فرع «داعش» في ليبيا.. شبح يقض مضاجع مسؤولي أجهزة الأمن الجزائرية

فرع «داعش» في ليبيا.. شبح يقض مضاجع مسؤولي أجهزة الأمن الجزائرية
TT

فرع «داعش» في ليبيا.. شبح يقض مضاجع مسؤولي أجهزة الأمن الجزائرية

فرع «داعش» في ليبيا.. شبح يقض مضاجع مسؤولي أجهزة الأمن الجزائرية

يولي المسؤولون السياسيون في الحكومة الجزائرية، أهمية كبيرة لتقارير استخباراتية تفيد بأن التنظيم الإرهابي «داعش» بصدد التحضير لـ«عمل استعراضي» يعيد إلى الأذهان بشاعة الإرهاب، الذي لا تزال الجزائر تلملم جراحها منه. ويمكن القول إن أكبر خطرين يهددان استقرار الجزائر في الوقت الحالي، هما: الأزمة المالية الناجمة عن شح الموارد المالية بسبب انهيار أسعار النفط، وتهديدات المتشددين المنتشرين في ليبيا.
وظهر أول مؤشرات خطر الإرهاب، بمناسبة اكتشاف قوات الأمن مخبأ لأسلحة متطورة مصدرها ليبيا. ترسانة السلاح تم العثور عليها في قلب العاصمة مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2015، وعلى مقربة من قصر الحكومة الذي سبق أن استهدفه الإرهاب عام 2007، بعمل انتحاري خلف 50 قتيلا. لا يعرف شيء عن الشخصين اللذين اعتقلا لتورطهما في تهريب السلاح من ليبيا، لكن المؤكد بحسب أجهزة الأمن الجزائرية أن البلد في «عين الإعصار»، منذ سقوط نظام العقيد القذافي في خريف 2011 وخاصة بعدما أصبحت مخازن السلاح في ليبيا مفتوحة على الهواء.
وتشير تقارير الأمن حول تداعيات أزمة ليبيا على الجزائر، إلى أن السلاح منتشر بكثافة على الحدود بين البلدين. بل إن شحنات كبيرة منه يتم تسويقها في مدن بالشرق الجزائري. وأكثر ما تخشاه مصالح الأمن أن يقع هذا السلاح بين أيدي عناصر أكبر تنظيمين في البلاد: «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» و«داعش».
بدأ الجزائريون يشعرون بالخطر على أمنهم الذي يعاني أصلا الهشاشة، منذ ظهور ثلاثة متشددين جزائريين في شريط فيديو شهر يوليو (تموز) منسوب لـ«داعش»، وتحديدا في مناطق نفوذه بالرقة في سوريا. المتطرفون هددوا السلطات الجزائرية بـ«حرب طويلة الأمد حتى تشرق على الجزائر شمس التوحيد»، ودعوا بقايا الجماعات المسلحة في البلاد إلى «البيعة». وقال أحدهم يرتدي لحافا فلسطينيا وصاحب لحية كثة: «الجزائر ولاؤها للنظام العالي وثيق، وحربها للإسلام قديم.. تكفيرهم (مسؤولو البلاد) والبراءة منهم هو ملة إبراهيم». وبحسب الإرهابي، فإن «أسود الإسلام لا ينامون على ضيم، وسيردون الصاع صاعات، والله لن ننسى مجازركم ببن طلحة والرايس ومن قتلتم في السجون»، في إشارة إلى مذابح وقعت في عام 1997 ببلدتين جنوب العاصمة، قتل فيها المئات على أيدي عناصر «الجماعة الإسلامية المسلحة»، غير أن المسلحين المتشددين ينسبون تلك المجازر للنظام.
وقد تأكدت الجزائر أن شبح الأعمال الإرهابية عائد لاستهدافها، إن لم تبادر كقوة إقليمية بمنطقة الساحل الأفريقي إلى تنسيق الجهود الأمنية مع الدول التي يعشش فيها الإرهاب خاصة مالي والنيجر. ففي مطلع 2013 تسللت مجموعة متطرفة تطلق على نفسها «الموقعون بالدماء» إلى أكبر منشأة غازية في الجزائر، تقع في أقصى الجنوب الشرقي للبلاد، فاحتجزت نحو 100 فني أجنبي واشترطت الإفراج عن متشددين في مالي مقابل إطلاق سراحهم. حينها قررت قيادة الجيش الجزائر حسم الوضع بسرعة فائقة، عن طريق تنظيم هجوم خاطف للقوات الخاصة على مواقع الخاطفين، وأسفرت العملية عن مقتل المعتدين وعددهم 29 كما قتل 39 رهينة أجنبيا.
وتفيد تقارير لأجهزة الأمن تم تسريبها لصحف محلية، بأن نفس العملية قد تتكرر في المستقبل وعلى يدي نفس المتشدد الذي دبرها، وهو الجزائري مختار بن مختار الشهير بـ«بن لادن الصحراء»، الذي عاد إلى «حضنه» الأول «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» بعد أن انشق عنها منذ 8 سنوات على أثر خلاف حاد مع زعيم التنظيم «أبو مصعب عبد الودود». وأعلن الطرفان نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تأسيس «حلف مقدس»، لضرب ما سمياه «الغرب الكافر وحكوماته العميلة بالمنطقة».
* الجزائر مرعوبة من شبح الدين الخارجي بسبب انكماش مداخيلها
سيكون 2016 عام التقشف وشح الموارد بالنسبة للحكومة الجزائريين وملايين المواطنين، والسبب أن النصف الأخير من عام 2014 وكامل عام 2015 تميزا بانخفاض «تاريخي» لأسعار النفط الذي تعتمد عليه البلاد في مداخيلها بنسبة 99 في المائة.
خلف قانون الموازنة 2016 جدلا حادا في البرلمان بسبب رفض المعارضة الإسلامية واليسارية العلمانية، التصويت عليه لاحتوائه على زيادات تمس مواد أساسية كالبنزين والكهرباء (25 في المائة)، فيما لمح وزير المالية بأن الدولة ستتخلى عن دعم أسعار الحليب والخبز ومواد غذائية أخرى، في غضون العامين المقبلين إذا استمر تدهور سعر البرميل.
وعلى نبرة التشاؤم هذه، يظل الجزائريون مشدودين إلى أسواق النفط العالمية علهم يسمعون خبرا سارا. غير أن رئيس الوزراء عبد المالك سلال، صرح مؤخرا بأن الحكومة لا تتوقع ارتفاعا في الأسعار إلا بحلول 2017، ودعا إلى إنعاش الاقتصاد بأي طريقة، وإلا فستضطر الدولة إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي. هذا الشبح حذر منه وزير الدولة ومدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحيى، قائلا بأن البلاد ستفقد سيادتها إن رمت بنفسها في أحضان المؤسسة المصرفية الدولية.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المداخيل من بيع النفط والغاز، انتقلت من 55 مليار دولار عام 2014 إلى أقل من 10 مليارات دولار خلال السداسي الأول من عام 2015، وهو ما ترتكز عليه الحكومة في تبرير سياسة التقشف التي أطلقتها، والتي تتخوف منها الفئات الهشة التي يقل دخلها عن 400 دولار شهريا.
وتقدر إيرادات ميزانية العام الجديد بـ4747.4 مليار دينار جزائري (44.969 مليار دولار)، فيما تقدر النفقات بـ7984.2 مليار دج (75.641 مليار دولار)، أي بعجز يصل إلى 3236.8 مليار دج (30.64 مليار دولار)، مقارنة بـ4173 مليار دج (39.5 مليار دولار) عجز ميزانية 2015.
وفي 2015 رصدت الحكومة 1711.7 مليار دج (16.2 مليار دولار) كتحويلات اجتماعية، فيما يشير عرض الحكومة برسم 2016 إلى تخصيص 1840.5 مليار دج، ما يعادل 17.423 مليار دولار، كتحويلات اجتماعية.
وأدرجت الحكومة الجزائرية في قانون الموازنة الجديد، مادتين أثارتا جدلا حادًا: المادة 66 وتتعلق بفتح رأس مال الشركات العمومية للاستثمار الخاص. وقد تم إلغاء هذه المادة لدى مناقشتها في «اللجنة المالية» بالغرفة البرلمانية الأولى، لكن أعيدت لدى مناقشة القانون في جلسة عامة أمام دهشة واستياء نواب المعارضة. ووقعت بسبب ذلك، مشادات جسدية بينهم وبين نواب «الموالاة» الذين ينتمون إلى «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) و«التجمع الوطني الديمقراطي» (القوة الثانية). ويرى المحتجون أن الحكومة «تخطط لبيع الشركات الكبيرة في المزاد العلني».
والمادة 71 التي تتحدث عن حق الحكومة في نقل اعتمادات مالية من قطاع إلى آخر، إذا رأت أن الثاني عاجز وبحاجة إلى دعم. وثارت ثائرة برلمانيي المعارضة بحجة أن هذه القضية يفصل فيها البرلمان وحده.
وفيما ترى «أحزاب الموالاة» أن الدفع المبكَر للمديونية الخارجية (عام 2005)، «من أكبر حسنات الرئيس بوتفليقة»، ترى المعارضة أن عجزة عن فك تبعية الاقتصاد لريع المحروقات، «دليل عجز مفضوح عن بناء اقتصاد حقيقي». ومما زاد الطين بلة، تدهور قيمة الدينار أمام الدولار واليورو.
ويتفق غالبية المحللين على أن الأزمة المتولدة عن شحَ الموارد المالية، سببها سياسات اقتصادية «عرجاء» أفرزت سوء توزيع ريوع النفط على الجزائريين. فقد ضخت الدولة في آلة الاقتصاد، مئات المليارات من الدولارات منذ مجيء بوتفليقة إلى الحكم قبل 16 سنة ومع ذلك ما زال الاقتصاد يعاني من تبعية شبه كلية لعائدات النفط.
يشار إلى أن الحكومة تقول إن الإنفاق الحكومي يتوزع على 3 برامج كبرى هي: 80 مليار دولار (2001 - 2004)، و150 مليار دولار (2005 - 2009)، و286 مليار دولار (2010 - 2017).



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».