ممرض «جوال» في مدينة درعا السورية يتطوع لمتابعة أحوال الجرحى داخل منازلهم

يتنقل على دراجة نارية حاملاً حقيبة طبية

ممرض درعا الجوال محمود أبو خضور
ممرض درعا الجوال محمود أبو خضور
TT

ممرض «جوال» في مدينة درعا السورية يتطوع لمتابعة أحوال الجرحى داخل منازلهم

ممرض درعا الجوال محمود أبو خضور
ممرض درعا الجوال محمود أبو خضور

وجد الممرّض محمود أبو خضور، الشاب السوري الثلاثيني، أن اقتصار عمله على معالجة الجرحى في المشفى الميداني في مدينة درعا، بأقصى جنوب سوريا، لا يكفي لإغاثة العدد الأكبر منهم نظرًا لعجز كثيرين عن الوصول إلى هذا المشفى لأسباب أو لأخرى. وعليه قرّر تخصيص ساعات ما قبل الظهر لزيارة الجرحى في منازلهم ومتابعة أوضاعهم، من دون أن يتقاضى أي بدل أتعاب، وساعات ما بعد الظهر والمساء لأداء مهامه داخل المشفى.
يتجوّل أبو خضور على دراجة نارية بين منازل بعض جرحى المدينة الذين يُعانون ظروفا صحية صعبة، وخاصة ذوي الإصابات في الأطراف السفلية أو الشلل النصفي، وذلك لتخفيف معاناتهم في الذهاب إلى المشافي الميدانية لمراجعة وضعهم الصحي، حيث يقوم بتعقيم جروحهم وتغيير ضماداتها والاطمئنان على أحوالهم الصحية.
لقد اتبع محمود أبو خضور طريقة زيارة الجرحى منذ أسابيع قليلة: «نظرًا للحاجة الماسّة التي تتطلّبها حالات بعض الجرحى في متابعة أوضاعهم الصحية بشكل يومي»، بحسب ما قاله لـ«مكتب أخبار سوريا» لافتًا إلى أن مهمته الطوعية بزيارة الجرحى في منازلهم، تُضاف إلى مهامه الأخرى في المشفى الميداني بمدينة درعا، حيث يضطر أحيانًا إلى قضاء معظم يومه بين عمل المشفى وزيارة المصابين، حاملاً حقيبته الطبية التي تحتوي على مواد أولية لتعقيم الجروح الملتهبة والضمادات التي تزوده بها المشافي الميدانية بالمدينة – القريبة من الحدود مع الأردن - التي تتقاسم السيطرة على أحيائها قوات المعارضة وقوات النظام وحلفائه.
وأوضح، شارحًا غايته، أن بعض الجرحى لا يُمكنهم الذهاب إلى المشافي الميدانية بشكل يومي لأسباب عدة منها افتقارهم لوسيلة نقل تقلهم إليها، وصعوبة حالات بعض الإصابات كالشلل، إضافة إلى التكاليف المرتفعة لزيارة بعض الأطباء العاملين في مشافي ريف درعا. ولذلك يتولّى هو فحص الجروح ويُقدّر مدى حاجة الجريح لزيارة الطبيب أو المشفى، منوّها إلى أنه يستشير بعض الأطباء «المختصّين» العاملين معه في المشفى الميداني عن بعض الحالات التي يرى أنه من الضروري اطلاع طبيب متخصص عليها.
ووفق أبو خضور فإن بعض الجرحى ازدادت حالتهم الصحية سوءا، جراء إهمالهم وذويهم للجروح التي تكون ملتهبة في أغلب الأحيان، ظنًّا منهم أنها في «طور العلاج»، كما حصل مع أحد الجرحى في «مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين»، حيث اضطر الأطباء إلى بتر قدمه بعد التهابها، نتيجة التقصير في متابعتها بالأدوية المضادة للالتهاب، وتغيير ضماد الجرح، ولذلك يرى أن في زيارته للجرحى ومتابعة وضعهم الصحي أهمية كبيرة.
كان محمود أبو خضور في الأساس يعمل ممرضًا في مشفى درعا الوطني، قبل أن يختار العمل قبل نحو ثلاث سنوات في المشافي الميدانية بالمدينة، ليساهم بعلاج الجرحى المدنيين والمقاتلين المعارضين. وراهنًا، يلاقي هذا الشاب الثلاثيني المتطوع الكثير من الترحيب والشكر في منازل عائلات الجرحى الذين يعالجهم. إذ أثنى أحمد المسالمة، والد أحد الجرحى القاطنين في حي طريق السد الخاضع لسيطرة المعارضة، في حديث لـ«مكتب أخبار سوريا»، على عمل محمود أبو خضور في متابعة الجرحى داخل منازلهم والاطمئنان على حالتهم، كما دعا المشافي الميدانية وفرق الإخلاء إلى زيادة الاهتمام بالجرحى الذين يُعانون من ظروف صحية صعبة، وذلك من خلال تخصيص سيارات تقلهم إلى المشافي الميدانية «عند الحاجة لذلك»، وتأمين بعض الأدوات التي تُسهّل عملية نقلهم كالكراسي المتحرّكة، وخاصة للمصابين بالشلل النصفي وذوي إصابات الأطراف السفلية العاجزين عن السير، على حد تعبيره. يُذكر أن آخر إحصائية لعدد جرحى الحرب الثورة، بيّنت إصابة 1.5 مليون سوري بأحد أنواع العاهات أو العجز المستديم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.