الائتلاف يدعو الجامعة العربية والأمم المتحدة لإنقاذ معضمية الشام من «مجزرة وشيكة»

توثيق مقتل 1456 شخصًا تحت التعذيب في سجون النظام العام الماضي

الائتلاف يدعو الجامعة العربية والأمم المتحدة لإنقاذ معضمية الشام من «مجزرة وشيكة»
TT

الائتلاف يدعو الجامعة العربية والأمم المتحدة لإنقاذ معضمية الشام من «مجزرة وشيكة»

الائتلاف يدعو الجامعة العربية والأمم المتحدة لإنقاذ معضمية الشام من «مجزرة وشيكة»

طالبت اللجنة القانونية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الجامعة العربية والأمم المتحدة والمبعوث الأممي الخاص بسوريا، بتحمل مسؤولياتهم تجاه مدينة معضمية الشام التي اخترق فيها نظام الرئيس السوري بشار الأسد الهدنة المبرمة منذ عامين، داعية إياهم «للتحرك الفوري والعاجل لإنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء من مجزرة وشيكة».
وقالت اللجنة في بيان إن «نظام الأسد أرسل تهديدات لسكان معضمية الشام بريف دمشق من أجل إخلاء المدينة وتسليم الثوار سلاحهم، وإلا فسيقوم بعملية إبادة جماعية لهم، من أجل إكمال مشروعه في التهجير القسري والتغيير الديمغرافي لمحيط العاصمة».
ويرزح 45 ألف مدني، نصفهم من النساء والأطفال، في مدينة المعضمية تحت حصار خانق منذ عام 2013، من قبل القوات النظامية التي تمنع دخول أي مواد غذائية، أو طبية بشكل كامل، بحسب ما يقول الائتلاف الوطني السوري. ويضيف: «كما قامت برفع السواتر الترابية حول المدينة، وذلك بالتزامن مع قصفها بالبراميل المتفجرة، والأسلحة الثقيلة في خرق للهدنة الموقعة مع أهالي المدينة برعاية من فريق المبعوث الأممي إلى سوريا في دمشق».
وفي بيان صادر عن قسم حقوق الإنسان في اللجنة القانونية للائتلاف، طالبت اللجنة مجلس الأمن «بالسعي الجاد والتحرك لوقف عدوان قوات النظام على المدينة ومنعها من تهديدها، وقتل الأبرياء فيها، وذلك التزامًا بمسؤوليته في حماية المدنيين، وتطبيقًا لقراراته رقم 2139 و2165 و2254 المتضمنة الطلب من نظام الأسد أن تضع حدًا لجميع الهجمات ضد المدنيين، وترفع الحصار المفروض من قبلها وتفسح المجال لعبور المساعدات الإنسانية، وتوقف القصف على مناطق المدنيين».
وأهابت اللجنة بجميع منظمات حقوق الإنسان الدولية التحرك، والضغط على المجتمع الدولي للتحرك «لوقف هذه المجزرة الوشيكة، التي تمثل جريمة إبادة جماعية بحق المدنيين في معضمية الشام»، محملة المسؤولية كاملة لبشار الأسد وشقيقه العميد ماهر الأسد الذي يقود الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري، عن هذه المجازر، على اعتبار أن القوات التي تحاصر المدينة تتبع لإمرتهما المباشرة، وهي قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة.
وتشهد معضمية الشام منذ عدة أسابيع قصفًا عنيفًا ومستمرًا بالبراميل المتفجرة، إضافة إلى محاولات مستمرة من جانب قوات النظام لاقتحام الجهة الجنوبية من المدينة. وبدأ القصف على المنطقة، إثر خرق النظام لهدنة موقعة في عام 2013، متذرعًا بأن المعضمية باتت قاعدة إمداد لمقاتلي المعارضة في داريا المحاصرة القريبة منها. ويحاول النظام الضغط على سكان المعضمية، بهدف إجبارهم على تسليم المسلحين في داخلها، وذلك عبر مضاعفة الحصار ومنع المواد الغذائية من الدخول عبر معبرها الوحيد.
إلى ذلك، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مقتل 4633 شخصًا، خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الفائت في أنحاء سوريا، مشيرًا إلى مقتل 1329 مدنيًا، بينهم 288 طفلاً و196 امرأة.
وأوضح المرصد أن هؤلاء قتلوا جراء قصف للطائرات الحربية الروسية وقصف لطائرات النظام الحربية والمروحية، وقصف لطائرات التحالف الدولي، وتحت التعذيب في معتقلات وأقبية أفرع النظام الأمنية، وجراء سقوط قذائف أطلقتها الكتائب المقاتلة و«جبهة النصرة» وتنظيم داعش وفصائل أخرى، وجراء سوء الأوضاع الصحية والطبية ونقص الأدوية والعلاج اللازم، فضلاً عن رصاص القنص والاشتباكات.
وبحسب «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، قتل خلال الشهر الماضي 34 معتقلاً جراء التعذيب في أقبية النظام، انضموا إلى آخرين قتلوا تحت التعذيب خلال العام الماضي.
وأعلنت الشبكة أنها وثقت مقتل 1592 شخصًا بسبب التعذيب في عام 2015، بينهم 1456 قتلوا في سجون معتقلات النظام، موضحة أن 1419 منهم مدنيون، بينهم 7 أطفال و4 نساء، و127 مسلحًا معارضًا كانوا معتقلين.
ويتوزع الآخرون على تنظيمات أخرى، إذ أعلنت الشبكة أن تنظيم داعش مسؤول عن مقتل 10 أشخاص تحت التعذيب، بينما قتل 19 في معتقلات تابعة لجبهة النصرة. أما فصائل المعارضة، فقتل في معتقلاتها 9 أشخاص، بينما قتل 4 أشخاص في معتقلات القوات الكردية.
وقال فضل عبد الغني، رئيس «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»: «لا بد من تطبيق مبدأ (مسؤولية الحماية) بعد فشل الدولة في حماية شعبها، وفشل الجهود الدبلوماسية والسلمية كافة حتى اللحظة، وما زالت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ترتكب يوميًا في سوريا، وبشكل رئيسي من قبل أجهزة الدولة نفسها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.