نشاط مكثف في ختام 2015 بهدف رفع جودة التعليم العربي

مبادرات ومشروعات ومؤتمرات تهتم بزيادة الوعي واستغلال التكنولوجيا

تلاميذ في إحدى المدارس الابتدائية في العاصمة العراقية بغداد (رويترز)
تلاميذ في إحدى المدارس الابتدائية في العاصمة العراقية بغداد (رويترز)
TT

نشاط مكثف في ختام 2015 بهدف رفع جودة التعليم العربي

تلاميذ في إحدى المدارس الابتدائية في العاصمة العراقية بغداد (رويترز)
تلاميذ في إحدى المدارس الابتدائية في العاصمة العراقية بغداد (رويترز)

يوما بعد يوم، يتزايد معدل انطلاق ونشاط المبادرات والمشروعات العربية الحكومية وغير الحكومية التي تستهدف رفع جودة التعليم في الوطن العربي. وشهد شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي ختاما نشيطا للعام، استهدف زيادة الوعي العام، خصوصا في مراحل التعليم، إضافة إلى استغلال ما توفره التقنية الحديثة من سهولة في التواصل والتعليم لتوفير السبل الكفيلة بزيادة المستوى التعليمي أفقيا، من حيث عدد المتعلمين، ورأسيا من خلال المحتوى والجودة.
وخلال الأسبوع الماضي، زار وفد مشروع «تحدي القراءة العربي» الإماراتي كلا من الكويت والبحرين، وذلك استكمالا لجولاته العربية والدولية لشرح آليات المبادرة وتعزيز المشاركات في المشروع، الذي يهدف إلى زيادة الوعي بأهمية القراءة لدى الطلبة في الوطن العربي وتوسيع المدارك وتنمية الفكر من خلال التنافسية.
والتقى وفد المشروع الدكتور بدر حمد العيسى وزير التربية ووزير التعليم العالي الكويتي والدكتور ماجد بن علي النعيمي وزير التربية والتعليم البحريني. وقدمت نجلاء الشامسي، الأمين العام للمشروع، خلال الزيارتين شرحا مفصلا حول آليات تطبيق المشروع في المدارس.
ورحب كل من الجانب الكويتي والبحريني بهذه المبادرة، التي ستسهم بقوة في تشجيع طلبة المدارس في الوطن العربي على القراءة والاطلاع، حيث تولي وزارات التربية والتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي اهتماما خاصا باللغة العربية واعتبارها من أوليات وضروريات مراحل التعليم الأساسي، وذلك لقوة ارتباط اللغة العربية بالهوية الوطنية.
ونظم الوفد خلال الزيارتين ورشات عمل لشرح آليات مشروع «تحدي القراءة العربي»، الذي يتخذ شكل منافسة يشارك فيها الطلبة من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثاني عشر من المدارس المشاركة حول العالم، يتدرج خلالها الطلاب المشاركون عبر خمس مراحل تتضمن كل مرحلة قراءة عشرة كتب وتلخيصها في «جوازات التحدي»، ومن ثم الانتقال إلى مراحل التصفيات، وفق معايير معتمدة وصولا لمرحلة التصفيات النهائية التي تعقد بدبي في شهر مايو (أيار) سنويا.
وأكدت الشامسي خلال الزيارتين على أن الهدف الأسمى للمشروع هو زيادة الوعي بأهمية القراءة لدى الطلبة في الوطن العربي والدول التي تعتمد تعليم اللغة العربية في مناهجها لتنمية مهارات التعلم الذاتي والتفكير التحليلي الناقد وتوسيع المدارك وتنمية الجوانب العاطفية والفكرية لدى الطلاب وتحسين مهارات اللغة العربية لدى الطلاب، لزيادة قدرتهم على التعبير بطلاقة وفصاحة وتعزيز الوعي الثقافي لدى الطلاب منذ صغرهم.
وفي سياق مواز، أعلن الأسبوع الماضي عن تجديد مبادرة «التعليم لتحقيق الأفضل» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تهتم بالمساعدة في استخدام التعليم لإيجاد فرص اقتصادية تسهم في حل مشكلات مثل الحد من الفقر، ما يمكنه أن يؤدي إلى إيجاد مجتمعات أكثر استقرارًا وازدهارًا وأن يهيئ مناخًا أفضل للأعمال، إضافة إلى استغلال حقيقة أن التعليم يبني القوى العاملة اللازمة للمستقبل.
وأوضح جان كلود فرح، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة ويسترن يونيون التي أطلقت المبادرة، أن الجهود المجتمعية التي تبذلها المؤسسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تنبع من الظروف المستجدة والسائدة، التي تسببت في خطورة على توفير التعليم وجودته. وكان من نتائج ذلك أن طفلاً من كل أربعة أطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إما أن يكون متسربًا من المدرسة، أو عُرضة لخطر التسرب المدرسي.
وأشار فرح إلى أنه «عقب مرور ثلاثة أعوام ناجحة على تفعيل المبادرة، تتضمن الأهداف العالمية التي تم تحديثها مؤخرًا لمبادرة التعليم للأفضل أهدافًا للمبادرة تسعى لتحقيقها خلال السنوات الخمس المقبلة. وسوف تستهدف المرحلة التالية من هذه المبادرة توفير التعليم والتدريب على المهارات الوظيفية التي تعزز من الفرص الاقتصادية المتاحة للمرأة والشباب، مما يدعم العائلات والمجتمعات». مؤكدا أن «أهمية التعليم في هذه المنطقة، وفي اللحظة الراهنة لا يمكن وصفها بالقدر الذي تستحقه».
ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة، فإن كل عام إضافي من الالتحاق بالمدارس يمكنه أن يزيد من دخل الفرد السنوي بنسبة 10 في المائة. وأكد فرح أيضًا أن التعليم هو واحد من الأهداف التنموية المستدامة التي وضعت إطارها منظمة الأمم المتحدة في وقت سابق هذا العام، إلا أن تحقيق التقدم فيه شيء لا تستطيعه الحكومات بمفردها، مشيرا إلى أن «كل من القطاع الخاص والأفراد، إلى جانب الشركات والمنظمات غير الحكومية، لديهم دور مهم يؤدونه في إحداث التغيير».
وعلى صعيد ذي صلة، اختتمت منتصف الشهر الحالي فعاليات منتدى «التعلم الذكي» الخاص بالمنطقة العربية الذي أقيم في دبي، بإقرار جملة من التوصيات الهامة التي شارك في وضعها نخبة من أبرز الخبراء في مجال التعليم والمناهج وفي مجال قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وكذلك المعنيون بالشأن التربوي، بالإضافة إلى مجموعة من أبرز الشركات وموفري الحلول والتطبيقات الذكية.
وشهد المنتدى على مدى ثلاثة أيام مناقشات ومداولات اتسمت بدرجة عالية من التنوع والغنى، تم من خلالها عكس رؤية جميع الأطراف المعنية بموضوع التعليم الذكي باعتباره حاجة ضرورية وخيارا حتميا في إعداد جيل المستقبل من خلال توفير مناهج حديثة واعتماد طرق تدريس تفاعلية تجذب الطلاب من مختلف الأعمار وتحفزهم على الإبداع والابتكار.
وأجمع الحضور على أهمية التعليم الذكي ودوره الفعال والحيوي في بناء الاقتصاد الرقمي وإعداد الجيل الجديد من قادة المستقبل المؤهل والكفء لقيادة عملية التحول الشامل على مستوى الوطن العربي.
وأشاد المشاركون بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال، حيث اطلعوا خلال زيارة ميدانية إلى مدرسة أم سقيم في إمارة دبي على التطبيق العملي لتجربة التعلم الذكي، واستمعوا إلى انطباعات المدرسين والطلاب حيال هذه التجربة الرائدة والكيفية التي أسهمت بها في توسيع مدارك الطلبة حيال الكثير من الأمور والقضايا العلمية والمعرفية.
وتضمنت قائمة التوصيات الصادرة عن المنتدى وضع رؤية إقليمية وخريطة طريق في إطار عمل جامعة الدول العربية ما بين أصحاب المصلحة من أجل اعتماد خطة إقليمية لتحويل القطاعات التعليمية في المنطقة العربية للتحول إلى التعلم الذكي، بغية تحقيق الأهداف والغايات التي حددتها أهداف التنمية المستدامة والمبادرة الإقليمية العربية للاتحاد الدولي للاتصالات للتعلم الذكي.
كما تم الترحيب بدعوة منظمة الاتحاد الدولي للاتصالات ومنظمة «الالكسو» لعقد مؤتمر عالي المستوى للتعلم الذكي خلال الربع الثاني من 2017 بهدف إقرار رؤية وخطة عمل إقليمية للتعلم الذكي بمشاركة كل أصحاب المصلحة المعنيين، بمن فيهم وزراء التربية والتعليم ووزراء الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المنطقة العربية.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.