الميليشيات تستهدف التربة في قضاء الحجرية.. والمقاومة تعلن حظرًا للتجول ليلاً

قائد عسكري لـ {الشرق الأوسط}: أفشلنا محاولات تقدم للحوثيين.. والمدنيون يتعرضون للإبادة

آليات عسكرية على الطريق بين الجوف ومأرب لتتبع الحوثيين (رويترز)
آليات عسكرية على الطريق بين الجوف ومأرب لتتبع الحوثيين (رويترز)
TT

الميليشيات تستهدف التربة في قضاء الحجرية.. والمقاومة تعلن حظرًا للتجول ليلاً

آليات عسكرية على الطريق بين الجوف ومأرب لتتبع الحوثيين (رويترز)
آليات عسكرية على الطريق بين الجوف ومأرب لتتبع الحوثيين (رويترز)

احتدمت، أمس، المواجهات بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، في جبهات القتال بمحافظة تعز، حيث اشتدت المواجهات في جبهات البعرارة والزنوج ووادي القاضي واستخدمت فيها الأسلحة المختلفة، في حين قصفت الميليشيات المتمركزة في القصر الجمهوري، شرق المدينة، والأحياء السكنية ومنطقة الكشار بجبل صبر بقذائف الدبابات.
إلى ذلك، أعلن المجلس العسكري لقطاع الحُجرية، المنطقة الجبلية الواقعة جنوب محافظة تعز، عن بدء حظر للتجوال ابتداء من الساعة الـ7 مساء يوم أمس وحتى إشعار آخر، وذلك بعد قصفت الميليشيات الانقلابية، أمس، بأكثر من 5 صواريخ قرى مدينة التربة، عاصمة قضاء الجُحرية في مدينة تعز، ومثلها في اليومين الماضيين، وتحسبا لهجمات للميليشيات على المدينة التي لا تزال تخضع لسيطرة الشرعية.
وقال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي للمجلس العسكري بمحافظة تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح تواصل مسلسل قتلها للمدنيين واستهداف الأطفال والنساء في محافظة تعز، ما يؤكد إصرارها على عدم التهدئة وإيقاف القتل والدمار وعدم رغبتها في إحلال السلام والتفاوض».
وأضاف أنه «ورغم استمرار الحصار الهمجي من قبل الميليشيات الانقلابية من خلال إغلاق المداخل الرئيسية لمدينة تعز، فإنها تواصل أيضا زراعة الألغام على المداخل ونشر القناصة، وقصفها العشوائي بالأسلحة الثقيلة من دبابات ومدفعية بأنواعها هاونات هوزرات وكواتيش وغراد وراجمات على أحياء ثعبات الجحملية والحصب والدحي والدمغة ومناطق صبر والمسراخ والضباب وجبل حبشي وسقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين، كما سقط 6 شهداء أطفال ونساء بانفجار لغم بسيارة في مديرية المسراخ».
وأشار إلى أن «ميليشيات الحوثي والمخلوع لا تزال تدفع بتعزيزاتها العسكرية إلى جبهات القتال في مدينة تعز لتستمر في قتلها وتدميرها للمدينة، وتحاول جاهدة استعادة السيطرة على عدد من المواقع التي تمت السيطرة عليها من المقاومة الشعبية بما فيها ثعبات والجحملية والأربعين والدحي».
وأكد العقيد الركن الحساني أن «الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في تعز صدت وأفشلت محاولات الميليشيات الانقلابية التي أقدمت عليها في كل المحاور وكبدوها الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، حيث تم تدمير عربة مدرعة وقتل عدد منهم في منطقة الأقروض في جبل ضحيح بمديرية المسراخ، ومقتل 7 من الميليشيات وجرح آخرين في مدينة البرح على أيدي عناصر المقاومة بمديرية مقبنة من خلال تنفيذ عملية نوعية».
وفي تطورات ميدانية أخرى، شهدت جبهة حيفان، الواقعة في الجهة الجنوبية لمحافظة تعز، مواجهات عنيفة بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، سقط خلالها قتلى وجرحى من الجانبين، وفقا لشهود عيان.
ومنذ دخول الميليشيات الانقلابية لمديرية حيفان، أصبحت المنطقة تشهد نقصا كبيرا في الأدوية في مراكزها الصحية، ما جعلها غير قادرة على التعامل الطارئ للإصابات التي تخلفها الحرب وقصف الميليشيات الانقلابية، بالإضافة إلى الوضع الإنساني الصعب واستحداث مخيمات تحتوي على نحو ألف نازح يفتقرون لأبسط مقومات الحياة.
وقال شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح تواصل هجومها على مواقع المقامة في منطقة الاعبوس بمديرية حيفان بالأسلحة الثقيلة وقذائف الهاون، ويستهدفون منازل المواطنين في منطقة الاعبوس بشكل عشوائي، بالإضافة إلى استهداف وإعاقة تحركات المواطنين ليلا وتفجير العبارات والجسور الواصلة بين منطقتي الاعبوس وحيفان، ما جعل المنطقة تشهد حصارا خانقا من قبل الميليشيات».
وأضاف الشهود أن «ميليشيا الحوثي قامت باحتجاز حافلة نقل تتبع أحد المواطنين بمديرية خدير، من أبناء الاعبوس، الذي يقوم بنقل المسافرين والرسائل بحافلته من حيفان إلى صنعاء والعكس، واتهمته بأنه ينقل المقاتلين»، مشيرين إلى أن «ميليشيات الحوثي وصالح تقوم بزرع الألغام في المنطقة وقد انفجر أحد الألغام في منطقة الاعروق على أحد الحوثيين عندما حاول زراعة الألغام».
من جهة ثانية، تواصل دفعة (الأمل النسائية) المكونة من 85 امرأة من اللواتي حملن السلاح للدفاع عن شرف وكرامة الشعب اليمني، تدريباتهن العسكرية المكثفة في معسكر اللواء 35 مدرع وذلك للمشاركة في العمليات العسكرية وحفظ الأمن في محافظة تعز.
وفي حين أعلنت الأمم المتحدة، في وقت سابق، وصول نحو 100 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية إلى مدينة تعز، قال مختار القدسي، ناشط حقوقي لـ«الشرق الأوسط» إن «المساعدات الإغاثية لا تزال في المناطق التي تخضع لسيطرة ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح عند المدخل الشرقي والغربي في منطقتي الحوبان وبير باشا، وأن المناطق المنكوبة في المدينة لم تصلها أي مساعدات حتى الآن رغم اتفاق المتحاورين في سويسرا على تسهيل دخول المساعدات إلى المدينة التي تعاني الحصار منذ أكثر من 8 أشهر».
وأضاف أن «ميليشيات الحوثي وصالح قامت بإغلاق معبر الدحي، غرب مدينة تعز، بشكل نهائي بعد أربعة أيام من فتحه بشكل جزئي، وقاموا بإجبار المواطنين الذين كانوا يريدون الدخول العودة من حيث جاءوا ومنعوا دخول أي تموينات غذائية للمدينة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.