مرصد الإسلاموفوبيا: أصوات متطرفة في الغرب تستغل جرائم «داعش» للتحريض ضد الإسلام

أصدر تقريره الأول للمطالبة باستراتيجيات عربية وإسلامية شاملة

مرصد الإسلاموفوبيا: أصوات متطرفة في الغرب تستغل جرائم «داعش» للتحريض ضد الإسلام
TT

مرصد الإسلاموفوبيا: أصوات متطرفة في الغرب تستغل جرائم «داعش» للتحريض ضد الإسلام

مرصد الإسلاموفوبيا: أصوات متطرفة في الغرب تستغل جرائم «داعش» للتحريض ضد الإسلام

أكد تقرير مصري أن الأصوات المتطرفة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية استغلت «جرائم» تنظيم داعش الإرهابي للتحريض ضد الإسلام والمسلمين، وطالب مرصد «الإسلاموفوبيا» بدار الإفتاء المصرية في أول تقرير يصدره منذ تدشينه قبل أيام، باستراتيجيات شاملة عربية وإسلامية لمواجهة الظاهرة فكريا ورفض الانتهاكات الفردية التي يتعرض لها المسلمون.
وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الديار المصرية، إن «المرصد كيان بحثي إسلامي ملح الآن، يقوم برصد التصريحات العنصرية المعادية للمسلمين وأعمال العنف الموجهة لهم، للرد عليها والاستفادة منها في تحسين صورة الإسلام والمسلمين». وأوضح مرصد دار الإفتاء للإسلاموفوبيا في تقريره الذي جاء بعنوان «الإسلاموفوبيا.. مستويات الفكر وممارسات الواقع»، أن ظاهرة الإسلاموفوبيا قد زادت حدتها في الآونة الأخيرة بعد سلسلة من جرائم «داعش» في الكثير من بلدان العالم وفى أكثر من قارة، موضحا أن بعض الأصوات المتطرفة في أوروبا والولايات المتحدة قد استغلت هذه الجرائم في تأييد دعايتها وتحريضها ضد الإسلام والمسلمين.
وتابع تقرير الإفتاء أنه تم رصد الكثير من حالات الاعتداء على المسلمين، خصوصا النساء ممن يرتدين الحجاب في عدد من المدن الأوروبية، والكثير من المساجد، لافتا إلى أن الإسلاموفوبيا خوف مرضي غير عقلاني من الإسلام والمسلمين له ثلاثة مستويات: الأول، فكري يتعلق بالمفاهيم والتصورات، حيث يتم النظر للإسلام والمسلمين على أنهم «استثناء» من المجتمعات وربما العالم، وأنه «استثناء خطر»، وأوضح التقرير أن هذه المفاهيم والتصورات تركز على إبراز التفسيرات المتطرفة والعنيفة لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية لتسويغ اعتبار الإسلام والمسلمين خطرا على المجتمعات في أوروبا والولايات المتحدة، مع إغفال كل التفسيرات الأخرى وهى كثيرة ومتنوعة. ويقوم على تطوير هذا الجانب بعض من الدارسين والباحثين في الدراسات الاستشراقية في عدد من الجامعات الأوروبية والأميركية، الذين - بحكم تكوينهم الدراسي - يعتمدون على أعمال بعض المستشرقين غير المنصفين في نظرتهم للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
ودشنت دار الإفتاء المصرية مرصد «الإسلاموفوبيا» الذي يختص برصد ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعالجتها، وتقديم كل التصورات والتقديرات الضرورية لمواجهة هذه الظاهرة، والحد من تأثيرها على الجاليات الإسلامية في الخارج، وتصحيح المفاهيم والصور النمطية المغلوطة عن الإسلام والمسلمين في الخارج.
وقال المرصد في تقريره إن المستوى الثاني من الإسلاموفوبيا يتعلق بتشويه المسلمين والتحريض عليهم، ويقوم على هذه الخطوة مؤسسات كثيرة من مراكز الأبحاث والإعلام التي تحدد بؤرة تركيز المواطن الغربي في ما يتعلق بنظرته للإسلام، ويستغلون ارتكاب جريمة من طرف أشخاص ذوي أصول عربية أو مسلمة للتركيز على هويتهم. ويضيف: «فتجد عنوانا يقول: مسلم يقتل (...)، في حين أنه لا يشار لديانة مرتكبي جرائم أخرى كثيرة». في المقابل، لا يُذكر دين أي فرد مُبتكر أو مخترع ينتمي إلى الديانة الإسلامية إذا ما ظهر في وسائل الإعلام، فيتم بذلك الربط بين الجريمة والإسلام ليتجذر في ذهن المتلقي، ومن ثم يسهل التحريض ضد الإسلام والمسلمين تمهيدا لقبول الإجراءات الأمنية ضد المسلمين كطائفة تنتقص من حقوقهم.
أما المستوى الثالث للإسلاموفوبيا، فيتمثل في الانتهاكات الفردية والقيود والممارسات الإدارية والقوانين التي تستهدف حقوق المسلمين وحرياتهم في المجتمعات الغربية التي يعيشون فيها، كحظر الحجاب في المدارس العامة الفرنسية، وحظر بناء منارات المساجد في سويسرا بناء على استفتاء.
ويوضح التقرير أن مستويات الظاهرة متداخلة ويغذي بعضها بعضا، وأن التعامل معها يحتاج إلى نظرة كلية شاملة بعيدا عن النهج الدفاعي أو الاعتذاري، كما أنه يتطلب صياغة استراتيجيات شاملة ترسخ لقواعد عامة في التعامل مع الظاهرة، وتحدد الأدوار والفاعلين الرئيسيين في مختلف مناطق الظاهرة، وصولا إلى التعاون والتكامل في الأدوار والأهداف بين كل المهتمين والمتعاملين مع الظاهرة في الدول الغربية والعالم الإسلامي.
من جانبه، قال نجم لـ«الشرق الأوسط» إن «التعاطي الصحيح مع مشكلة (الإسلاموفوبيا) يبدأ من الرصد الدقيق والتحليل العلمي السليم لكل الأحداث والقضايا المتعلقة بمعاداة الإسلام والمسلمين في الخارج، فالعلاقة بين أصحاب الأديان والبشر عموما، دائما ما تحتاج إلى الرصد والتحليل والتنبؤ من أجل إنضاج العلاقة ودفعها إلى الأمام وتصحيح مسارها دوما، والاستفادة من خبرات الماضي وقضايا الحاضر لبناء المستقبل».
وأكد الدكتور إبراهيم نجم أن العالم العربي والإسلامي يواجه صراعا حضاريا ودينيا وثقافيا من أطراف عدة تحاول تشويه الإسلام ورموزه ومحاربة المسلمين، ودعا إلى مواجهة ذلك بالدراسة والتحليل والتزود بسلاح العلم والمعرفة والبحث العلمي، «فهي أدوات لا غنى عنها في مواجهات الصدامات الثقافية والأزمات الحضارية بين أتباع الديانات المختلفة». وتابع: معالجة أزمة «الإسلاموفوبيا» تتطلب مخاطبة العالم الخارجي بلغاته وعبر أدواته ووسائله الإعلامية، وهو ما تسعى إليه دار الإفتاء من خلال لغات المرصد الثلاث الإنجليزية والفرنسية والألمانية، إلى جانب فريق من الباحثين والمترجمين، فضلا عن استغلال صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العالمية في نشر رسائل المرصد ورده على حملات الكراهية التي تظهر في هذه الوسائل والوسائط.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.