سوريون علقوا في مطار بيروت إثر تخلف طائرتين تركيتين عن نقلهم بالموعد المحدد

بعضهم باع ممتلكاته لغرض الهجرة.. وشركات سياحية أوهمتهم بتمديد مهلة القرار التركي

سوريون علقوا في مطار بيروت إثر تخلف طائرتين تركيتين عن نقلهم بالموعد المحدد
TT

سوريون علقوا في مطار بيروت إثر تخلف طائرتين تركيتين عن نقلهم بالموعد المحدد

سوريون علقوا في مطار بيروت إثر تخلف طائرتين تركيتين عن نقلهم بالموعد المحدد

تضاعفت العوائق أمام عبور السوريين إلى بلدان الجوار، بعد إعلان تركيا منع دخول السوريين إليها من دون تأشيرة سفر، باستثناء السوريين القادمين من الحدود السورية البرية. وتجسّدت تلك العوائق أمس في لبنان، حيث تعذر على ما يقارب من 400 سوري في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، المغادرة إلى تركيا بسبب تخّلف طائرتين تركيتين عن الوصول إلى بيروت لنقلهم عبرها إلى تركيا، وذلك بعد دخول القرار التركي موضع التنفيذ.
كان من المفترض أن يغادر السوريون الذين وصلوا إلى بيروت العاصمة اللبنانية مساء الخميس، إلا أن تخلف طائرتين تركيتين عن الحضور لنقلهم إلى تركيا حال دون مغادرتهم. وقالت مصادر في المطار لـ«الشرق الأوسط» إن 390 سوريًا وصلوا جوًا إلى مطار بيروت، بقوا عالقين في المطار بعد تعذر مغادرتهم، ورفضوا العودة إلى مطار دمشق، قائلين إنهم أتوا ليسافروا إلى تركيا، مشيرًا إلى أن الذين وصلوا برًا إلى بيروت «عادوا أدراجهم بعد دخول القرار التركي حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس – الجمعة، وذلك عبر الحافلات التي أقلّتهم إلى بيروت».
وتمنع السلطات اللبنانية دخول السوريين إلى لبنان إلا إذا كانت لأسباب السفر أو بسبب ظروف صحية، أو لغرض التعليم، أو لغرض العمل بعد وجود كفيل، أو لغرض سياحي، وذلك عملاً بقرار الحكومة اللبنانية عدم استقبال المزيد من اللاجئين منذ مطلع العام 2015. وبهدف حل معضلة العالقين داخل المطار، أجرى قائد جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط، بالتنسيق مع رئيس المطار فادي الحسن، اتصالا بممثل شركة «أجنحة الشام» السورية في المطار سمير حرب، وطلب إليه إعادة السوريين الـ400 إلى سوريا من ضمن التدابير المتخذة في هذا الشأن، بحسب ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية.
ووصلت إلى بيروت بعد ظهر أمس الجمعة، إحدى الطائرات السورية على أن تتبعها طائرتان إضافيتان لنقل باقي الركاب السوريين، وذلك بعد الاتصال بشركة «أجنحة الشام» طالبة منها إحضار طائرات لنقل الرعايا السوريين وإعادتهم إلى بلادهم. وأضاف الحسن: «نحن كسلطات لبنانية مختصة في المطار من إدارية وأمنية، قمنا بواجباتنا على أكمل وجه بالنسبة لهذا الموضوع»، مشيرًا إلى أن «سلطات المطار تشرف على تأمين كل حاجات ومتطلبات الركاب السوريين الموجودين حاليا في المطار». وبدا أن بعض السوريين العالقين في بيروت، ضحية لشركات سياحية، أوهمتهم بأن المهلة التركية لمنع دخول السوريين من دون تأشيرة، مُددت إلى 11 من الشهر الحالي.
وفاء، إحدى المسافرات السوريات، ألقت باللوم على الشركات السياحية. فبعد الأعباء التي تكبدتها ودفع التكاليف لوكالات السفر من أجل التسريع في سفرها إلى تركيا عبر لبنان لإتمام مهام عملها، فشلت من جديد بتحقيق مبتغاها، إثر تلقيها خبرًا يفيد بأن الموعد قد فاتهم وآخر رحلة للوصول إلى تركيا غادرت. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «شركات السياحة غرّرت بنا وغشتنا، ولم نستفد شيئا، نريد التواصل معهم للاستفسار إلا أنهم أقفلوا جميع خطوطهم ولم يتجاوبوا معنا، وها نحن عالقون في قاعة المطار ولا نعلم بالتحديد ما هو مصيرنا».
وتدفق السوريون بعد أن باع بعضهم ممتلكاته في سوريا بهدف الهجرة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، بحسب ما ذكرت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط». وقالت وفاء: «سنعود إلى سوريا، لكن إلى أين تعود العائلات التي لم تعد تملك منزلا ولا أي شيء آخر في سوريا مقابل السفر بهدف الهجرة؟»، وأشارت إلى أن هؤلاء السوريين «خرجوا بنية عدم العودة حتى يقرر السياسيون والدول مصير بلدنا»، وناشدت الأمم المتحدة بإيجاد أماكن استقبال للاجئين السوريين على الفور، معتبرة أن «السوريين اليوم لا يريدون المال بل مكانا آمنا للعيش».
وأفادت تقارير لبنانية بأن منطقة المصنع في الأيام الأربعة الماضية، سجلت عبور أكثر من 10 آلاف سوري إلى الأراضي اللبنانية، وهم يحملون وثائق تؤكد حصولهم على حجوزات للسفر إلى تركيا، قبل إقفال باب الدخول إليها لغير حاملي تأشيرة الدخول، وذلك بعد أن كان المعدل اليومي لحركة السوريين على المصنع نحو 5500 شخص في الأسبوع الأول من السنة الجديدة.
هذا، وكان مفوض الأمم المتحدة الأعلى لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أعلن أول من أمس، أن مؤتمرا سيعقد في جنيف أواخر مارس (آذار) المقبل لإيجاد أماكن استقبال للاجئين السوريين، مؤكدا أن المؤتمر «سيقتصر على اللاجئين السوريين كونهم المشكلة الأكثر إلحاحا، لكن من المهم أن يكون هناك تمثيل جيد على المستوى الوزاري، وأن تأتي الدول مع التزامات ملموسة للأماكن، وليس أموالا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».