منازل البرتغال.. مزيج من الفخامة والحيوية

انخفاض الأسعار في لشبونة يغري الأوروبيين بالشراء

منزل جنوب العاصمة البرتغالية لشبونة يعود إلى القرن الثامن عشر ومعروض للبيع مقابل 1.853 مليون دولار (نيويورك تايمز)
منزل جنوب العاصمة البرتغالية لشبونة يعود إلى القرن الثامن عشر ومعروض للبيع مقابل 1.853 مليون دولار (نيويورك تايمز)
TT

منازل البرتغال.. مزيج من الفخامة والحيوية

منزل جنوب العاصمة البرتغالية لشبونة يعود إلى القرن الثامن عشر ومعروض للبيع مقابل 1.853 مليون دولار (نيويورك تايمز)
منزل جنوب العاصمة البرتغالية لشبونة يعود إلى القرن الثامن عشر ومعروض للبيع مقابل 1.853 مليون دولار (نيويورك تايمز)

شيد هذا المنزل ذو الطابق الواحد المبني بالحجارة والطوب والأخشاب، مع سقف مكسو بالقرميد، على مساحة 2.3 فدان عام 1968، لكنه يستلهم العمارة البرتغالية في القرن الثامن عشر. وفي مدينة سيتوبال الصغيرة على ساحل المحيط الأطلسي، وعلى مسافة تبعد أقل من نصف ساعة بالسيارة جنوب العاصمة لشبونة، يضم المنزل - الذي تبلغ مساحته 3444 قدمًا مربعًا، والمؤلف من 4 غرف نوم و3 حمامات - عدة حجرات ذات أسقف مقببة، كما زينت أجزاؤه الداخلية والخارجية بقطع قرميد أثرية يدوية الصنع تنبض بالحياة.
ويقول «فاسكو سليتو»، مستشار مبيعات يعمل مع دار وساطة «بورتا دا فرينتي - كريستي» الدولية للعقارات، والتي تملك القائمة: «تعود قطع القرميد إلى بداية ووسط القرن الثامن عشر.. فالمالك جامع تحف».
ويحيط ممشى مرصوف بالحصى - تصطف على جوانبه أشجار وجدران يغطيها نبات اللبلاب، ومضمنة رسومات على القرميد - بنافورة مرصعة بقطع قرميد باللونين الأزرق والأبيض. ويفتح المدخل الرئيسي للمنزل على بهو تليه غرفة معيشة بها مدفأة تحرق الأخشاب. وتحتوي غرفة المعيشة على سقف ناتئ من خشب الصنوبر عليه زخارف ملتفة محفورة يدويًا. الأرضيات في مختلف أنحاء المنزل من الحجر الأصلي التقليدي، والنوافذ مزدوجة الإغلاق بمصاريع داخلية. ورغم أن السعر المطلوب ويبلغ 1.7 مليون يورو (نحو 1.853 مليون دولار) لا يشمل الأثاث، فإن بعض القطع قابلة للتفاوض، حسبما يقول السيد سليتو.
ويتاخم غرفة المعيشة مكتب يحتوي أيضًا على مدفأة، ومطبخ مزود بحجرة مؤن، وغرفة طعام رسمية. وتحتوي غرفة الطعام على سقف مقبب من الطوب مدهون باللون الأبيض، بينما يحتوي المطبخ - المطلي باللون الأبيض - على سقف من العوارض الخشبية الثقيلة. المسطحات في المطبخ من الرخام، بينما الجدران مغطاة بقرميد أثري باللونين الفيروزي والأبيض.
هناك أيضًا غرفة نوم صغيرة في الجناح الذي يضم المطبخ وغرفة الطعام. وتقع غرفة النوم الرئيسية وغرفتان أخريان في الجناح المقابل من المنزل. وتحتوي غرفة النوم الرئيسة على حمام داخلي مزود بحوض استحمام تحت سقف مقوس ومغطى بقرميد أثري باللونين الأزرق والأبيض. وتضم غرفتا نوم أخريان سقفين على طراز يسمى التنورة والبلوزة، بمعنى طبقات من الألواح المجلية. الحمام الذي يخدم هاتين الغرفتين له أسقف مقببة، وجدرانه مغطاة بالكامل بالقرميد، أما السقف والأرضية فمكسوان بقرميد أثري.
غرفة المعيشة والمكتب مزودان بأبواب فرنسية تفتح على فناء خلفي كبير، فيما تحيط سقيفتان وألواح زجاجية بغرفتي معيشة وطعام في الهواء الطلق. وتزين الجدران الخارجية الصفراء للمنزل قطع قرميد باللونين الأزرق والأبيض مع مزهريات مزخرفة وتصميمات أخرى. المنزل له جدران تقليدية سميكة جدًا، ويحتوي على مدفأتين، مع وجود نفط أو غاز إضافيين للتدفئة، إذا لزمت الضرورة، حسبما يقول السيد سليتو. ويضيف أن الأرض المحيطة بالمنزل مزينة بأشجار الصنوبر والحور والزيتون والبرتقال والليمون والبشملة. أما ساحة الانتظار فتقع في الممر الدائري.
المنزل في أزيتاو، وهي أبرشية يسكنها نحو 19 ألف نسمة داخل مدينة سيتوبال، التي يبلغ تعداد سكانها نحو 120 ألف نسمة. وتعتبر سيتوبال منطقة ساحلية أطلسية، تحتوي على متنزه طبيعي «باركي ناتورال دا أهابيدا» ومحمية طبيعية «ريزيرفا ناتورال دو استواريو دو سادو»، لذا تقع معظم المنطقة تحت حماية الأجهزة التنموية. ويقع شاطئان شعبيان «بورتشينيو دا أهابيدا» و«برايا دا فيغيرينيا» على بعد نحو 15 دقيقة بالسيارة. وكذلك يحتوي المتنزه على «كونفينتو دي نوسا سنيورا دا أهابيدا»، وهو دير سابق. ويستغرق الوقت للوصول إلى مطار لشبونة الدولي من 40 إلى 45 دقيقة بالسيارة تقريبا.
* نظرة عامة على السوق
عانت منطقة العاصمة لشبونة، البالغ تعداد سكانها 2.8 مليون نسمة، بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، مع هبوط أسعار المساكن بنسبة من 20 إلى 25 في المائة تقريبا، بحسب ما يقوله العملاء. لكن الحكومة اتخذت عدة إجراءات عام 2009 - تتضمن إقرار برنامج ضرائب جديد جذاب للسكان غير المقيمين - ساعدت سوق العقارات في منطقة لشبونة، التي تضم سيتوبال، على الانتعاش كليا.
ويقول رافائيل أسينسو، صاحب شركة الوساطة العقارية «بورتا دا فرينتي - كريستي»: «على مدى السنوات الثلاث الماضية، كان الطلب علينا كبيرا، وبخاصة من الخارج، وذلك لأن أسعارنا تظل منخفضة جدا بالمقارنة مع مدن مماثلة في أوروبا. يبلغ سعر منازلنا ثُلث أو رُبع سعر المتر المربع الواحد في معظم المدن الأوروبية».
ويضيف السيد أسينسو: «يتيح برنامج الضرائب الجديد للأشخاص الذين يعيشون في دول تفرض مستويات ضريبة عالية على الدخل بنقل إقامتهم إلى هنا، لأنهم سوف يدفعون ضرائب أقل بكثير مما يدفعونه في بلادهم».
وعلاوة على ذلك، ساعد برنامج «التأشيرة الذكية» للحكومة على انتعاش سوق العقارات أيضا، وفقا للعملاء. إنه يقدم تصاريح إقامة لغير مواطني الاتحاد الأوروبي لشراء عقار بتكلفة أكثر من 500 ألف يورو، أو بتكلفة 350 ألف يورو لعقار مبني منذ أكثر من 30 عاما أو يقع في مناطق التجديد الحضري. وفي حين أغوى برنامج التأشيرة الذكية المشترين الصينيين والشرق أوسطيين إلى جنوب البرتغال، شهدت منطقة لشبونة - بما في ذلك إنعاش المنطقة التاريخية في وسط المدينة، وكاسكايس على ساحل استوريل - استخدام بعض البرازيليين هذا البرنامج، على حد قول السيد أسينسو.
ويتابع السيد أسينسو أن «تجديد مدينة لشبونة القديمة يجذب كثيرا من الأشخاص للشراء هنا، والآن نشهد كثيرا من التطور (خارج الخطة) - بمعنى بيع المنازل قبل بنائها. في الوقت الراهن، يتمتع سوق العقارات بديناميكية عالية».
تقع أبرشية أزيتاو، وهذا المنزل في سيتوبال، على بعد أقل من ساعة بالسيارة جنوب العاصمة لشبونة، بالقرب من «باركي ناتورال دي أهابيدا»، وهي منطقة ساحلية جميلة تشهد أعمالا تنموية جديدة. ويقول السيد أسينسو إنها «أكثر من مجرد منطقة لقضاء العطلة فيها، ولا تختلف كثيرا عما كانت عليه قبل 50 عاما أو حتى قبل قرن من الزمان».
وتتكلف منازل الأسرة الواحدة في المواقع الجذابة بالمنطقة عادة ما بين مليون و2.5 مليون يورو، أو نحو من 1.09 مليون إلى 2.73 مليون دولار، وفقا للسيد أسينسو.
* من يشتري حول لشبونة
يشتري البرازيليون والفرنسيون والبريطانيون والسويديون في لشبونة وكاسكايس وعلى طول ساحل استوريل، بحسب ما يقوله العملاء.
وخلال السنوات الثلاث الماضية فقط أو نحو ذلك، اكتشف المشترون الفرنسيون أو الإنجليز المنطقة حول سيتابول - حيث يقع هذا المنزل – والمناطق المجاورة مثل كومبورتا وشبه جزيرة ترويا. ويوضح السيد أسينسو: «ذهب كثير من الفرنسيين والإنجليزيين المعروفين إلى هناك لقضاء عطلاتهم».
* شراء الأساسيات
لا توجد أية قيود على شراء الأجانب المنازل في البرتغال. وفي العادة، يجب على مشتري المنازل دفع نحو 7 في المائة على هيئة رسوم معاملات، بما في ذلك رسم الطابع، والتسجيل، وتكاليف مكتب التوثيق، وضريبة النقل، وأتعاب المحامين، بحسب قول «فيليبي روشيتا»، مستشار مبيعات يعمل مع المجموعة العقارية «برستيج بروبيرتي غروب» في البرتغال.
وفي حين تكون معاملات مبيعات المنازل واضحة جدا في البرتغال، يمكن توكيل محام لذلك الغرض، وعادة ما يأخذ رسوم أتعاب لا تقل عن نسبة واحد في المائة، وفقا للسيد روشيتا.
ويقول العملاء إن البنوك البرتغالية تقدم قروض رهن عقاري تنافسية لغير المقيمين على نحو متزايد. ويوضح السيد روشيتا أنه من خلال الرهن على المشتري، تقرض البنوك عادة نحو 60 في المائة من قيمة العقار.

* خدمة «نيويورك تايمز» - خاص بـ«الشرق الأوسط»



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».