فجوة كبيرة في مواقف الأطراف من مبادرة معبر رفح

تصريحات متباينة للفصائل في غزة.. وحماس تريد دورًا ولو مقلصًا

فجوة كبيرة في مواقف الأطراف من مبادرة معبر رفح
TT

فجوة كبيرة في مواقف الأطراف من مبادرة معبر رفح

فجوة كبيرة في مواقف الأطراف من مبادرة معبر رفح

كشفت التصريحات المتباينة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، حول ما توصل إليه الاجتماع الذي عقد مساء الأحد الماضي، بين حركة حماس واللجنة الفصائلية التي أعدت مبادرة لمعبر رفح البري، عن فجوة كبيرة في المواقف، تحول دون التوصل إلى تفاهم يمكن أن ينهي الخلاف القائم أصلا، بشأن المبادرة، واعتبار حماس بعض بنودها مبهمة وغير واضحة وبحاجة إلى تفاصيل.
وتنص المبادرة التي أطلقتها الجبهتان الشعبية والديمقراطية، بمشاركة من «حزب الشعب» و«الجهاد الإسلامي»، على أن يتم تسليم المعبر إلى حكومة التوافق الوطني بشكل كامل، وتشكيل طاقم مهني ذي كفاءة عالية للإشراف على المعبر من الناحية الإدارية، فيما يتسلم حرس الرئاسة الفلسطينية، المسؤولية عن المعبر وعلى طول الحدود بين غزة ومصر.
وتشير المبادرة إلى تحويل الإيرادات المالية لصالح إقامة وتنفيذ مشاريع تنموية عامة في قطاع غزة، وتطوير مرافق معبر رفح نفسه، تحت إشراف حكومة التوافق وتنفيذها، وهي التي ستتابع الترتيبات المتفق عليها لتشغيل المعبر مع مصر.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه حكومة التوافق الوطني ترحيبها وموافقتها على المبادرة الفصائلية (الثلاثاء الماضي)، وتشكيل لجنة من وزراء على رأسهم رئيس الوزراء رامي الحمد الله، لمتابعة التفاصيل الكاملة مع الفصائل في غزة، اتهمت حركة فتح، بلسان ناطقيها الإعلاميين ومسؤولين كبار، قيادة حماس بالتنصل من مسؤولياتها ورفض المبادرة.
ولم تدل حماس بأي تفاصيل حول القضية، إلى أن خرج نائب رئيس مكتبها السياسي في الخارج، موسى أبو مرزوق، الجمعة الماضي، بتغريدة على صفحته في «فيسبوك»، أشار فيها إلى أنه أجرى اتصالا مع الجانب المصري (نفى المسؤولون المصريون علمهم بأي اتصالات)، مشددا على أهمية الموقف المصري، باعتباره الطرف الأهم في معادلة ملف معبر رفح. وقال أبو مرزوق إن «مبادرة الفصائل فيها الكثير من الغموض وتحتاج إلى الكثير من التفصيل، سواء المسألة الأمنية في المعبر، أو على الحدود بين قطاع غزة ومصر، أو القضايا الإدارية في المعبر»، مشيرا إلى أن موقف حركته ليس ضد مصالح الناس وحاجاتهم، لكنه موقف مسؤول يهدف إلى حل الأزمة وليس تعقيدها، على حد قوله.
وتقول مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات أبو مرزوق أثارت كثيرا من الجدل في أوساط الفصائل الفلسطينية وحتى لدى الحكومة في رام الله، مما استدعى اللجنة المسؤولة عن المبادرة، لطلب لقاء مع حماس عقد مساء الأحد الماضي، جرى خلاله مناقشة جميع بنود المبادرة.
وبحسب المصادر، فإن حماس حاولت مرارا، خلال الاجتماع، التأكيد على ضرورة دمج موظفيها في إدارة المعبر، وحاولت أن تدخل تعديلا على المبادرة بإشراك الفصائل الفلسطينية، من خلال تشكيل لجنة للإشراف على المعبر بدلا من الحكومة، أو بمساندتها، وهذا ما رفضته الفصائل. في أعقاب الاجتماع، قال الناطق باسم حركة حماس، سامي أبو زهري، في تصريح له، إن حركته لا تمانع في أن تتسلم لجنة وطنية من الفصائل مهمة الإشراف على المعبر، مشيرا إلى أنه سيتم استكمال النقاش في لقاءات أخرى حول هذه النقطة. وأوضح أن اللقاء كان جادا وصريحا، وأن حركته أكدت للفصائل ترحيبها بوصول الحكومة إلى غزة للقيام بكل مسؤولياتها في المعبر وغيره. وقال أمين سر اللجنة الفصائلية وعضو المكتب السياسي لـ«حزب الشعب»، وليد العوض، إن اللجنة سعت للحصول على موافقة من حماس لتطبيق المقترحات، تمهيدا لقدوم اللجنة الوزارية المشكلة من الحكومة، للاتفاق على ترتيبات تشغيل المعبر. ونفى في تصريح مكتوب له في أعقاب الاجتماع، أن تكون اللجنة وافقت على تشكيل لجنة وطنية للإشراف على إدارة شؤون المعبر، مشيرا إلى أن حماس اقترحت، بالإضافة إلى ذلك، أن تتولى حكومة التوافق الوطني مسؤولية قطاع غزة بشكل كلي كرزمة واحدة بما فيها معبر رفح، إلا أن الفصائل التي رحبت بالفكرة رأت أن تطبيق هذا المقترح، يصطدم بكثير من العقبات في ظل الخلافات الكبيرة التي حالت دون تنفيذه مسبقا.
ولفت العوض إلى أن الفصائل تمسكت بالمبادرة المقترحة، فيما طالبت حماس بمزيد من التفسير حول بعض النقاط التي تتعلق باللجنة الفنية التي ستشكل، فيما بعد، ودور الفصائل في التدخل لحل أي خلاف بعد ذلك.
ووفقا لمصادر خاصة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن حماس تعقد لقاءات داخلية تبحث فيها كثيرا من الخيارات التي ستطرحها على الفصائل، خلال أيام، بشأن المبادرة لتوسيع صلاحياتها في المعبر، متوقعةً أن ترفضها الفصائل جملةً وتفصيلا منعا للوقوع في خلافات أكبر.
وتشير المصادر إلى أن الحركة ستحاول التأثير على السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني، من خلال الضغط عبر أطراف قد تكون قطر منها، من أجل دمج موظفيها وإبقاء دورهم الإداري والفني على المعبر قائما، متوقعة أن ترفض السلطة والحكومة ذلك وتتمسكان بالمبادرة الخاصة بالفصائل.
ويتوقع أن تشهد الأيام المقبلة، اجتماعات مكثفة بين الفصائل وحماس في غزة، في محاولة للتوصل إلى حل يضمن وصول الوفد الوزاري المشكل إلى غزة، والبدء بالعمل وفقا للمبادرة التي تضغط الفصائل على جميع الأطراف للتوافق بشأنها، من دون خلافات أخرى تؤثر على سكان قطاع غزة الذين تحتاج غالبية كبيرة منهم، السفر، بعد أن وصل رقم المسجلين في وزارة الداخلية، إلى نحو 8 آلاف، من بينهم 4 آلاف مريض.
يذكر أن معبر رفح فتح لمدة 21 يوما فقط، خلال العام الماضي، لكنه لا يزال مغلقا، منذ بداية العام، وسط حديث عن اتصالات لفتحه خلال الأيام المقبلة، أمام المعتمرين فقط، الذين لم ينالوا حظ أداء العمرة منذ أكثر من عام ونصف العام، بسبب الإغلاق شبه الدائم للمعبر.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.