عندما هبطت الطائرة بالطاهي مارك أنتوني ذائع الصيت في الهند منذ فترة طويلة للعمل في فندق «غراند حياة الهند»، كان يعلم أنه اتخذ القرار السليم.
كان الحصول على وظيفة في سلسلة فنادق في الهند بمثابة ضربة موفقة للطاهي مارك أنتوني، الذي طهى الطعام لنائب الرئيس الأميركي الأسبق آل غور، ولأسطورة الغولف تايغر وودز»، ولبطل الفورمولا الأول مايكل شوماخر، خلال عمله في فندق «بوتيك» في إسبانيا.
ويعد مارتينيلي الذي يمتلك خبرة في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، وعمل في فنادق ومنتجعات 5 نجوم في بلغاريا، وفندق «فولرتون» في سنغافورة، على سبيل المثال لا الحصر هو أحدث طاهٍ ينضم لموظفي مطعم «لو سيرك» في الهند.
* المطاعم الأجنبية
في المدن الحضرية الكبرى مثل مومباي ودلهي وبنغالور، يجري افتتاح مطاعم جديدة كل شهر، معظمها تنتمي لرجال أعمال أجانب.
وتقدم تلك المطاعم كل شيء؛ من مطاعم الكريب الفرنسي إلى مطاعم الوجبات المتكاملة، ومن المطاعم المكسيكية إلى مصانع الجعة الصغرى، ومن المقبلات الإسبانية إلى الطعام الياباني الأصلي.
وأدى الانفتاح المتنامي على المأكولات الأجنبية، من خلال التلفزيون والسفر والإنترنت، إلى زيادة الطلب على التنوع بين الطهاة الهنود. وتتلقى معظم المطاعم الجديدة التمويل من رجال الأعمال، الذين نقلوا جزءا من أعمالهم في الغرب من أجل الاستفادة من الأذواق المتغيرة في الهند.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فتح مطعم «ياواتشا» البريطاني الحاصل على نجمة ميشلان فرعا جديدا له في مومباي، حتى قبل التفكير في فتح فروع له في نيويورك وباريس ودبي. ولم يكن مطعم «هاكاسان» الصيني المفضل في لندن يمتلك سوى فرعين آخرين له فقط في أبوظبي وميامي قبل أن يفتتح فرع له في مومباي. وتجد الهند نفسها بشكل متزايد على أعلى قائمة المطاعم الكبرى في جميع أنحاء العالم.
* تحدِّي الحصول على طهاة أجانب
تقول شركة «إتش في إس» الاستشارية في خدمات الضيافة، إن شركات الضيافة الكبرى مثل «حياة» و«آي تي سي» و«ذا ليلا» و«ستاروود» تشير إلى أن المستهلك الهندي يمكنه حتى تحديد عنصر واحد مفقود في المأكولات العالمية. وفي سبيل إرضائهم، يسافر خبراء الطهي العالميون إلى هناك. ويميل خبراء طهي وجبات «تيبانياكي» و«ديم سام» و«سوشي» و«ياكيتوري» و«البط المشوي» وغيرها من نماذج الطهي اللبنانية والأسترالية والغربية - الأميركية، لإقامة مطاعم لهم في الهند.
ويعتبر العثور على طهاة مهمة دقيقة بنفس دقة اختيار الرئيس التنفيذي؛ إذ يتعين على عملاء التوظيف الدوليين الذين يركزون على الطهاة البحث في كل المطاعم المستقلة والشعبية في بولونيا وتوسكانا وبيدمونت في إيطاليا، وبالمثل في أستراليا ونيويورك واليابان والشرق الأوسط، لمدة ستة أشهر على الأقل لاختيار الطاهي الأكفأ، ومن ثم البدء في مرحلة إقناعه للعمل معهم.
ويقول براشانت إصار نائب رئيس العمليات بشركة «كا هوسبيتاليتي»، التي جلبت آلان ياو، صاحب المطاعم الصينية «هاكاسان» و«ياواتشا» في لندن، إلى مومباي، إن مرحلة التخطيط لكل مطعم استمرت 16 شهرا.
* حفلات طعام يعدّها طهاة عالميون
يعمل طاهي التلفزيون الشهير ديفيد روكو في فندق «آي تي سي موريا» في دلهي للعام الثالث على التوالي، استمرارا لبرنامج قدوم خبراء طهي عالميين أمثال: آلان ميشال بيرد من فندق «إيفي لندن»، والطاهي الحاصل على نجمة ميشلان ستيوارت غيليس من فندق «غوردن رامساي»، وغيرهم إلى دلهي للعمل في فندق «آي تي سي موريا».
وفي فندق «غورغاون»، وأثناء حفل «ليلا أمبينس» الشعبي هذا العام، كان هناك شيء يدعى «فيستا لاتينا». فقد سافر ثلاثة طهاة من المكسيك وبيرو وتشيلي لمدة نحو أسبوعين ليس فقد لعرض المأكولات الوطنية في مطعم الفندق، ولكن أيضًا لإعطاء كل منهما دورات في الطهي وتحضير الوجبات لنحو 50 أو 60 شخصا.
وفي الآونة الأخيرة، أقام فندق «ريتز كارلتون» حفل طعام في بنغالور، أعد فيه الطاهي الضيف ريموند سيك، الخبير في طهي المأكولات الماليزية، مجموعة مذهلة من الوجبات التقليدية، شملت الإفطار والغداء والعشاء.
* الطهاة الأجانب يفتحون سلاسل مطاعم خاصة في الهند
لا يشغل الطهاة الأجانب فقط وظائف في المطاعم الهندية الراقية، وإنما أيضًا يفتحون مطاعم خاصة بهم في الهند. وافتتح خبير الطهي البريطاني الشهير جيمي أوليفر المعروف باستضافته مجموعة من الطهاة المهرة على قناة «تي إل سي» لإعداد طعام طازج (بما فيه البيتزا) بسهولة، سلسلة مطاعم «بيزيريا» في العاصمة دلهي وغيرها من مدن الهند.
وقال أوليفر، في بيان: «لا يمكنني أن أعبر مدى حماسي من فتح مطاعم (إيطاليان) و(بيزيريا) في الهند. وتعتبر دلهي مدينة متنوعة ونابضة بالحياة وصاخبة، ولديها عدد كبير من المطاعم الراقية. لذلك يعتبر افتتاح مطعمين هناك شرفا كبيرا».
ويظهر الطاهي أوليفر على أكثر من 30 برنامج طهي على القنوات التلفزيونية، مثل «ذا نيكد شيف». وباع أكثر من 37 مليون كتاب حتى الآن، من بينها عدة كتب في الطهي.
وكذلك أطلق الطاهي فلويد كاردوز، الشهير في نيويورك، مطعم «مومباي كانتين» في مومباي، ويعد فيه أفضل المنتجات والتقنيات والنكهات المحلية الهندية.
* التعديل وفقًا للتفضيلات الهندية
يواجه الطهاة الأجانب تحديا يتمثل في مزج النكهات المألوفة في بلدانهم بالذوق الأصلي الهندي.
وأعد الطاهي الإيطالي ماتيو بوغليون الذي ذهب إلى الهند من نيويورك، وفي حياته كطاهي الطعام لليوناردو دي كابريو وسارة جيسيكا باركر ووودي ألن وديفيد بوي وغوينيث بالترو. ونظرا لحقيقة أن البيض يمكن حتى اعتباره غير نباتي في الهند، فإن التأقلم في الهند يعني طهي أصناف نباتية أكثر. وذكر بوغليون: «تحتوي أكثر من 50 في المائة من قائمة الطعام الخاصة بي على أصناف نباتية. كان هذا صعبا بالنسبة لي، باعتباري قادما من أوروبا وأميركا. ويعتبر الطعام النباتي أصعب، لأن الناس لا يمكنهم فقط أكل الثوم والبصل. وفي الوجبات الإيطالية، يوجد الثوم والبصل في كل الوجبات تقريبا». لذلك في عمل صلصة الطماطم الإيطالية، التي تتضمن عادة ثومًا وبصلاً، يضع بوغليون الكثير من الأعشاب مثل الريحان والزعتر بدلا من ذلك. وتابع بوغليون: «أحصل على النكهة من مصدر آخر. لا يغيب الثوم والبصل. وأنا أصنع وجبات نباتية إيطالية».
ويعتبر الطاهي بيلا ريك الذي يمتلك تجربة طهي قادته إلى إندونيسيا والصين وسلوفاكيا وألمانيا والآن في الهند، حيث يتولى منصب رئيس الطهاة بفندق شيراتون بنغالور مواطنا من العالم. وقال ريك: «الهنود ببساطة يريدون أن يأكلوا طعاما جيد. وطالما أنك تمنحهم المذاق الجيد، سيشعرون بالرضا دائما. وبشكل عام، أعتقد أن الطعام ينبغي أن يكون صحيا وأصليا، لكن بالتأكيد سأطالب الضيوف الذين يفضلون التوابل بعدم رفض وجبات مطعمنا الإيطالي (بيني) أبدا إذا ناسبهم المذاق».
* كشف رواتب ضخمة
يحصل الطهاة الأجانب على رواتب من 70 - 110 آلاف دولار. ويتحمل صاحب العمل الضرائب، بجانب الحصول على إجازات سنوية للعودة إلى الوطن مع العائلة. كما يذهب أطفالهم إلى المدارس. ويجرى الاعتناء أيضًا بالإقامة وجميع الفواتير الأخرى، علاوة على ضمانات بعدم الإعلان عن أسرار وصفتهم. وتأتي العناصر الغذائية التي يستخدمونها من جميع أنحاء العالم، حتى إنهم يسافرون في جلسات تذوق مختلفة.
الطهاة الأجانب يغزون الهند
الإنترنت والتلفزيون والسفر ساعدت على الطلب المتزايد عليهم وعلى التنوع

الشيف بيلاريك، الشيف أنتونيللو كانسيدا، من برنامج ديفيد روكو، الشيف ديفيد روكو، الشيف ماتيو بوغليوني.
الطهاة الأجانب يغزون الهند

الشيف بيلاريك، الشيف أنتونيللو كانسيدا، من برنامج ديفيد روكو، الشيف ديفيد روكو، الشيف ماتيو بوغليوني.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة