أكثر من 400 قرية على ضفاف نهر الفرات مهددة بالإبادة حال انهيار سد تشرين

صفارات الإنذار تدوي في المنطقة و«قوات سوريا الديمقراطية» تتهم تركيا

طفل يحمله أبوه إلى مستشفى ميداني في بلدة أبطع بمحافظة درعا في جنوب سوريا (رويترز)
طفل يحمله أبوه إلى مستشفى ميداني في بلدة أبطع بمحافظة درعا في جنوب سوريا (رويترز)
TT

أكثر من 400 قرية على ضفاف نهر الفرات مهددة بالإبادة حال انهيار سد تشرين

طفل يحمله أبوه إلى مستشفى ميداني في بلدة أبطع بمحافظة درعا في جنوب سوريا (رويترز)
طفل يحمله أبوه إلى مستشفى ميداني في بلدة أبطع بمحافظة درعا في جنوب سوريا (رويترز)

أفاد ناشطون في سوريا بأن منسوب المياه في نهر الفرات، وبالتحديد من جهة سد تشرين في ريف محافظة حلب، واصل ارتفاعه الأربعاء ولليوم الثالث على التوالي، دون معرفة الأسباب، مهددا بإبادة أكثر من 400 قرية محيطة به، مما أجبر مئات العائلات على مغادرة منازلهم. واتهم العقيد طلال سلو، الناطق باسم «قوات سوريا الديمقراطية» المتحالفة مع ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، تركيا بـ«فتح المياه وبكميات هائلة لتدمير سد تشرين وإغراق القرى المحيطة به ردا على سيطرة قواتنا عليه قبل أيام معدودة». وادعى لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لقد سلمنا إدارة السد لهيئة الطاقة التابعة لكوباني، ونحن نحاول حاليا أن نجد حلا لارتفاع مستوى المياه من خلال تجهيزه بالمزيد من العنفات أو محاولة إيجاد طرق جديدة لتصريف المياه».
من جهة ثانية، نبّه عماد الحنيظل، رئيس المجلس المحلي السابق لمدينة منبج، إلى أن «عدم إيجاد حل لمشكلة ارتفاع منسوب المياه يجعل من سد تشرين عرضة للتصدع والانهيار، خاصة مع توقف العنفات الموجودة فيه عن العمل، والتي تقوم بتنظيم دخول وخروج الماء في بحيرة السد»، موضحا أن السد يحتوي على ست عنفات مهمتها تفريغ ما يقارب مترا مكعبا من مياه البحيرة يوميا. وأشار الحنيظل إلى أن بحيرة السد تستطيع استيعاب ملياري متر مكعب من الماء كحد أقصى، وأي زيادة في تلك الكمية قد تؤدي إلى «كارثة إنسانية» في 470 قرية على ضفاف نهر الفرات، موجها نداء للجهات المسؤولة والجهات المسيطرة على المنطقة إلى الإسراع بإصلاح العنفات لتدارك «الخطر القادم»، على حد تعبيره.
ومن جانبه، أكد الناشط الإعلامي أبو معاذ الشرقي، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن مياه النهر غمرت مئات المنازل والأراضي القريبة من السد ولا يزال منسوبها يواصل ارتفاعه في كل من بلدات الشيوخ وسهل القملق وتل العبر وتل أحمر ومزرعة تل أحمر والقبة وقره قوزاق وغيرها من المناطق، مما أجبر الأهالي على النزوح منها.
يذكر أن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» سيطرت قبل أيام معدودة على سد تشرين بعد معارك عنيفة مع تنظيم داعش. وأوضح بيان صادر عن هذه الميليشيا يوم أمس أنه «بعد تحرير سد تشرين وتأمينه، عمدت قواتنا إلى الالتفاف حول المساكن الخاصة بالسد، ومن ثم تم تحريرها بالكامل، كما عمدت قواتنا إلى تحرير القرى والتلال المحيطة به وذلك لتأمين الحماية اللازمة لوجود قواتنا في المنطقة»، مشيرا إلى أنه «تمت في محيط السد إزالة وإبطال مفعول آلاف الألغام والمفخخات من قبل وحدات الهندسة، وتحرير العاملين في السد الذين احتجزهم (داعش)». وعن تشغيل السد، أوضح البيان أن «قوات سوريا الديمقراطية» وكّلت مهمة عمل السد والإشراف على تشغيله إلى هيئة الطاقة في عين العرب (كوباني) «على أن يتم توزيع الكهرباء بشكل عادل على كل المناطق حسب توافر الشبكات الخاصة بذلك».
وفي المقابل، طالب تنظيم داعش المتطرف، أول من أمس الثلاثاء، جميع أهالي القرى القريبة من نهر الفرات جنوب سد تشرين والواقعة تحت سيطرته، بضرورة إخلاء منازلهم على وجه السرعة «خشية طوفان قد يحصل جراء انهيار سد تشرين» في ريف حلب الشرقي. وعزا التنظيم أمر الإخلاء لـ«التدفق الكبير لمياه نهر الفرات، مما سيجبر الفنيين على فتح عنفات السد الرئيسية خشية انهياره لعدم تحمله، وفي الحالتين فإن مئات القرى ستغرق».
في هذه الأثناء، كتب الدكتور باسل الحاج جاسم، الباحث في الشؤون الروسية – التركية والمستشار في العلاقات الدبلوماسية، على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن «التلاعب باللوحة الإلكترونية الخاصة بالتحكم ببوابات سد تشرين بمدينة منبج أدى لرفع منسوب المياه»، متحدثا عن «ترقب لحصول أكبر كارثة إنسانية تهدد مئات القرى بالغرق». وأضاف: «بحيرة سد تشرين تتسع لملياري متر مكعب ماء، والزيادة عن ذلك ستؤدي إلى كارثة إنسانية قد تطال 470 قرية على ضفاف نهر الفرات». وفي الموضوع نفسه، قال ناشطون من مدينة منبج إن «صفارات الإنذار الخاصة بسد تشرين ما زالت تنطلق منذ ظهيرة الثلاثاء»، لافتين إلى «احتمال انهيار السد في أي وقت سيؤدي إلى إبادة 400 قرية، ناهيك عن المخاطر التي ستلحق بسد الفرات أيضا». وفي حين تُعرف الأسباب الحقيقية وراء تدفق المياه المفاجئ، رجّح ناشطون أن يكون هروب أغلب موظفي السد بعد سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» عليه أدى لوقف ضخ المياه من بحيرة السد حسب الحاجة، وقالوا إن «داعش» وضع عبوات ناسفة بعدة مناطق في جسم السد الخارجي تعمل فرق مختصة تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية على تفكيكها.
وللعلم، يُعتبر سد تشرين ثاني أكبر السدود على نهر الفرات في سوريا. وينبع النهر كما هو معروف من وسط تركيا، ويمر في سوريا بطول نحو ستمائة كيلومتر من مدينة جرابلس على الحدود مع تركيا مرورا إلى مدينة البوكمال شرقا على الحدودية العراقية، وأقيمت عليه في سوريا ثلاثة سدود هي تشرين قرب مدينة منبج بريف حلب، وسد الفرات، وسد البعث في ريف الرقة الغربي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.