انضم نادي إيفرتون إلى قائمة طويلة من الأندية الإنجليزية التي يضعها مستثمرون أميركيون تحت منظار الفصح والتدقيق.
لقد تعزز الأنباء التي تحدثت عن اهتمام مستثمرين أميركيين بنادي إيفرتون، بعد أيام قليلة من بيع كريستال بالاس حصة تبلغ 36 في المائة وبورنموث على 25 في المائة أيضًا لمستثمرين أميركان رغم أن هذا المشهد قد يعطي انطباعًا متناقضًا لأن هؤلاء المستمرين يأتون من بلد ما زال في العموم متغافلاً عن كرة القدم. وعندما أطلق مالكولم غليزر وأبناؤه الستة شرارة هذا التغير التاريخي بعد شرائهم أشهر الأندية الإنجليزية، مانشستر يونايتد، قبل 10 سنوات، أعلنوا آنذاك أن جويل غليزر مشجع «متحمس» للفريق الأحمر.
والآن وبعد اهتمام المستثمرين بنادي إيفرتون في أعقاب صفقات شراء أميركية سابقة في آرسنال وليفربول وأستون فيلا وسندرلاند وبورنموث وكريستال بالاس (7 من أصل 20 ناديًا تلعب حاليًا في الدوري الإنجليزي الممتاز) لا يمكن إنكار أن الدافع الرئيسي وراء ذلك هو المال بالأساس. إن الدوري الإنجليزي الممتاز أو «إي بي إل» كما يعرف ويسوق داخل الولايات المتحدة، وهو السبب الرئيسي في إعادة تسمية دوري كرة القدم الأميركية بـ«إي إف إل» - يشهد ازدهارًا كما أثار مبلغ الـ5.136 مليار جنيه إسترليني الذي دفعته كل من شبكتي سكاي وبي تي مقابل حقوق البث المباشر للفترة بين عامي 2016 - 2019 شهية المزيد من المشترين المحتملين عبر الأطلسي.
وبينما بدا أن شراء تشيلسي من جانب الروسي رومان أبراموفيتش في 2003 واستحواذ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان على مانشستر سيتي في 2008، مؤشر على أن أندية إنجليزية لكرة القدم ستؤول ملكيتها إلى مليارديرات يرون فيها أصولا للزهو بها، فإن هناك عددًا محدودًا من أمراء الخليج وأثرياء الروس في الدوري الممتاز يديرون أنديتهم ويحولونها إلى شركات غير خاسرة. وفيما تباع الأندية، ولأسباب متباينة (حملة الأسهم الإنجليز يريدون الحصول على نقود سائلة، أو الملاعب والفرق تحتاج إلى الاستثمار) جاء الاهتمام الأساسي من الولايات المتحدة، حيث يوجد الكثير من الممولين الاستحواذيين وتشيع ثقافة شراء الأندية الرياضية بغرض الاستثمار المالي.
وعلى مدار قرن من الزمان، كانت الثقافة الراسخة في كرة القدم الإنجليزية، التي تنظمها لوائح اتحاد اللعبة، هي مشاركة حملة الأسهم والمديرين في خدمة الأندية، وليس السعي إلى جني المال لأنفسهم، لكن اتحاد كرة القدم تنازل عن ذلك التقليد بدءا من ثمانينات القرن الماضي، بعدما أصبحت المبالغ المالية المقبلة ضخمة.
وهكذا حقق الملاك الإنجليز السابقون لتلك الملاذات الرياضية، التي ما زلنا نسميها أندية، ثروات من بيع حصصهم التي حازوها على مدار عقود طويلة. وجنى مارتن إدواردز وعائلته 91 مليون جنيه إسترليني من حصيلة بيع يونايتد، وحصل ديفيد موريس على 90 مليون جنيه إسترليني مقابل حصته التي ورثها في ليفربول، ونال دوغ إليس 20 مليون جنيه إسترليني مقابل أسهمه في أستون فيلا، وحصد ملاك الآرسنال العتيدون على مبالغ طائلة حصيلة بيع النادي إلى ستان كرونكي، حيث حصل ديفيد دين على 75 مليون جنيه إسترليني لقاء حصته التي باعها إلى علي شير عثمانوف.
ويهدف الملاك الأميركيون إلى تكرار تجربة حيازة السلاسل الرياضية الأميركية على الأجل المتوسط والطويل، ليجنوا المال نتيجة زيادة القيمة السوقية للأندية ومن عائدات البث التلفزيوني وعقود الرعاية وأسعار التذاكر واستهلاك المشجعين لتذكارات النادي. وتعد الأندية الرياضية أعمال تجارية تدر الأموال السائلة أيضًا، لذا فإن الملاك يمكنهم أيضًا جني المال مباشرة، ويدفع الآرسنال حاليًا لشركة كرونكي «كيه إس إي» 3 ملايين جنيه إسترليني سنويًا مقابل خدمات توصف بأنها استشارية.
لقد اشتهر النهج الذي أتبعه آل غليزر بأنه الأكثر صراحة ومباشرة في هذا المضمار: لقد ضخوا 272 مليون جنيه إسترليني فقط من مبلغ الـ790 مليون جنيه إسترليني الذي دفعوه مقابل شراء يونايتد، ثم حملوا قروضهم البالغة 518 مليون جنيه إسترليني على النادي ليتولى سدادها. لقد كلفت النادي صفقة الاستحواذ بالاستدانة، والتي رتبها إيد وودورد عندما كان يعمل في بنك جيه بي مورغان التجاري، أكثر من 700 مليون جنيه إسترليني من الفوائد والرسوم منذ ذلك الحين، وما زال صافي الدين 411 مليون جنيه إسترليني.
وما زال وودورد، الذي عينته الأسرة لإدارة نادي كرة القدم الفعلي، يعاني بعد رحيل السير أليكس فيرجسون لكن آل غليزر جنوا ثروات رغم ذلك. لقد حققوا 75 مليون جنيه إسترليني من عائدات بيع الأسهم عندما أعادوا تسجيل النادي في جزر كايمان وأدرجوه في بورصة نيويورك للأوراق المالية عام 2012، ثم حصلوا على 200 مليون دولار (134 مليون جنيه إسترليني) مقابل صفقة بيع في أغسطس (آب) 2014، وجنى إدوارد غليزر نحو 29 مليون جنيه إسترليني إضافية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي نتيجة بيع المزيد من تلك الأسهم. وأعلن يونايتد هذا العام عن توزيعات أرباح سنوية ستضيف 15 مليون جنيه إسترليني كل عام إلى خزينة العائلة.
وما زالت تمتلك الأسرة 90 في المائة من يونايتد، وهي حصة قدرت مجلة فوربس الأميركية للأعمال قيمتها بـ3.1 مليار دولار في شهر مايو (أيار) الماضي حيث قالت: «لا يستطع أي نادٍ آخر على كوكب الأرض جني المال من علامته التجارية مثلما فعل الشياطين الحمر».
إن زيادة قيمة عقود البث التلفزيوني لمباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، والتنامي التدريجي للوعي بكرة القدم في الولايات المتحدة، وفرض قيود على التكاليف بهدف تقليص الأجور، كانت وراء هذا الاهتمام المتزايد بأندية البطولة في الآونة الأخيرة، رغم البطء الملحوظ في إبرام صفقات استحواذ جديدة. إن الاستثمار في بورنموث، الذي لم يكشف النادي عن تفاصيله، وصفقة كريستال بالاس، التي صدر بموجبها 18 في المائة من الأسهم الجديدة في النادي لصالح كل من جوشوا هاريس وديفيد بليتزر مقابل مبلغ أولي هو 50 مليون جنيه إسترليني، وهي الصفقات الأولى من نوعها التي يعلن عن استكمالها منذ شراء شهيد خان لنادي فولهام في 2013. علاوة على ذلك، تظل أندية وست بروميتش ألبيون وفيلا وإيفرتون معروضة للبيع، علاوة على أندية أخرى منفتحة على تقبل عروض الشراء، إلا أنه لم تبرم أي عقود بشأنها بعد.
ويقول بعض المطلعين إن العامل الرئيسي وراء هذا الإحجام من جانب المستثمرين هو خشية الهبوط من الدوري الممتاز، الأساس الراسخ في هرم كرة القدم الذي يغيب عن عالم الرياضة في الولايات المتحدة. كما أن هبوط فولهام مع خان وتراجع فيلا مع راندي ليرنر وسندرلاند مع إليس شورت، ومعاناتهم رغم إنفاق الملايين، تمثل سوابق تدفع المستثمرين إلى توخي الحذر.
إن المستثمرين جون جاي موريس وتشارلز نويل، اللذين أبديا اهتمامهما بإيفرتون، سبق وتفاوضا مع نادي سوانزي، قبل أن تلغى الصفقة في نهاية المطاف. ويمتلك صندوق المشجعين 21 في المائة من نادي سوانزي، وكانت هناك مخاوف إزاء تغيير الثقافة مع قدوم استثمارات أميركية همها الأساسي هو الربح المالي.
لقد وصف ريتشارد سكودامور، المدير التنفيذي للدوري الممتاز الذي بيعت خلال فترة ولايته أندية إنجليزية كثيرة، هيكل ملكية سوانزي بـ«المثالي». إن صندوق المشجعين هو تذكرة بالممانعة الصادقة لقبول تحول أندية كرة القدم إلى استثمارات مالية، وأن المشجعين ما زالوا يعتبرونها ملكية مشتركة ينبغي رعايتها وليس استغلالها.
ما الذي يجذب المستثمرين الأميركيين إلى الدوري الإنجليزي الممتاز؟
الأرباح المتزايدة من عقود البث التلفزيوني والتنامي التدريجي للوعي بكرة القدم في الولايات المتحدة
ما الذي يجذب المستثمرين الأميركيين إلى الدوري الإنجليزي الممتاز؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة