الاتجار والهجرة غير الشرعية إلى طهران

الاتجار والهجرة غير الشرعية إلى طهران
TT

الاتجار والهجرة غير الشرعية إلى طهران

الاتجار والهجرة غير الشرعية إلى طهران

* تقوم العصابات الاتجار بالبشر، بعمليات التهريب من بنغلاديش، وأفغانستان، وباكستان، بعد نقلهم إلى داخل الأراضي الإيرانية، حيث ينضم إليهم الراغبون بالهجرة من الإيرانيين إلى أوروبا، وأستراليا، عبر شبكات تهريب إيرانية، وفي 2003 وبعد الاحتلال الأميركي للعراق، تخوفت السلطات الإيرانية من أن تستغل الولايات المتحدة، عصابات الاتجار بالبشر المنتشرة على الحدود الشمال غربية من إيران، لصالح مشروعات أمنية، لذا أعلنت السلطات الإيرانية عن كشف وتدمير مائتي شبكة اتجار بالبشر كانت تعمل في تجارة البشر انطلاقا من المناطق الحدودية مع تركيا، وأذربيجان، وكردستان العراق.
وذكر الباحث حامد الكناني، أن طهران منذ الأيام الأولى لاندلاع الثورة التي أطاحت بالنظام في 1979، تمكنت من فرض السيطرة على نشاطات المهربين، حيث مع حدوث الثورة وانتصارها في فبراير (شباط) 1979، بدأت عملية الهروب الجماعي من إيران، حيث إن المنافذ الرسمية كانت خاضعة للرقابة المشددة، اتجه الكثير من الراغبين بالهجرة والعناصر المطلوبة أمنيا إلى النوافذ الحدودية الأرضية المحاذية، لباكستان، وتركيا وإلى المنافذ البحرية في الجنوب وطيلة العقود الثلاثة الماضية، تمكن الملايين من الإيرانيين من المطلوبين وغير المطلوبين بقضايا أمنية من الخروج من إيران، والتوجه والوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وأميركا وكندا وأستراليا وبعض الدول الآسيوية والخليجية.
وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي، سيطرت الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، وكذلك استخبارات الحرس الثوري على تجارة الهجرة غير الشرعية، بدوافع أمنية وسياسية وذلك من أجل منع العناصر السياسية المطلوبة أمنيا، وكشف العناصر المنشقة عن النظام عند عملية اجتياز الحدود وتمكنت الاستخبارات الإيرانية من التعاون مع المهربين وتجنيدهم لصالحها، حيث يرسل المهربون تفاصيل ضحاياهم الشخصية إلى الأجهزة الأمنية وفي حالات عدة يجري تسليم المطلوبين أو المنشقين للجهات الأمنية عند النقاط الحدودية، كما كلفت طهران الكثير من كبار المهربين بالسفر إلى بريطانيا وأميركا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي والاستقرار فيها، فمنهم من اعتزل هذا النشاط بعد استقراره في الدول الغربية، ومنهم من استمر في النشاط انطلاقا من الأراضي الأوروبية، حيث باشر العمل تحت غطاء إنساني وهو العمل في منظمات دعم اللاجئين الإيرانيين وقضايا حقوق الإنسان.
وفي السنوات الأخيرة وبعد أحداث تزوير الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 2009، تصاعدت انتهاكات حقوق الإنسان وزاد القمع، حيث سجلت إيران أكبر موجة هجرة شهدتها في العقدين الأخيرين، حيث هرب مئات الآلاف من الناشطين السياسيين وغيرهم إلى خارج إيران ولم يعلم معظم الهاربين من جحيم النظام أن الاستخبارات الإيرانية واستخبارات الحرس الثوري هما من يديران عمليات التهريب الرسمية ويسهلون لهم عملية الهجرة التي تجري تحت غطاء اللجوء السياسي وغيره في دول الاتحاد الأوروبي وأميركا وكندا وأستراليا.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».