسكرية والسياسية»، وأضاف: «في العلوم العسكرية، لا شيء اسمه مؤازرة. المطلوب أوامر من قيادة عسكرية وليس مؤازرة على طريقة (تويتر)» في إشارة إلى نداءات أطلقت في موقع التواصل الاجتماعي للمؤازرة أمام الهجمات النظامية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».