600 ألف وحدة سكنية عجزًا سنويًا في سوق العقارات بمصر

الشركات العربية تلبي 10 % فقط من الاحتياجات

جانب من تصميمات «مشروع المليون وحدة» في مصر
جانب من تصميمات «مشروع المليون وحدة» في مصر
TT

600 ألف وحدة سكنية عجزًا سنويًا في سوق العقارات بمصر

جانب من تصميمات «مشروع المليون وحدة» في مصر
جانب من تصميمات «مشروع المليون وحدة» في مصر

تزداد الفجوة بين العرض والطلب في سوق العقارات المصرية، يومًا بعد يوم، بزيادة عدد السكان، دون تلبية الطلب المتزايد في القطاع، الأمر الذي رفع الفجوة بين العرض والطلب حتى وصلت إلى 600 ألف وحدة سكنية مطلوبة سنويًا، مقابل أقل من مائة ألف وحدة معروضة لفئة فوق المتوسط والفاخر.
وتعد مصر سوقا كبرى، نظرًا للنمو السكاني، وما يصاحبه من طلب ضخم على الوحدات العقارية، مما يولد فرصًا استثمارية كبرى للشركات العقارية المحلية والإقليمية، على خلفية زيادة حالات الزواج في مصر عام 2015 إلى مليون حالة، وهو ما يوضح حجم الطلب الكبير على الوحدات السكنية.
وكان وزير الإسكان المصري، مصطفى مدبولي، قد كشف مؤخرًا عن وجود 25 مدينة جديدة بمجموع مساحات تبلغ 900 ألف فدان في مواقع عدة، لافتًا إلى أن أبرز المشاريع الجديدة في مصر هو مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الامتداد الحضاري والحديث للعاصمة القاهرة بمساحة 190 ألف فدان، وكذلك مشروع بمدينة السادس من أكتوبر على مساحة 10 آلاف فدان، وسيطلق عليه «مدينة الملك سلمان»، وأشار الوزير المصري إلى أن نحو 25 شركة استثمار عقاري سعودية أبدت ترحيبًا كبيرًا بالاستثمار في هذه المشروعات.
ومقابل الزيادة المستمرة في الطلب على الوحدات السكنية في مصر، وعد صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية، بالبدء فورًا في دراسة وتقييم الفرص الاستثمارية في مصر بعد موافاتهم بدراسات الجدوى وكل البيانات والمعلومات اللازمة عن هذه الفرص، خصوصا في قطاع العقارات.
وتبدي الشركات الخليجية اهتماما كبيرا بالسوق العقارية في مصر، حتى وصل حجم استثمارات شركة «إعمار» إلى ما يزيد على 33 مليار جنيه، وهي الأولى في الاستثمار العقاري بالسوق المصرية حاليا، بالإضافة إلى وجود قوي لمجموعات «الفطيم»، و«الحكير»، و«بن لادن»، و«الشيخ صالح كامل»، و«الشربتلي».
ومشروعات شركة إعمار في «آب تاون كايرو»، و«مراسي»، تحت الإنشاء حاليًا، لا تلبي طلبات الإسكان المحدود والمتوسط وفوق المتوسط، إذ إنها تبدأ من مستويات الوحدات الفاخرة والفيلات التي تناسب أصحاب الأجور المرتفعة.
وتقوم المراكز المصرية التابعة لـ«مجموعة الحكير» السعودية بتنفيذ مشروع مول العرب في ضاحية السادس من أكتوبر، بحجم استثمارات إجمالية للمشروع تبلغ خمسة مليارات جنيه، واتفقت مؤخرًا على إقامة وتشغيل مول تجاري على مساحة مائة ألف متر داخل «مشروع تيجان» غرب القاهرة، الذي تنفذه شركة «مدينة نصر للإسكان والتعمير».
أما شركات «حسن الشربتلي» التي تمتلك «سيتي ستارز» التي تعمل في مصر منذ أكثر من عشرين عامًا، ونجحت في تنفيذ كثير من المشروعات الكبرى منها أكبر مشروع سياحي تجاري ترفيهي سكني إداري متكامل في مصر «سيتي ستارز هليوبوليس بالقاهرة» الذي يحتوي على أكبر مركز تجاري وترفيهي في مصر «ستارز سنتر»، ومجموعة من الفنادق العالمية «إنتركونتيننتال سيتي ستارز القاهرة»، و«هوليداي إن سيتي ستارز»، و«ستاي بريدج سويتس»، وأبراج إدارية «ستار كابيتال»، وحدات إسكان سياحي «ستار ليفنج»، وغيرها من الاستثمارات السياحية والعقارية والتجارية.
كما يمتلك الشيخ صالح كامل شركة رئيس «مجموعة دلة»، وشركة «دلة للتنمية العقارية والسياحية»، ومنتجع «سملا» وعلم الروم» في مرسى مطروح، على مساحة ثمانية كيلومترات، ومشروع «ألماظة إفينيو» ومشروع «هليوبوليس جاردنز» بحي الملتقى العربي في منطقة شيراتون بمصر الجديدة، ومشروع تطوير منطقة فايد، وتنفذ شركة «بن لادن» مشروعين في السادس من أكتوبر والقاهرة الجديدة، بحجم استثمارات تصل إلى نحو 500 مليون جنيه.
مع كل هذا فإن معظم المشروعات العربية التي تم إنشاؤها تخدم فئة معينة، ولا يقدر عليها سوى طبقة معينة، نظرًا لارتفاع أسعارها للغاية، على الرغم من أنها تشهد إقبالاً غير طبيعي من جانب المصريين، لكن هذه الشركات لا تستطيع منافسة الشركات المصرية في الإسكان المتوسط ومحدودي الدخل، والشركات العربية لا تتعدى استثماراتها 10 في المائة من حجم الاستثمارات العقارية في مصر.
يأتي هذا وسط مساهمة الشركات المحلية في تطوير الطرق المؤدية للمدن التي تنشئها، في إشارة إلى شركة «مدينة نصر للإسكان والتعمير»، التي قالت بداية الأسبوع، إنها وقعت بروتوكول تعاون مع وزارة الدفاع وهيئة الطرق والكباري ومحافظة القاهرة، تمهيدًا لاعتماد تعديل المخطط العام للمشروع التابع للشركة (تاج سيتي) في القاهرة الجديدة.
وأضافت الشركة، في بيان للبورصة المصرية، أنه بمقتضى البروتوكول ستساهم شركة مدينة نصر بالتعاون مع وزارة الدفاع في تطوير وتدعيم مشروعات تشييد الطرق والمحاور الرئيسية بالمنطقة المحيطة بالمشروع، بما في ذلك المساهمة في تنفيذ الطريق الداعم للطريق الدائري، لتعزيز سيولة الحركة المرورية في شرق القاهرة ولخدمة مشروع الشركة (تاج سيتي).
وقالت الشركة إن نصيبها من عمليات تطوير وتدعيم الطرق يبلغ 170 مليون جنيه، سددت منها دفعة قدرها 80 مليون جنيه.
وبموجب تعديل المخطط العام ستتم إعادة توزيع استخدامات أرض مشروع «تاج سيتي» التي تبلغ مساحتها الإجمالية 3.5 مليون متر، وتقع بالقرب من مطار القاهرة، بما يسمح بزيادة المساحات الخضراء داخل المناطق السكنية والإدارية في المشروع، بحسب بيان الشركة.
وأشارت الشركة إلى أن المشروع الذي يبلغ حجم استثماراته ثلاثين مليار جنيه يضم مجمعات سكنية وإدارية وفنادق ومطاعم ومراكز رعاية صحية، وأنه يُجرى العمل حاليا في الأعمال الإنشائية.
و«شركة مدينة نصر» هي واحدة من كبرى الشركات العقارية في مصر، ونفذت أغلب المشروعات الكبرى في حي مدينة نصر، وتمتلك الشركة حاليًا مخزونًا كبيرًا من الأراضي في القاهرة بنحو 3.5 مليون متر سيقام عليها مشروع «تاج سيتي»، بالإضافة إلى 5.5 مليون متر على طريق «القاهرة – السويس» بالقرب من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وستقيم عليها مشروع «سراي» متعدد الاستخدامات.
ويتمثل أبرز المشكلات التي تواجه السوق العقارية بمصر في أسعار الأراضي، إذ إن أسعارها هي جزء من المعادلة الكبرى، فإذا تم الوصول إلى أسعار مناسبة للمستهلك سينعكس ذلك على أسعار المنتجات النهائية، وهي أسعار الوحدات السكنية والإدارية والتجارية، ومن ثم فإن توفير الأراضي والتمويل يعدان أهم المشكلات التي تواجه أي سوق عقارية، ويجب القضاء عليهما بإتاحة أكبر قدر من الأراضي في السوق وتوفير سبل التمويل.
وتأتي المشكلة الأخرى في تخوف البنوك من منح التمويل العقاري اللازم في ظل الظروف الراهنة، ويعود ذلك إلى تخوفها من عدم الاستقرار الذي يخيم على الوضع الحالي، إلى جانب تخوفها من سحب الأرض من المطور.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».