معركة الرمادي تشعل فتيل حرب برلمانية على خلفية إقصاء «الحشد الشعبي» منها

ظافر العاني قال إن إبعاد الميليشيات الطائفية «جعل المعركة نظيفة»

معركة الرمادي تشعل فتيل حرب برلمانية على خلفية إقصاء «الحشد الشعبي» منها
TT

معركة الرمادي تشعل فتيل حرب برلمانية على خلفية إقصاء «الحشد الشعبي» منها

معركة الرمادي تشعل فتيل حرب برلمانية على خلفية إقصاء «الحشد الشعبي» منها

أشعلت المعارك التي تدور رحاها الآن في مدينة الرمادي من أجل تحريرها من تنظيم داعش حربا أخرى بين الكتل السياسية السنية والشيعية وذلك على خلفية الوصف الذي أطلقه القيادي البارز في تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) ظافر العاني، على معركة الرمادي بأنها «الحرب النظيفة» بسبب عدم مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» فيها.
وقال العاني في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «معركة تحرير الرمادي فيها مزايا كثيرة تقف في مقدمتها أنها جاءت خالية هذه المرة من التعقيدات الطائفية التي تلوثت بها معارك سابقة مثل تكريت وبيجي وجرف الصخر.. وغيرها»، معتبرا أن «عدم مشاركة الحشد الشعبي في تحرير الرمادي جعل المعركة نظيفة».
وأضاف العاني أن «معركة الرمادي امتازت بأنها تدار ولحد الآن بمهنية، لأن الذين يقارعون الإرهاب الداعشي هم رجال المؤسسة العسكرية العراقية الباسلة والسكان المحليين من أبناء العشائر في الأنبار، فضلا عن مساعدة التحالف الدولي من خلال القصف الجوي». ودعا العاني إلى «حث المخلصين في الحشد الشعبي على أن يسمحوا لمحافظاتنا بالتحرر من دون تداخلات سياسية تربك المشهد الأمني وتضيف تعقيدات لا مبرر لها»، لافتا إلى أن «أبناء المناطق المحتلة من الإرهاب أولى بهذه المهمة ما داموا قادرين عليها». وعلى أثر ذلك، هاجمت ميليشيات الحشد الشعبي وعدد من الكتل البرلمانية، العاني هجوما حادا على خلفية تصريحاته هذه، فيما دعا شيخ عشائري في الأنبار إلى عدم الانجرار خلف الفتنة التي يمكن أن تضيع ثمار النصر. وقال رئيس كتلة «بدر» في البرلمان العراقي قاسم الأعرجي في بيان له إن «وجود ظافر العاني وأمثاله سبب تلوث العملية السياسية والمشهد السياسي»، مؤكدا أنه «سيتم تطهيرها منهم بعد تطهير الغربية من دواعش السلاح ومن ثم التفرع لدواعش السياسية» على حد تعبيره. وأضاف الأعرجي أن «التصريحات التي أطلقها العاني تعد إجحافا كبيرا ونكرانا للجميل بحق (الحشد الشعبي)».
في السياق نفسه، هاجم المتحدث الرسمي باسم ميليشيات الحشد الشعبي أحمد الأسدي تصريحات العاني بشأن نظافة معركة الرمادي، عادا إياها من «الأصوات النشاز»، فيما تساءلت عضو البرلمان العراقي عن «دولة القانون» رئيسة كتلة «إرادة» حنان الفتلاوي: «كيف يصرح العاني من مدينة دبي بينما لم تؤثر نظافة هذه المدينة على نظافة تفكيره». لكن عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية محمد الكربولي، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معارك الأنبار ناجحة تماما وإيجابية في كل صفحاتها، ولعلها المرة الأولى التي تدير فيها الدولة من خلال المؤسسة العسكرية هذه المعركة، وهو ما يعني أن الجيش العراقي الذي انهارت معنوياته استعاد الثقة بنفسه في هذه المعركة التي هي قليلة الضحايا والخسائر أيضا».
وأضاف الكربولي أن «المعارك وصلت إلى مركز المدينة تقريبا حيث لم يعد يبعد سوى 500 متر تقريبا، حيث دخلت قوات النخبة أولا، ومن ثم باقي قطعات الجيش. ولعل الأهم في هذه المعركة أن من يمسك الأرض بعد تحريرها هم أبناء الأنبار من الحشد العشائري هناك، وبالتالي، فإن الأهالي يعودون مباشرة دون أي تأخير». وبشأن الجدل الذي أثير حول تصريحات العاني بشأن عدم مشاركة «الحشد الشعبي» وهو ما أثر إيجابا على سير المعارك، كما يقول، قال الكربولي إن «من الأنصاف القول إن من تطوع في القتال ضمن (الحشد الشعبي) ممن لبوا نداء المرجع السيستاني قدموا ضحايا كبيرة، لكن هناك من يحمل أجندات أجنبية في بعض فصائل الحشد كانوا يراهنون على عدم قدرة الجيش والمؤسسة العسكرية على تحقيق أي انتصار من دونهم، وهو ما ثبت عكسه تماما». وأوضح أن «من الأمور التي لا بد من الوقوف عندها أن هناك مناطق كثيرة تم تحريرها، ولكن أهلها لم يعودوا، حيث لا تزال بيد بعض فصائل الحشد، بينما الجيش يحرر المنطقة ويسلمها إلى أهلها، وهو ما يعني عدم حصول مشكلات، وبالتالي، فإن هذا هو دور المؤسسة العسكرية التي تضحي من أجل الوطن دون أبعاد سياسية أو حتى طائفية». في السياق نفسه، أكد الشيخ حميد الكرطاني، أحد شيوخ محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معركة الرمادي عراقية، فمن قام بها عراقيون، هم الجيش، وينتسبون لكل محافظات العراق، ولعل غالبيتهم من أبناء الوسط والجنوب، ولكنهم يستقبلون بكل المحبة والترحاب من أهالي الأنبار الذين يقاتلون أيضا ضمن حشدهم العشائري». ودعا الكرطاني إلى «إبعاد هذه المعركة النظيفة عن السجال السياسي، لأن من لعب دورا سلبيا هو السجال السياسي الذي أدى إلى كل ما نعانيه من كوارث، في حين نجد أبناء المؤسسة العسكرية من كل محافظات العراق يؤدون دورهم المشرف، وبالتالي، فإن من واجبنا عدم الالتفات إلى الأصوات التي تعمل على إثارة الفتنة من أي طرف كان».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.