شبكات بث المباريات تلفزيونيًا تستنزف الجماهير

مشجعو الفرق الإنجليزية يئنّون من ارتفاع أسعار تذاكر المباريات وبطاقات البث

الجماهير الإنجليزية ترفع لافتة {كفى يعني كفى} أمام رفع سعر التذاكر ({الشرق الأوسط})  -  انتشار بث المباريات الإنجليزية لم ينعكس على الجماهير ({الشرق الأوسط})
الجماهير الإنجليزية ترفع لافتة {كفى يعني كفى} أمام رفع سعر التذاكر ({الشرق الأوسط}) - انتشار بث المباريات الإنجليزية لم ينعكس على الجماهير ({الشرق الأوسط})
TT

شبكات بث المباريات تلفزيونيًا تستنزف الجماهير

الجماهير الإنجليزية ترفع لافتة {كفى يعني كفى} أمام رفع سعر التذاكر ({الشرق الأوسط})  -  انتشار بث المباريات الإنجليزية لم ينعكس على الجماهير ({الشرق الأوسط})
الجماهير الإنجليزية ترفع لافتة {كفى يعني كفى} أمام رفع سعر التذاكر ({الشرق الأوسط}) - انتشار بث المباريات الإنجليزية لم ينعكس على الجماهير ({الشرق الأوسط})

كثيرًا ما تنسى الغالبية أنه عندما بدأ نجم أطباق التقاط بث الأقمار الصناعية في الصعود وجرى طرح مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز لـ«بي سكاي بي»، فإن ناديا واحدا فقط من الأندية الخمس الكبرى وافق على الانضمام.
كان مانشستر يونايتد وآرسنال وليفربول وإيفرتون قد عارضوا جميعًا ما اعتبره أليكس فيرغسون «سرقة واضحة»، وكثيرًا ما يتهم المشجع العادي الأندية الكبرى بالجشع وإدارة كرة القدم على نحو يخدم مصالحها، وذلك على الرغم من أن الأندية الأصغر هي في الواقع التي صوتت في معظمها لصالح تلك الصفقة، طامعة في الاستحواذ على جزء من كعكة عوائد البث التلفزيوني.
وتمثل الاستثناء هنا في توتنهام هوتسبر ورئيسه آلان شوغر الذي تعين عليه العيش تحت وطأة مشاعر الريبة تجاهه بسبب امتلاكه شركة «أمستراد» التي توفر أطباق استقبال البث الفضائي. وبعد إبرام الصفقة، تطوع فيرغسون بالقول: «مسألة الصلة بأمستراد تثير قلقي. لا يمكن أن يكون هناك مؤيد لا ينظر لقرار توتنهام بالتصويت لصالح الاتفاق مع سكاي بكثير من الريبة».
وفي واحد من أوائل الكتب التي أصدرها - تحديدًا «أليكس فيرغسون.. 6 سنوات في مانشستر يونايتد» - خصص المدرب السابق فصلاً كاملاً بعنوان «هراء الدوري الممتاز»، تناول خلاله النقاط التي أثارت ضيقه في ما يخص الأمر برمته. وإذا كنت من عاشقي متابعة شؤون كرة القدم بوجهها القديم وتخصص عطلاتك الأسبوعية للتنقل من مكان لآخر لحضور المباريات، فإنك قد تستمتع بقراءة ما كتبه فيرغسون في هذا الصدد.
خلال الفصل، تساءل فيرغسون: «ما حجم المقابل الذي يمكنك أن تطلبه من المشجعين؟»، معلنًا عن أسفه حيال الأسلوب الذي تستغل من خلاله «سكاي» الجماهير العامة من خلال إلزامها المشاهدين بشراء أطباق استقبال ودفع اشتراكات شهرية. وأضاف: «قد يصعب على مدرب ناد بارز الاعتراف بأن الأفراد داخل وخارج مجال كرة القدم تعرضوا للنصب، لكنني أتفهم جيدًا حيرة المشجع العادي في الشارع حيال الأمر». وأضاف: «الذي يتعذر علي فهمه كيف أن مسؤولي كرة القدم الذين تفاوضوا بخصوص العقد لم يملكوا الحصافة اللازمة لإدراك أنه بمجرد توقيع العقد، ستشرع (سكاي) في نهب المشجعين».
وبعد مرور قرابة ربع قرن، أصبحت كرة القدم الإنجليزية متداخلة بشدة مع شركة «سكاي» على نحو يجعل من المتعذر على كثيرين تصديق فكرة إقدام ناد بحجم ونفوذ مانشستر يونايتد بادئ الأمر على مناصبة الشركة العداء. من جهته، حذر فيرغسون من أن «سكاي» قد تقدم على عرض كثير من المباريات في أوقات غير مناسبة، الأمر الذي يجعل من المستحيل بالنسبة إلى بعض المشجعين مشاهدة المباريات، ويجبر الجميع على دفع كثير من المال. وقال مدرب مانشستر يونايتد السابق: «أرى صراعًا قادمًا. أعتقد أنه سيأتي يوم يتحسر فيه المعنيون بكرة القدم على اليوم الذي وافقنا فيه على بيع حق بث المباريات للقنوات الفضائية».
بمرور الأيام، اتضح أن فيرغسون كان مخطئًا في اعتقاده بأن حشود الجماهير ستتراجع أعدادها على نحو هائل، لكنه من الواضح أنه كان محقًا في تشككه في أن كثيرا من مشجعي كرة القدم القدامى سينبذونها. وخلال حديث معه هذا الموسم، حذر جوزيه مورينهو، مدرب تشيلسي السابق، من أنه يعتقد أن كرة القدم الإنجليزية تنجرف بسرعة خطيرة نحو نقطة التشبع. وقال مورينهو بأنه «في كثير من الدول، مثل البرتغال، لم يعد الناس يذهبون إلى ملاعب كرة القدم، وإنما يفضلون البقاء في المنازل، ويكمن السبب في التلفزيون. لماذا يدفع رجل برتغالي 50 يورو لشراء تذكرة لحضور مباراة قد يتضح أنها رديئة المستوى، بينما في إمكانه البقاء في المنزل بدلاً من ذلك ومشاهدة المباراة عبر التلفزيون؟ أنتم في إنجلترا لا تتناولون اللحم المشوي كل يوم، فلماذا إذن تشاهدون كرة القدم كل يوم؟ هذا أمر مفرط».
والواضح أن الوحش يزداد ضخامة يومًا بعد آخر، ففي الموسم القادم سيضيف مسؤولو الدوري الممتاز مباريات ليلة الجمعة إلى المعادلة، ومرة أخرى يسود شعور بأنهم ينظرون إلى التلفزيون باعتباره أشبه بقوة كبرى مهيمنة. ولم يعد الأمر مقتصرًا على «سكاي»، حيث عمدت «بي تي سبورت» مؤخرًا، على سبيل المثال، لنقل مباراة نيوكاسل في بورنموث، بينما نقلت «بي بي سي» لقاء ليفربول وإكستر سيتي في إطار بطولة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم إلى مساء الجمعة، من دون التفكير في الجماهير التي ستتكبد مشقة السفر من ملعب ميرسيسايد.
في الواقع، من الصادم أن هذا الأمر يتكرر كثيرًا لدرجة تدفع المرء للاعتقاد بأن شركات التلفزيون تفعل هذا عن عمد في سعي لاجتذاب أعداد أكبر نحو المشاهدة التلفزيونية.
وعليه، فإن كثيرا من المشجعين قد يتفهمون موقف ليدز يونايتد عندما ظهرت كاميرات «سكاي» لنقل كل ما يدور عبر شاشات التلفزيون، الثلاثاء الماضي، ليفاجأوا بأن الأبواب موصدة أمامهم. ومن الواضح أن ليدز أصابه السأم ببساطة من الأسلوب الذي فرضت به «سكاي» سيطرتها على المباريات خلال هذا الموسم.
ورغم ما تجنيه الأندية من عائدات سخية للبث فإن الجماهير التي تزحف وراءها في الملاعب باتت تئن من الشكوى بسبب ارتفاع أسعار تذاكر المباريات. ولا يمكن نسيان اعتراضات مشجعي «بايرن ميونيخ» خلال مباراتهم مع آرسنال، بملعب «الإمارات»، على أسعار التذاكر المرتفعة التي تفرضها كبريات أندية كرة القدم الإنجليزية.
وأطلق «اتحاد مشجعي كرة القدم» حملة لإجبار أندية الدوري الإنجليزي الممتاز على توجيه بعض من الزيادة الهائلة التي شهدتها عائداتها المالية من البث التلفزيوني في خفض أسعار المباريات أمام الجماهير.
يذكر أن نحو نصف المشجعين الألمان (3 آلاف) الذين وفدوا إلى «استاد الإمارات» في لندن لحضور مباراة ناديهم أمام «آرسنال» الإنجليزي في دوري أبطال أوروبا، تعمدوا البقاء خارج المدرجات لقرابة خمس دقائق مع بداية المباراة لإبداء اعتراضهم على ارتفاع أسعار التذاكر.
أما النصف المتبقي، والذين لم يتمكنوا من الانضمام إليهم لضيق المساحة، فقد التزموا الصمت التام خلال تلك الفترة حتى انضم إليهم أقرانهم المعترضون داخل المدرجات.
المعروف أن «آرسنال» الذي يتصدر قائمة الأندية الأعلى سعرا لتذاكر المباريات، يشكل منذ فترة طويلة هدفًا لأولئك المعترضين.
وأجرت صحيفة «غارديان» مقارنة بين أرخص أسعار تذاكر عروض الأوبرا (كارمن، 11 جنيها إسترلينيا)، والباليه (كسارة البندق، 14 جنيها إسترلينيا) في لندن، وخلصت إلى أنها جميعًا تقل عن سعر تذكرة أرخص مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز (23 جنيها إسترلينيا في ملعب أستون فيلا). وكانت اعتراضات مشجعي مانشستر سيتي منذ عامين على أسعار تذاكر المباريات المنعقدة خارج ملعبهم قد أثارت موجة جديدة من الاعتراضات العامة بخصوص هذه القضية.
وحول هذا، قال كيفين مايلز، الرئيس التنفيذي لـ«اتحاد مشجعي كرة القدم»: «يتطلع كثير من مشجعي أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بحسد نحو أسعار تذاكر مباريات الدوري الألماني على مدار سنوات، إلا أنه أحيانا نحتاج إلى معاينة تأثير أسعار تذاكرنا على زائرين أجانب لزيادة التركيز على ما يتكبده المشجعون الإنجليز من أموال لمشاهدة المباريات».
وأضاف: «يتمتع الألمان بأسعار معقولة للتذاكر، بل وربما رخيصة مقابل جميع المباريات، وليس مباراة استثنائية أو حفنة من المباريات ذات التصنيف الأقل، والتي تجري الإشارة إليها لاحقًا باعتبارها مثالاً على سياسات تسعير جيدة».
في السياق ذاته، قال كليف إفورد، وزير رياضة الظل، إن الوقت حان كي «يتوقف الدوري الممتاز عن التهام كل هذه الأموال وإنفاقها في صورة رواتب ضخمة ولتعزيز ثقافة الجشع المتفشية في أوساط المستويات العليا من المسؤولين الرياضيين».
من جهة أخرى، أشارت «رابطة مشجعي آرسنال» إلى أن أغلى سعر لتذاكر مباراة للنادي على ملعبه كانت 125 جنيها إسترلينيا، وأنها (الرابطة) مارست ضغوطًا مستمرة على النادي لبذل مزيد من الجهود لتخفيض الأسعار. ونوه الصندوق بأن النادي دفع 3 ملايين جنيه إسترليني مؤخرًا كأجور استشارات سددها مالك النادي، الأميركي ستان كرونكي من أجل بحث مسألة التذاكر.
وأثناء المباراة الأخيرة، رفع مشجعو بايرن ميونيخ، الذين دفع كل منهم 64 جنيها إسترلينيا مقابل التذكرة، لافتة كبيرة مكتوبا عليها: «64 جنيها إسترلينيا للتذكرة، لكن من دون المشجعين لا تساوي كرة القدم بنسًا واحدًا». وقد أثنى عليهم مشجعو آرسنال مع عودتهم إلى المدرجات بعد مرور الدقائق الخمس الأولى من المباراة، والتي انتهت بانتصار صاحب الأرض بهدفين مقابل لا شيء.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».