الأمم المتحدة تعلن بدء المباحثات السورية الشهر المقبل.. ووقف إطلاق النار يفتقر إلى الضمانات

فشل مهامها السابقة وغياب التوافق على مصير الأسد قد يشكلان عائقًا أمام التنفيذ

قوات المعارضة السورية تطلق صواريخ تجاه أكاديمية الأسد العسكرية بحلب (غيتي)
قوات المعارضة السورية تطلق صواريخ تجاه أكاديمية الأسد العسكرية بحلب (غيتي)
TT

الأمم المتحدة تعلن بدء المباحثات السورية الشهر المقبل.. ووقف إطلاق النار يفتقر إلى الضمانات

قوات المعارضة السورية تطلق صواريخ تجاه أكاديمية الأسد العسكرية بحلب (غيتي)
قوات المعارضة السورية تطلق صواريخ تجاه أكاديمية الأسد العسكرية بحلب (غيتي)

أعلن مدير عام منظمة الأمم المتحدة مايكل مولر، أن المباحثات المقبلة حول سوريا التي ستجرى برعاية الأمم المتحدة، ستعقد في جنيف نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل، في وقت قالت فيه مصادر دبلوماسية إن الأمم المتحدة تدرس خيارات «خفيفة» لمراقبة وقف محتمل لإطلاق النار في سوريا بحيث تظل المخاطر التي تواجهها عند أدنى حد ممكن، وذلك بالاعتماد في الأساس على سوريين يعيشون على الأراضي السورية.
مولر أوضح خلال مؤتمر صحافي عقد في مدينة جنيف بسويسرا حول تحديات الأمم المتحدة في 2016، أن «النية هي أن تبدأ المباحثات هنا في نهاية يناير»، مشيرا إلى أن «الجميع يرغب في أن تكلّل بالنجاح».
يذكر أنه في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للمرة الأولى خلال نحو خمس سنوات من الأزمة السورية، اعتمد أعضاء مجلس الأمن الدولي الـ15 بالإجماع، بمن فيهم روسيا، قرارا يضع خارطة طريق لحل سياسي في سوريا. إلا أن المعارضة السورية اعتبرت القرار منقوصا لأنه لم يشتمل على مقررات «مؤتمر جنيف1»، لا سيما في موضوع مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وينص القرار الدولي الرقم «2254» على أن مجلس الأمن «يدعم وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية»، ويدخل حيز النفاذ ما إن تتخذ السلطة والمعارضة «الخطوات الأولى باتجاه عملية انتقال سياسي». ويؤكد القرار أن وقف إطلاق النار «لن ينطبق على الأعمال الهجومية أو الدفاعية» ضد التنظيمات المتطرفة على غرار «جبهة النصرة» وتنظيم داعش. ويتضمن القرار تشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وإجراء انتخابات في غضون 18 شهرًا. ولقد ازدادت أهمية الحديث عن دور الأمم المتحدة في مراقبة هدنة مع تجدد السعي لوقف إطلاق النار في سوريا ربما في أوائل يناير المقبل بالتوازي مع مباحثات تجرى بين الحكومة والمعارضة.
وفي هذا الإطار، قال ماريو أبو زيد، الباحث المتخصّص في شؤون الشرق الأوسط: «مهمة الأمم المتحدة في مراقبة وقف إطلاق النار لن تكون سهلة، لا سيما أن خبرتها في هذا المجال لم تكن ناجحة قبل ذلك، وكانت دائما تنتهي لصالح النظام السوري». وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ثقة المعارضة السورية والفصائل العسكرية على الأرض بمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مفقودة.. وهو ما سيزيد الأمور صعوبة في غياب الآليات الفاعلية لوقف النار كما أي ضمانات إقليمية لها».
ورأى أبو زيد أن القرار الأممي «كان جيدًا في الشكل إنما مضمونه يحمل تأويلات وتفسيرات تجعله يواجه صعوبة في تطبيقه على الأرض، ويزيد الأمر تعقيدا غياب التوافق على مصير الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يفترض أن يشكّل أرضية أساسية لأي حل سياسي في سوريا»، مضيفا: «علما بأن النقاش الحقيقي والفعلي على مصير الأسد من شأنه أن يسهّل المهمة على المعارضة للمضي قدما في تنفيذ أي قرار ويشكّل نقطة الانطلاق لها في مواجهة الفصائل المتطرفة، لا سيمّا تنظيم (داعش)، و(جبهة النصرة)، التي أعلنت رفضها التقيد بوقف إطلاق النار، مما قد يؤسس لمواجهات بينها وبين فصائل المعارضة في المرحلة المقبلة».
هذا، ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين قولهم إن خطط الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة ستسعى لتحاشي تكرار الكارثة التي شهدتها بعثة أرسلت إلى سوريا عام 2012. وقالوا إن تلك العملية فشلت لأن الأطراف المتحاربة لم تبد أي اهتمام بوقف القتال. وأضاف الدبلوماسيون أن آلية المراقبة التي يجري بحثها تقضي باعتماد الأمم المتحدة على أطراف سورية بمثابة «وكلاء» على الأرض للإبلاغ عن الانتهاكات. ومن المحتمل أن تشمل هذه الخطة إيفاد مجموعة صغيرة من مسؤولي الأمم المتحدة غير العسكريين إلى سوريا لإجراء تحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان.
ونقل عن مصدر دبلوماسي قوله للوكالة: «فكرة التوكيل مطروحة، حيث يبحثون عمن تكون له المصداقية على الأرض في الحصول على المعلومات وإقامة آلية لنقل تقاريرهم إلى الأمم المتحدة». ولإنجاح هذا النهج، سيتعين على القوى الرئيسية الاتفاق على الأطراف السورية التي يمكن اعتبارها ذات مصداقية.
من ناحية أخرى، يقول دبلوماسيون إنهم يريدون تجنب وضع يكون فيه للأمم المتحدة وجود كبير في سوريا. ذلك أن وجود عدد كبير من مسؤولي الأمم المتحدة على الأرض في سوريا سيتطلب ترتيبات أمنية كبيرة لحمايتهم. وقال مصدر دبلوماسي: «إذا كانت لنا وحدة أمنية كبيرة، فسيبدو الأمر فجأة وكأنها بعثة كاملة». بينما قال مصدر آخر إن أداة أخرى لإنجاز أعمال التحقق من الانتهاكات قد تتمثل في استخدام طائرات دون طيار (درون). وقد باشرت الأمم المتحدة بالفعل استخدام هذه التكنولوجيا في مهام حفظ السلام في أفريقيا.
يذكر أن الأمم المتحدة كانت قد اضطرت لتعليق عملياتها في المرة السابقة في سوريا. وبعدما نشرت نحو 300 مراقب غير مسلحين في أبريل (نيسان) عام 2012 اضطرت في أغسطس (آب) من العام نفسه لإنهاء المهمة بعد أن أصبحوا هدفا لحشود شعبية غاضبة وتعرضوا لإطلاق النار. كذلك تعرضت قوة أخرى لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة تتولى حتى الآن مراقبة الحدود الإسرائيلية - السورية في مرتفعات الجولان، لإطلاق النار مرارا، بل وحوادث خطف أيضًا على أيدي مسلحين يقاتلون قوات الحكومة السورية، مما سيجعل مراقبة أي هدنة أمرا شديد التعقيد لأن هذه المناطق ستكون دائمة التغير.
ووفق ريتشارد جوان، الأستاذ بكلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا بنيويورك، فإنه «من الواضح أن الوضع الأمني في سوريا سيكون أسوأ بكثير جدا هذه المرة. لذلك يتعين على بان كي مون أن يكون مبتكرًا». وأشار إلى خيار الطائرات دون طيار، وإلى أنه لن يسري وقف إطلاق النار على المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».. وغيرهما من الجماعات المتطرفة.
ومما يزيد المخاطر، كذلك، أن طائرات حربية من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى تقصف مقاتلي «داعش» وجماعات أخرى في سوريا والعراق، كما أن قوات روسية تهاجم مجموعة مختلفة من مقاتلي المعارضة بما في ذلك مقاتلون يحظون بتأييد الغرب. وحسب كلام محلّل، فإن إعداد خيارات لمراقبة وقف إطلاق النار أمر عديم الفائدة، لأن أيا من الأطراف لا يريد فعليًا إنهاء القتال. وبهذا الصدد، قال ماكس بوت، من مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، معلقًا: «النقاش الدائر في الأمم المتحدة كله يبدو لي منفصلا بالكامل عن الواقع».



لجنة الاتصال العربية: ندعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

لجنة الاتصال العربية: ندعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.