ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على سد تشرين وتتقدم نحو جرابلس

عشرات القتلى للنظام في ريف حلب بمعارك مع مسلّحي المعارضة

ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على سد تشرين وتتقدم نحو جرابلس
TT

ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على سد تشرين وتتقدم نحو جرابلس

ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» تسيطر على سد تشرين وتتقدم نحو جرابلس

حققت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، المؤلفة من تحالف فصائل كردية وعربية مهمتها مقاتلة تنظيم داعش حصرًا، أمس السبت، تقدمًا جديدًا تمثّل بسيطرتها على سد تشرين الواقع على نهر الفرات في شمال سوريا، بعد معارك عنيفة مع التنظيم المتطرف. ومن جهة ثانية، تكبّدت قوات النظام عشرات القتلى في مواجهات خاضتها مع مقاتلي المعارضة في ريف حلب، بالتزامن مع قصف الطيران الروسي لأحياء خاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب مما أدى إلى سقوط ثمانية قتلى مدنيين وعشرات الجرحى.
وصرح المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» العقيد طلال سلو، أن الميليشيا «تمكنت من السيطرة على سد تشرين والضفة الشرقية لنهر الفرات، وانتزاعه من تنظيم داعش»، مؤكدا «مقتل عشرات العناصر من التنظيم في الاشتباكات وفرار المئات منهم من أرض المعركة». وأوضح سلو لـ«الشرق الأوسط»، أن «قوات سوريا الديمقراطية»، تمكنت من «عزل ريف الرقة عن ريف حلب، وبتنا أقرب إلى ريف حلب من ريف الرقة». وأردف «أصبحنا على بعد 27 كيلومترا من مدينة منبج، ونبعد مسافة 3 كيلومترات عن جرابلس، ودخلنا في المرحلة الأخيرة من تنظيف الشمال من تنظيم داعش».
سلو أوضح أيضا أن «تحرير الضفة الشرقية لنهر الفرات، يشكل ردًا على تهديد تركيا لنا بعدم تجاوز نهر الفرات»، قبل أن يستدرك «بالتأكيد نحن لسنا في مواجهة مع تركيا بل مع تنظيم إرهابي، وهدفنا الأول والأخير تحرير أرضنا من الإرهابيين وليس معاداة تركيا كدولة جارة». وتابع سلو «75 من مقاتلي (داعش) فروا من تحصيناتهم في سد تشرين وضفة الفرات الشرقية إلى ريف حلب، و25 في المائة منهم فروا باتجاه الرقة». والجدير بالذكر، أن «داعش» ظل يسيطر على سد تشرين منذ ربيع عام 2014 بعد تمكنه من طرد فصائل المعارضة المقاتلة، بينها حركة «أحرار الشام»، كما على الضفة الغربية لنهر الفرات من جرابلس على الحدود السورية التركية إلى الرقة (شمال)، معقل مقاتلي التنظيم في سوريا.
وفي وقت سابق أصدرت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، وهي عبارة عن تحالف من فصائل كردية وعربية مهمتها قتال «داعش» من دون استهداف قوات النظام على رأسها ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية، بيانًا أعلنت فيه «تحرير الضفة الشرقية من نهر الفرات»، مشيرة إلى أنه «سيتم الإعلان عن تحرير السد بعد العبور إلى الطرف الغربي منه».
إلى ذلك، قتل 71 عنصرا على الأقل من قوات النظام السوري والفصائل المعارضة والإسلامية في معارك دارت بين الطرفين، وسبقها تفجير انتحاري في إحدى بلدات محافظة حلب. وأعلن رامي عبد الرحمن «مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان» لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «اشتباكات عنيفة اندلعت اليوم (أمس) بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة والفصائل الإسلامية من جهة ثانية إثر تفجير انتحاري بعربة مفخخة نفذته (جبهة النصرة) على تجمع لقوات النظام في بلدة باشكوي في ريف حلب الشمالي».
وأشار عبد الرحمن إلى أن «التفجير الانتحاري والاشتباكات أسفرا عن مقتل 33 عنصرا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بالإضافة إلى 38 آخرين من الفصائل الإسلامية المعارضة، بينهم أربعة قادة ميدانيين، وإصابة العشرات بجروح». وتابع مدير «المرصد» أن الفصائل الإسلامية إثر الاشتباكات تمكنت من السيطرة على مناطق عدة في باشكوي.
أما في ريف محافظة اللاذقية، تمكنت فصائل المعارضة السورية من استعادة السيطرة على تلة غزالة فجر أمس السبت، بعد سيطرة القوات النظامية عليها لساعات. وأعلن القيادي في الفرقة الأولى الساحلية التابعة لـ«الجيش السوري الحر» أبو حمزة اللاذقاني لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن القوات النظامية «سيطرت على التلة، تحت غطاء من الطيران الروسي وقصف عنيف من راجمات الصواريخ، ما أجبر مقاتلي المعارضة إلى الانسحاب إلى مواقع خلفية، بعد جرح عدد منهم وأسر عدد آخر».

وأشار اللاذقاني إلى أن «مقاتلي المعارضة بعد انسحابهم من التلة، قاموا بتجميع صفوفهم وتنظيم هجوم معاكس على التلة، تمكنوا فيه من استعادة السيطرة عليها بعد اشتباكات دامت لساعات قليلة، أدت إلى مقتل وجرح عدد من عناصر القوات النظامية وأسر عنصر منهم». وتعتبر تلة غزالة موقعا استراتيجيا هاما، كونها تطل على معظم قرى جبل الأكراد التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، ما دفع القوات النظامية لمحاولة السيطرة عليها بشكل متكرر منذ أسابيع.
وأما بالنسبة للقصف الجوي، فقد قتل ثمانية مدنيين وأصيب آخرون بجروح أمس، في غارات شنها الطيران الروسي على أحياء خاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب. وأبلغ الناشط الميداني عثمان الخضر «مكتب أخبار سوريا» أن الطيران الروسي «شنَّ بالصواريخ الفراغية غارتين على وسط حي الشيخ نجار في الجهة الشمالية لحلب، مما أدى إلى مقتل ستة مدنيين وإصابة آخرين بجروح، أسعفوا على إثرها إلى المشافي الميدانية، إضافة إلى دمار في منازل المدنيين». وأشار الناشط أيضًا إلى أن «الطيران الروسي استهدف بصاروخين فراغيين حيي الحيدرية والأشرفية، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح، وأضرار مادية بالغة في الممتلكات الخاصة والعامة».
كذلك استهدفت هليكوبترات النظام الحربية مشفى «بغداد» الميداني في مدينة حريتان بريف حلب الشمالي بالبراميل المتفجرة، مما أدى إلى تدميره بشكل كامل وتلف كامل معداته، إضافة إلى مقتل شخصين بداخله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.