الأمم المتحدة تعد لمفاوضات سورية مختلفة من حيث الشكل عن «جنيف1» و«2»

المعارضة وصلت إلى تفاهمات مع دي ميستورا خلال اجتماعاتها معه في الرياض

أطفال يسيرون بين ركام مبنى استهدفته غارة من الطيران الروسي أول من أمس في قرية أبطع بريف درعا جنوب سوريا (رويترز)
أطفال يسيرون بين ركام مبنى استهدفته غارة من الطيران الروسي أول من أمس في قرية أبطع بريف درعا جنوب سوريا (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تعد لمفاوضات سورية مختلفة من حيث الشكل عن «جنيف1» و«2»

أطفال يسيرون بين ركام مبنى استهدفته غارة من الطيران الروسي أول من أمس في قرية أبطع بريف درعا جنوب سوريا (رويترز)
أطفال يسيرون بين ركام مبنى استهدفته غارة من الطيران الروسي أول من أمس في قرية أبطع بريف درعا جنوب سوريا (رويترز)

أنهى المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في الساعات القليلة الماضية زيارته إلى السعودية، حيث عقد اجتماعات مطولة مع الهيئة العليا للتفاوض المنبثقة عن لقاء قوى المعارضة السياسية والعسكرية في الرياض، تحضيرا للمفاوضات المرتقبة بين وفدي النظام والمعارضة السورية في جنيف نهاية الشهر الحالي. وانتقل دي ميستورا أمس الخميس إلى أنقرة حيث التقى الوكيل الدائم لوزارة الخارجية التركية، فريدون سينير أوغلو، على أن يصل خلال ساعات إلى طهران، ليكون يوم السبت في دمشق لاستكمال المشاورات والإجراءات التمهيدية لانطلاق العملية السياسية من جديد.
وبحسب مصادر في الأمم المتحدة فإن المفاوضات التي كان المبعوث الدولي قد طرح موعدا افتراضيا لها في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي «لن تكون شبيهة بتلك التي تمت بين وفدي المعارضة والنظام بإطار (جنيف1) و(جنيف2) في عامَي 2012 و2014». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ستكون هذه المفاوضات مختلفة من حيث الشكل عن سابقاتها، وبالتالي لا ينفع إطلاق عليها تسمية (جنيف3)».
وبينما لم تحدد المصادر شكل هذه المفاوضات أو ما إذا كان دي ميستورا يتمسك بموعد 25 يناير، استبعد عضوان في الهيئة العليا للتفاوض المعارضة الجلوس على الطاولة مع وفد النظام في جنيف بالتاريخ السابق ذكره، معتبرين أن هذا الموعد هو «افتراضي، ولا مجال للقفز فوق مقدمات لا بد منها قبل انطلاق العملية السياسية في جنيف».
وقال رياض نعسان آغا، المتحدث باسم الهيئة، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوقت أصبح ضيقا ولا يسمح بإتمام استحقاقات ما قبل التفاوض إن كان من قبلنا كمعارضة أو من قبل المجموعة الدولية»، مؤكدا في الوقت عينه أنّهم لن يرفضوا التوجه للحوار في هذا الموعد في حال كان هناك إصرار دولي، «باعتبار أننا نريد أيضًا أن تنطلق هذه المفاوضات».
وأشار آغا إلى أن الهيئة توصلت إلى بعض التفاهمات مع دي ميستورا خلال اجتماعاتها معه يومي 5 و6 يناير في الرياض، لافتا إلى أن الأخير تفهم مطالبتها بـ«وقف إطلاق النار وفك الحصار وتأمين إيصال المساعدات وتحديد مفهوم الإرهاب قبل الجلوس على طاولة المفاوضات». وأضاف: «كما طالبناه بإقناع الروس بوجوب أن يوقفوا قصفهم المدنيين في سوريا قبل وخلال عملية التفاوض، علما بأن كل ما ننادي به جزء من القرار الأممي رقم 2254 ويؤسس لمرحلة حسن نيات قد تؤمن بدورها تباشير بناء الثقة المطلوبة».
من جهته، قال عضو الهيئة فاروق طيفور لـ«الشرق الأوسط» إنّه تمت مطالبة دي ميستورا بـ«تحديد جدول أعمال المفاوضات مسبقا قبل الانطلاق في المفاوضات، نظرا لكون الفشل الذي مني به (جنيف2) ناتجا عن إقرار بشار الجعفري بأن لا صلاحية له للتوقيع على جدول الأعمال»، مشددا على وجوب أن يكون على «رأس الجدول بيان (جنيف1) وبالتحديد كيفية تشكيل هيئة حكم انتقالي».
وأكد طيفور أن المبعوث الدولي لم يطلب إدخال أي تعديلات إلى الوفد المفاوض، لافتا إلى أنّه طلب الحصول على أسماء الوفد، «إلا أننا فضلنا التروي، علما بأن اللائحة جاهزة لدينا، بانتظار الحصول على أجوبة دي ميستورا على جملة الاستفسارات التي طلبناها».
وقال مصدر من المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إنها لا تعتبر نفسها معنية كثيرا بما كشفته وكالة «أسوشييتد برس» عن «وثيقة أعدتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تقول إن الرئيس السوري بشار الأسد لن يترك منصبه قبل مارس (آذار) 2017». وقال: «نحن اتفقنا في مؤتمر الرياض على أن لا دور للأسد في المرحلة القادمة، وعلى هذا الأساس نتوجه للمفاوضات موحدين كقوى معارضة، بغض النظر عن الموقف الأميركي».
وردّت موسكو يوم أمس على الوثيقة الأميركية المذكورة، مؤكدة أن مسألة رحيل الأسد عن سدة الحكم في مارس 2017 لم تطرح في إطار اجتماعات أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا في فيينا.
وقال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «قد تكون لهم خططهم وترتيباتهم (الجانب الأميركي)، لكن ذلك لم يطرح في فيينا، وطرحه أمر مستبعد».
ويعتبر بوغدانوف أن موقف موسكو المبدئي بشأن التسوية السورية يتمثل في أن «مسألة مستقبل سوريا، بما في ذلك الرئاسة، يقرره الشعب السوري.. وهذا مقرر في اتفاقات فيينا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.