خوجة لـ {الشرق الأوسط}: القرار «الأممي» حول سوريا يقوض مخرجات «مؤتمر الرياض»

رأى حاجة ملحة لتقييم القرار من قبل الهيئة العليا

جانب من اجتماع مجلس الأمن الدولي حول سوريا والذي اعتمد قرارا بالاجماع يؤيد عملية السلام لإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع مجلس الأمن الدولي حول سوريا والذي اعتمد قرارا بالاجماع يؤيد عملية السلام لإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
TT

خوجة لـ {الشرق الأوسط}: القرار «الأممي» حول سوريا يقوض مخرجات «مؤتمر الرياض»

جانب من اجتماع مجلس الأمن الدولي حول سوريا والذي اعتمد قرارا بالاجماع يؤيد عملية السلام لإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
جانب من اجتماع مجلس الأمن الدولي حول سوريا والذي اعتمد قرارا بالاجماع يؤيد عملية السلام لإنهاء الحرب (أ.ف.ب)

كشف الدكتور خالد خوجة، رئيس الائتلاف الوطني السوري، عبر اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، عن استياء غمر معظم قوى المعارضة السورية، على خلفية القرار (2254)، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، بخصوص خريطة طريق دولية للسلام في سوريا، مشيرا إلى أن بعض مواد القرار تقوّض مخرجات «مؤتمر الرياض».
وأضاف خوجة «على الرغم من تكوين الهيئة العليا لتفاوض المعارضة السورية بالرياض، الذي أثمر تسمية منسق عام وأمانة عامة للجنة التفاوض، وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية للفصل في عملية الحل السياسي للأزمة السورية، إلا القرار الدولي وصياغته كان مميعا، حتى يتناغم مع التوجه الروسي».
وأوضح خوجة، أن بعض مقررات القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي الأول من أمس، تقوض مخرجات «مؤتمر الرياض»، وتُشرك أي مبادرات أخرى، غير «بيان الرياض» خاصة في المادة العاشرة، بجانب مبادرات موسكو والقاهرة ودمشق، بل حتى أي مبادرات أخرى مستقبلية، على أساس مستند عليه في تشكيل الإطار التفاوضي. ويعتقد أن هناك بنودا تبرز إشكالية كبيرة في كيفية طرحها أو في إشراكها مبادرات أخرى غير «مؤتمر الرياض» لتكون مستندا للعملية التفاوضية، مبينا أن البنود، خاصة البند العاشر والذي يصف «مؤتمر الرياض» بأنه مفيد للاعتماد عليه مع ذكر مبادرات موسكو والقاهرة وغيرها من المبادرات الأخرى، تفتح الباب على مصراعيه لتمييع مخرجات «مؤتمر الرياض» بامتياز.
وعن كيفية التعاطي مع مدلولات هذا القرار الأممي، قال خوجة: «حتما سنجتمع بعد أن أصبح لنا شركاء في الرياض لكي نقيّم هذا الموضوع مع شركائنا، ومن ثم تحديد كيفية التعاطي مع ذلك»، باعتبار أن الاجتماع يمثل فيه جميع أطياف المعارضة بجناحيها المدني والعسكري، مشيرا إلى أنها المعارضة المعتدلة الحقيقية.
ولفت رئيس الائتلاف السوري إلى أن الخريطة التي رسمها مجلس الأمن الدولي «ليست أممية»، مبينا أنها ربطت دعمها لوقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية وإدخاله حيز التنفيذ مع ما سمته اتخاذ السلطة والمعارضة الخطوات الأولى، في اتجاه الحل السياسي، مشيرا إلى أن ذلك تعبير مبهم وغير منصف لقوى الثورة السورية، ولن يخدم القضية السورية. ثم تابع إن «هذا القرار غير موضوعي، وطرحه بهذه الطريقة، ليس فقط مريبا، وإنما يختلف تماما عما اتفقنا عليه بأن تبدأ عملية وقف إطلاق النار مع بداية العملية التفاوضية، واعتبرنا أن هذه ليست وقفا لإطلاق النار مع بداية اتخاذ إجراءات بناء الثقة بين الأطراف المعنية، وهي إطلاق المعتقلين في السجون ووقف إطلاق النار، وفك الحصار عن المدن والسماح لقوافل المساعدات الإنسانية والإغاثة بمرور آمن للدخول للمناطق المتأثرة بالحرب، هذه كلها لا بد أن تؤخذ من جانب النظام».
وأضاف خوجة: «لم يذكر في القرارات الدولية، أي إشارة للنظام وإنما وضع النظام والضحية وهو الشعب السوري القاتل والضحية في المستوى نفسه، عندما ذكر القرار أنه على الأطراف أن تتخذ خطوات لبناء الثقة، في حين أنه ليس الذي يقذف بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والصواريخ البالستية، كمن يحمي شعبه بأسلحة أوتوماتيكية تقليدية، وليس الذي يحاصر المدن كمن هو محاصر».
وزاد: «من المفارقات المحزنة أن روسيا هي عضو مجلس الأمن الدولي وهي في الوقت نفسه التي تحتل سوريا، وهي التي تقذف بالطائرات إلى جانب النظام الشعب السوري، وهي تقذف بالصواريخ البالستية العابرة للقارات المناطق الآمنة، وهي التي تساند إيران خصم الشعب السوري»، مشيرا إلى أنه بين التدخل والتفرج الأميركي تتوه عملية الفيصل في هذه القضية.
ويعتقد خوجة أن هذا القرار الذي سمي «الأممي»، فتح المجال لروسيا، لكي يجعلها من يقبض بزمام المبادرة ويخرج القرار وصياغة القرار كما تريد، مشيرا إلى أن هذا الموقف، سيخلق لدى الشعب السوري الكثير من الشك، والريبة في جدية من يدعي صداقة الشعب السوري، في حل القضية السورية.
وأما في ما يتعلق بالدعوة إلى اجتماع في نيويورك، يرى خوجة أنها أصبحت رهينة قرار مجلس أمن ملزم للتعامل مع هذا القرار وما بعد الخطوات التي تتخذ ما بعد هذا القرار، مشددا على ضرورة أن تدرس بعناية من قبل قوى الثورة السورية، ولا بد أن يكون هناك مشورة للخروج بمشروع بين قوى الثورة لكي تتخذ الخطوات المطلوبة بعد هذا القرار على حدّ تعبيره. والخطوات المطلوبة، وفق خوجة، تحتم أن لا يصرح كل طرف على حدة، مبينا أن هذه الريبة موجودة لدى جميع الأطراف الممثلة للشعب السوري، ولكن التعامل معها لا بد أن يكون ضمن إطار تشاوري، بين قوى الثورة، «لأنه بعد أن اجتمعنا في مؤتمر الرياض أصبح لنا شركاء في العملية التفاوضية». وأردف «اجتماعنا المقبل في الرياض سيطرح هذا الأمر ويناقش بعناية فائقة وستعامل معه بجدية، من قبل المنسق العام والأمانة العامة»، مشيرا إلى أن الاجتماعيات التي جرت أمس في الرياض، هي اجتماعات لجان إعلامية ومالية وسياسية، منبثقة عن الهيئة العليا.
واختتم رئيس الائتلاف السوري كلامه بالقول إن هذه الاجتماعات تهدف إلى تسريع وتسهيل عمل الهيئة العليا للمفاوضات، ولكن يبقى موضوع اللجان أمر ثانوي أمام الأمر الاستراتيجي الحساس الذي صدر أول البارحة عن مجلس الأمن على حدّ تعبيره.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».