كشف مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون عن أن الولايات المتحدة أجرت اتصالات سرية مع أعضاء في نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مع بداية النزاع السوري عام 2011، في محاولة للحد من العنف واستكشاف سبل التشجيع على القيام بانقلاب عسكري.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس، عن هؤلاء المسؤولين، أن الاتصالات الاستخباراتية الأميركية حددت ضباطًا في الجيش ينتمون إلى الطائفة العلوية التي ينحدر منها الأسد ويمكنهم قيادة انقلاب، لكنهم لم يجدوا مواطن ضعف تذكر يمكن استغلالها.
وذكر مسؤول سابق رفيع في الحكومة الأميركية، أن «سياسة البيت الأبيض في عام 2011 كانت محاولة الوصول إلى انتقال في سوريا عن طريق إيجاد ثغرات في النظام وعرض حوافز على الناس ليتخلوا عن الأسد».
وأضاف أن «الاتصالات السرية كانت مختلفة عن تلك التي أجريت مع كوبا أو إيران، والتي كانت الولايات المتحدة تعتقد فيها أنه يمكنها تسوية القضايا في هدوء، ولكنها كانت أكثر تركيزًا على جوانب مُعيَّنة».
في شأن آخر أعلن النظام السوري موافقته على المشاركة في مباحثات السلام المقرر عقدها مع المعارضة في جنيف الشهر المقبل، للاتفاق على هيئة الحكم الانتقالية في سوريا، بانتظار أن يطلع على لائحة أعضاء الوفد المعارض الذي سيفاوضه. غير أن المعارضة لم تجد في هذا القبول سوى «جزء من مخادعة لكسب وقت أطول لتغيير موازين القوى على الأرض». وحذّرت المعارضة من «محاولة النظام وحلفائه التدخل بتشكيل وفد المعارضة للتفاوض أو إضافة أي اسم عليه»، بينما أبدت «هيئة التنسيق الوطنية» تحفظها على مواقف سياسية أعلنتها «الهيئة العليا للمفاوضات» بحجة أنها لا تساعد في إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية، بحسب «الهيئة».
وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال أمس في تصريح أدلى به إثر لقائه نظيره الصيني وانغ يي في العاصمة الصينية بكين: «إن الحكومة السورية مستعدة للمشاركة في محادثات السلام في جنيف». وأمل أن «ينجح الحوار في مساعدة البلاد على تشكيل حكومة وحدة وطنية». وأضاف المعلم: «لأنه قرار لمجلس الأمن، من واجب الدول كافة تنفيذه ونحن مستعدون لتنفيذه، ما دام يتم احترام حق الشعب السوري في تقرير مستقبله». وأكد أن «سوريا مستعدة للمشاركة في الحوار السوري - السوري في جنيف من دون أي تدخل أجنبي، وسيكون وفدنا مستعدًا بمجرد أن نتسلم قائمة بوفد المعارضة». وتمنى أن «ينجح هذا الحوار في مساعدتنا على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وستشكل هذه الحكومة لجنة دستورية لبحث وضع دستور جديد وقانون انتخابات جديد حتى تجرى الانتخابات البرلمانية في غضون 18 شهرًا تقريبًا». وكان مجلس الأمن الدولي قد وافق بالإجماع يوم الجمعة 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على قرار يدعم خارطة طريق دولية لعملية سلام سوريا. ويمنح القرار مباركة الأمم المتحدة لخطة تم التفاوض عليها في العاصمة النمساوية فيينا تدعو إلى وقف لإطلاق النار وإجراء محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة وجدول زمني يمتد لقرابة سنتين ويهدف إلى تشكيل حكومة وحدة وإجراء انتخابات.
موقف المعلم الذي يعبّر عن موافقة النظام على الدخول في مفاوضات الحل السياسي لم يجد فيه عضو الائتلاف السوري المعارض جورج صبرا سوى «جزء من عملية المخادعة التي اعتاد النظام وحلفاؤه عليها، والدليل أنه شارك في مؤتمر (جنيف2) على أساس موافقته على بنود (جنيف1)، لكنه أفشل مقرراته، باعتراف (المبعوث الأممي السابق إلى سوريا) الأخضر الإبراهيمي». وتابع صبرا خلال تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «في الوقت الذي يعلن الروس في فيينا موافقتهم على الحل السياسي، يرتكبون المجازر بحق المدنيين في سوريا. ويكفي الاستناد إلى ما قاله تقرير (هيومان رايتس ووتش) ومنظمات إنسانية وحقوقية أخرى بأن مجازر الروس في سوريا ترقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية». وسأل: «هل يعقل أنه بالتزامن مع إعلانهم الموافقة على الدخول في مفاوضات الحل السياسي يرتكبون أبشع المجازر في قتل الأبرياء وتدمير المدارس والمساجد؟ هل تصدقون هذه الأقوال؟»، واعتبر صبرا «هذا الكلام ليس إلا كسبًا للوقت من أجل تغيير موازين القوى على الأرض، لكن بعد ثلاثة أشهر من القصف الروسي لم يستطع الروس أن يعيدوا شبرًا واحدًا مما خسره النظام».
وعن اشتراط النظام الدخول في المفاوضات اطلاعه على أسماء وفد المعارضة المفاوض، أوضح صبرا أن «مؤتمر الرياض شكّل هيئة عليا للمفاوضات، وهذه الهيئة وحدها المسؤولة عن تسمية ممثلي قوى الثورة والمعارضة إلى المفاوضات، وليس أي شخص أو جهة أخرى». وشدد على أنه «لن يكون مقبولاً إضافة أي اسم إلى وفد المعارضة»، مذكّرًا بأن الروس «حاولوا خلال اجتماعي موسكو 1 وموسكو 2 صنع معارضة سورية لإشراكها نيابة عن النظام، لكن لم يفلحوا في إيجاد أي موقع لهم في قلب الثورة السورية».
من جهتها أبدت «هيئة التنسيق الوطنية» التي يرأسها حسن عبد العظيم تحفظها عن مواقف سياسية أعلنتها «الهيئة العليا للمفاوضات» التي شكلها «مؤتمر الرياض»، معتبرة أنها «تضمنت مواقف تخالف صراحة مواقف هيئة التنسيق وخطها السياسي، ولا تساعد في إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية». وقالت «الهيئة» في بيان صدر عن رئيس مكتبها الإعلامي: «إن تلك المواقف لا تأخذ بعين الاعتبار التحفظات التي أبدتها الهيئة في حينه على طبيعة المؤتمر، وعدم مشاركة قوى معارضة أساسية فيه، إضافة إلى أنها صنفت قوى حليفة للهيئة، مثل (قوات حماية الشعب) في خانة الإرهاب، مع أنها أشد وأصدق من يقاتل الإرهاب المتمثّل بـ(داعش)، إلى جانب بعض فصائل الجيش الحر».
واتهم البيان «الهيئة العليا للمفاوضات» بأنها «تغض الطرف عن قوى عسكرية شاركت في المؤتمر، تمطر يوميًا دمشق بعشرات القذائف الصاروخية التي تتسبب في قتل المواطنين وتدمير الممتلكات العامة والخاصة»، وأردف أن «روحية البيان لا تعبر عمن يريد الحل السياسي للأزمة السورية، وإنقاذ ما تبقى من سوريا وشعبها، بل عن استمرار الأزمة». وختم رئيس مكتب الإعلام في «الهيئة» بيانه بالقول: «لهذا كله فإنني باسم هيئة التنسيق أرفض ما جاء في البيان جملة، وسوف يكون لنا موقف رسمي أشد في حال تكررت مثل هذه المواقف».
مصادر أميركية: واشنطن سعت لانقلاب على الأسد في 2011
النظام السوري يبدي استعداده للتفاوض مع المعارضة.. والائتلاف يحذّر
مصادر أميركية: واشنطن سعت لانقلاب على الأسد في 2011
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة