اتخذ عدد من المسؤولين في الحقل الاقتصادي حول العالم عام 2015 قرارات حمل الكثير منها مستوى مخاطرة عالية، خصوصًا في ظل الوضع المالي العالمي الحالي الذي يحتاج لإجراءات تتماشى والتباطؤ الذي يمر به اقتصاد العالم، على أن التداعيات الحقيقية لتلك القرارات ستظهر بوضوح في الحساب الختامي لموازنات الدول عام 2016.
وارتدى متخذو القرارات الاقتصادية الفارقة زي «بابا نويل» قبل نهاية العام للمستثمرين الرابحين، الذين طالما انتظروها خلال عام وصفه محللون ومراقبون بـ«السيئ اقتصاديًا»، متزامنًا مع بداية عام جديد يحمل تقاليد «سانتا كلوز» الذي يجول الشوارع لتوزيع الهدايا.
وحصلت على لقب «بابا نويل» في الاقتصاد الأميركي جانيت يلين، رئيسة البنك المركزي الأميركي، التي اتخذت قرارًا تاريخيًا برفع الفائدة ربع درجة مئوية على الودائع المصرفية، منهيًا بذلك عدة سنوات من معدلات تقترب من الصفر، مما يعطي مؤشرًا على الثقة في أكبر اقتصاد في العالم، ليجني المتعاملون في سوق العملات من حائزي الدولار مكاسب كبيرة، ولبعض الأسواق المالية المرتبطة به.
شارك يلين في اللقب الكونغرس الأميركي الذي اتخذ قرارًا تاريخيًا أيضًا برفع حظر تصدير النفط، الذي مثّل أكبر هدية في عام 2015 لشركات النفط الأميركية، التي أغلقت مئات منصات الحفر بسبب تراجع أسعار النفط، وهو ما سبب لها خسائر فادحة، توقعت تعويضها مع هذا القرار.
وارتدت كريستيان لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي حلة «بابا نويل» بالنسبة للشعب الصيني، حينما دافعت بقوة عن ضم اليوان لسلة العملات الرئيسية التي يعتمدها الصندوق، الأمر الذي يعطي قوة دافعة قوية للعملة الصينية أمام سلة العملات الرئيسية (الدولار واليورو والإسترليني والين الياباني).
وحاول الرئيس الصيني تشي جين بينغ، ارتداء الحلة نفسها، من خلال الإعلان والتوقيع على إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ليلتف حوله نحو 57 دولة للحصول على المميزات التي يمنحها البنك لأعضائه، على أن عام 2016 سيوضح حجم المشاريع التي سيقدمها للدول الأعضاء وهل ترتقي لمستوى تهافت الدول للانضمام.
وعلى الصعيد الأوروبي، أهدى ماريو دراغي محافظ البنك المركزي، منطقة اليورو بأكملها والأوروبيين، قبلة حياة، حينما قرر استمرار برنامج التيسير الكمي، الذي من شأنه إنعاش الاقتصاد الأوروبي المنهك، والذي أعطى فرصة أخرى للاقتصاد اليوناني للتعافي من أزماته.
وأظهر المسح الفصلي للبنك المركزي الأوروبي مؤخرًا أن شروط الائتمان بالقطاع المالي في منطقة اليورو قد تحسنت بفضل برنامج التيسير الكمي، الذي ساهم في ضخ الأموال لتوفير السيولة وتضمن شراء سندات، كان دراغي قرر تمديد فترة البرنامج التحفيزي حتى شهر مارس (آذار) من عام 2017، بعد أن كان من المقرر أن ينتهي في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2016.
ولا شك أن سيدة أوروبا الأولى أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، لعبت دور «بابا نويل» لمعظم اللاجئين الذين لم يجدوا مأوى بعد ما أغلقت الحدود الغربية أمامهم، إلا أن قرار ميركل باستضافتهم أعطى شعورًا كما لو أن شخصًا يمنحك هدايا غير متوقعة.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فظهر دوره الكبير من خلال جهود البنك الدولي في الاقتراب من القضاء على فيرس الإيبولا، الذي كلف الدول الأفريقية نحو 30 مليار دولار خسائر حتى عام 2015.
وأعطت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) دفعة قوية لاقتصادات معظم دول العالم بقرارها الإبقاء على مستوى الإنتاج دون تغيير، خاصة الدول المستوردة للنفط وعلى رأسها دول منطقة اليورو التي تستورد نحو أكثر من 80 في المائة من احتياجاتها النفطية، ويتسبب تراجع أسعار النفط في انتقال الثروة من البلدان المنتجة إلى المستهلكة، وهناك تقديرات تشير إلى مكاسب بمليارات الدولارات للدول المستوردة للنفط، وعلى رأسها الدول الصناعية في آسيا (الصين وكوريا الجنوبية واليابان)، في صورة توفير فاتورة الطاقة. كما أن التعافي القوي للاقتصاد الأميركي يعزي في جزء منه لانخفاض أسعار النفط.
وعلى الصعيد العربي، فهناك نحو 20 مليون سائح زاروا الإمارات العربية المتحدة العام الحالي، منهم عاملون أجانب، استفادوا بالسياسات الاقتصادية للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، التي تحولت لوجهة مهمة للسائحين والعاملين حول العالم، والتي أصدرت 3 قرارات جديدة في سوق العمل لحماية العمال الوافدين، يتعلق القرار الأول بتعزيز شفافية التعاقد بين العامل وصاحب العمل، أما القرار الثاني فكان لضمان العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل بما فيها ضوابط إنهاء العلاقة، في حين يهدف القرار الثالث لإيجاد آلية تسهل من شروط انتقال العمالة من شركة إلى أخرى بما فيها مغادرة الشركة للعمل بشركة أخرى أو مغادرة الدولة، ويلغي نظام الحرمان، على أن تطبق هذه القرارات ابتداء من مطلع العام المقبل 2016.
ومثّل طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، طوق نجاة للكثير من المصريين، بعد توليه منصبه، الذي بدأه برفع قيمة الجنيه المصري، مما قلل الضغوط على المواطنين من خلال تخفيض أو على الأقل ثبات الأسعار، نظرًا لأن أكثر من 80 في المائة من الاحتياجات المحلية تستورد من الخارج، بالإضافة إلى توفيره للعملة الصعبة للكثير من الشركات التي تحتاج الدولار الأميركي للإفراج عن شحناتها في الموانئ والجمارك المصرية.
«سانتا كلوز» الاقتصاد العالمي في 2015؟
10 قرارات غيرت مجريات دولية
«سانتا كلوز» الاقتصاد العالمي في 2015؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة