الشوكولاته ترتدي حلة العيد في لبنان

العالم يستهلك 95 طنًا منها في الثانية الواحدة

إبداع وتصميم من وحي العيد
إبداع وتصميم من وحي العيد
TT

الشوكولاته ترتدي حلة العيد في لبنان

إبداع وتصميم من وحي العيد
إبداع وتصميم من وحي العيد

قد تكون الشوكولاته من أبرز الضيوف الذين نستقبلهم في بيوتنا أثناء فترة الأعياد؛ فألوانها المتفاوتة ونكهاتها المنوعة وأشكالها الخارجة عن المألوف، تزيّن منازلنا في هذه الأوقات، فتضفي على جلساتنا في غرف الاستقبال والجلوس، أجواء مفعمة بالفرح والسعادة لمجرّد وجودها بقربنا على إحدى الطاولات، متلألئة في أوان زجاجية لمّاعة أو ملوّنة أو فضيّة أو من الكريستال.
وفي مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة اكتسحت الزينة محلات بيع الشوكولاته في بيروت فشكّلت بحدّ ذاتها حدثًا تابعه اللبنانيون بحيث راحوا يتفرّجون على واجهات تلك المحلات، التي امتلأت بأشكال وألوان الشوكولاته الموضّبة خصوصًا لجذب عشّاقها.
- اجتمع الأبيض والأسود بحلّة ملوّنة فكان الشوكولا سيدّ الموقف
يتنافس أصحاب متاجر بيع الشوكولاته في لبنان على استقطاب أكبر عدد من الزبائن في فترات أعياد الميلاد ورأس السنة. فهم يلجأون في هذا الصدد إلى مصممين محليين وأجانب لتلوين منتجاتهم، بتصاميم لها علاقة مباشرة بالمناسبة حينا وبفصل الشتاء حينا آخر.
ويقول مارك عتيق المدير العام لمتاجر «باتشي» لبيع الشوكولا الذي التقيناه في وسط بيروت، خلال إطلاق مجموعة تصاميمه لشوكولاته العيد في حفل خاص أضيء خلاله مبنى المتجر بإنارة حملت رموز العيد. إن هذه الفترة تحمل تحديّات كثيرة، فهي إضافة إلى كونها تشهد أكثر الأيام رواجا في نسبة المبيعات، فإنها تتطلّب ابتكار أفكار جديدة تستقطب الزبائن ليس في أنواع الشوكولاته وطعمها فحسب، وإنما أيضًا في طريقة تغليفها وتزيينها.
ويتابع في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «الزبون ينتظر الجديد في كلّ موسم، إذ يهمّه أن يحمل الشوكولاته في شكلها وطعمها ما يلفت ضيوفه، وما يميّزه عن غيره ليشعر بالرضا. وفي محلات (باتشي) فإن نسبة البيع في فترات الأعياد تصل إلى أربعة أضعاف الأيام العادية. وقد يطبّق هذا الأمر أيضًا على باقي المتاجر من زملائنا في المهنة. فالشوكولاته تعدّ أفضل هدية تقدّم في موسم العيد، واحد أبرز ضيافاته. ونحرص دائما على تقديم نكهات جديدة على لائحة الشوكولاته التي نصنعها والتي تتألّف من نحو الستين طعما».
ما الجديد الذي ابتكرته محلات «باتشي» في هذا الصدد؟ يرد مارك عتيق: «لدينا النوغا مع الشوكولاته السوداء والفويتين مع الشوكولاته والحليب، إضافة إلى البسكويت بالشوكولاته الداكنة مع عدة نكهات استوائية وشرقية.كما أن هناك الكاراميل مع الزبدة المملحة وحبات الشوكولاته مع (الوايفر) وكسر بندق».
أكثر من 300 كيلو من الشوكولاته عرضتها محلات «باتشي» في مناسبة إطلاقها مجموعتها الجديدة لشوكولاته العيد. فتوزّعت في أركان المحل الأواني المنسّقة والمرتبة فيها حبّات الشوكولاته لتلائم مختلف الأذواق. عالم من الألوان «الفلاشي» أي التي ترتكز على البهرجة، وأهمها الأحمر والذهبي، إضافة إلى الأخضر والأصفر والفوشيا والبرتقالي تألّفت منها هذه المجموعة.. «هي موضة عالمية نتبعها بتفاصيلها، فنقف على أحدث تقليعاتها ونطبّقها في محلاتنا»، يختم حديثه مارك عتيق.
في محلات «نورا» في منطقة الأشرفية والشهيرة أيضًا في بيع أطيب أنواع الشوكولاته، اتّبع أصحابها في تشكيلتهم الجديدة الخاصة في العيد، ألوانا كلاسيكية تدرّجت ما بين الفضّي والذهبي. وقد وضعت في سلال صغيرة من القشّ، أو في أوانٍ فضّية مزيّنة بمجسمات «بابا نويل» الحمراء ورجل الثلج الأبيض لتشير إلى موسم الأعياد الذي نعيشه حاليا.
أما محلات «السيغال» العريقة في صناعة الشوكولاته، فقد اختارت تنسيقات غلبت عليها الأشغال اليدوية وأخرى اصطناعية، تمثّلت بطابات الشوكولا وعائلة «بابا نويل» فزيّنت هذه التنسيقات التي حمل بعضها تابلوهات صغيرة، تمّ لصقها على حبّات الشوكولاته.
وتشير ريتا إحدى المسؤولات في محلات «لا سيغال»، إلى أن هذا النوع من الشوكولاته تعدّه بعض ربّات المنازل زينة العيد بحدّ ذاتها. ولذلك فهي تشتريها لتتألّق بها زوايا منزلها في فترة الأعياد.
وفي محلات «إلسا» في منطقة القنطاري، حيث تنسيقات الشوكولا الملوّنة بالأبيض والأسود والذهبي والفضي والأحمر، فتلفتك الأفكار المبتكرة من أصحابه لمناسبة الأعياد. فإضافة إلى الزينة اللماعة والبرّاقة التي غلّفت تنسيقاتها الأنيقة، أدرج عنصر المفاجأة لزبائنه كي يقدّموا هدية الشوكولاته في قالب مغاير، بحيث تحمل كلّ حبّة من حبّاته عبارة تلامسك عن قرب، وقد كتبت على الجهة الأمامية لها بالإنجليزية. ومن بين تلك العبارات «هذه مكافأة لك لاستطاعتك تحمّل زحمة السير في طرقات بيروت أثناء أيام العطلة»، أو «هذه الحلاوة لأنك شاركت في عمل إنساني» أو «هذه جائزتك لأنك نسيت إدراج الشوكولا على لائحة هدايا سانتا كلوز».
أما تكلفة هذه التنسيقات فتتراوح حسب كميّة الشوكولاته التي تحتويها، والإطار العام للزينة التي تغلفها. وتبلغ تلك الأسعار ما بين الـ100 والـ700 دولارا وما فوق.
- أسرار عالم الشوكولا تبدأ بملمسها وتنتهي بقضمة منها
كلّ ما تراه العين في إطار البهرجة والطابع البرّاق والألوان الزاهية قد تجعل الزبون يندفع إلى شراء الشوكولاته وفقا لشكلها. وهنا يطرح السؤال التالي نفسه، هل يكفي الشكل الجميل للإشارة إلى الطعم اللذيذ؟
يردّ الشيف شارل عازار أحد أهم الاختصاصيين بأطباق الحلويات في لبنان، ولا سيما تلك المصنوعة من الشوكولاته فيقول: «لا يكفي أن تشدّنا تلك التنسيقات لنشتريها، فأحيانا كثيرة تحمل حبات الشوكولاته فيها مفاجآت غير مستحبة لنا. ولنتعرّف إلى مذاق الشوكولاته الحقيقي علينا أن نتذوّقها في أوقات معيّنة من النهار، أي إما في الحادية عشرة صباحا، وإما في السادسة مساء». لماذا هذان التوقيتان بالتحديد؟ يردّ الشيف شارل الذي قدّم مؤخرا فستانا مصنوعا من الشوكولا من تصميم اللبناني عبد محفوظ ضمن صالون الشوكولاته الذي أقيم في بيروت منتصف الشهر الماضي، ويقول: «عند الصباح تتمتّع حاسة الذوق بالنشاط اللازم للتفريق ما بين الطعمات. وعادة ما يكون الشخص المتذوّق، لم يستهلك حاسته هذه بعد بأكلات دسمة تمنعه من التلذّذ بطعم الشوكولاته. أما بعد الظهر فتكون حاجتنا إلى طعم الحلاوة أكثر من غيره من الأوقات، وفي هذين الوقتين نستطيع أن نتذوّق الشوكولاته بالشكل الصحيح والمطلوب للوقوف على الجيّد والسيّئ منه».
ويرى الشيف شارل عازار أنه إذا اضطر الشخص أن يتذوّق أكثر من نوع في وقت واحد، عليه أن يلجأ إلى شرب كرعة مياه، أو تناول قطعة خبز صغيرة، ليتمّ تنظيف الفم من أي مواد دهنية يحتفظ بها من المذاق الأول، فلا يعد يتأثّر طعم النوع الثاني بالأول الذي سبق وتذوّقه.
فلعالم الشوكولاته أيضًا أسراره وأصوله، فهو يعرف بالمنتج «النبيل» (Noble)، ولذلك اقترنت صورته، ولا سيما في الإعلانات التجارية التي يروّج لها بالمرأة التي ترمز إلى النبل أيضًا.
ولتتعرّف إلى جودة الشوكولاته وكيفية اختيار الأفضل منه، عليك أن تتبّع القواعد التالية: أن تكون لماعة وذات ملمس ناعم، خالٍ من أي بقع أو نقاط بيضاء على خلف قطعة الشوكولاته، والتي تكون عادة ناتجة عن السكر المجمّد (بفاعل مرور وقت طويل على صناعته)، أو عن زبدة الكاكاو للعامل نفسه.
وعند قضمها فيجب أن تقطع بأسنانك قطعة واحدة (مقرمش)، دون أن تفرط بفمك كالرمل مع إحداث «طقّة» تدلّ على طزاجتها وجودتها. وعادة ما يتم تذوّق قطعة الشوكولا المعروفة بالـ«نابوليتين»، أي بقياس 3X3 سم، تماما كتلك المعروفة في ماركة Cote d’or التي ترافقنا عندما نرتشف فنجان قهوة أو كوب شاي.
- ابحث عن زبدة الشوكولا.. أغلى مكوّناتها عندما تنوي شراءها
أما بالنسبة لمكوّنات الشوكولاته ذات الجودة الأكيدة فأول ما يجب التنبّه إليه هو مادة الزبدة. فيجب أن يكون مكتوبا على الغلاف «Pure beurre de chocolat» (زبدة الشوكولاته)، وهو المكوّن الأغلى سعرا في صناعته. وفي المقابل، يجب الابتعاد عنه في حال كتب عليه «Huile de palme» (زيت النخيل)، وهو الأرخص سعرا والذي يشبّه بأي سمنة عادية مضرّة بالصحة.
يستهلك لبنان سنويا ما فوق الـ350 ألف طنّ من الشوكولا، فهو يعدّ الأول في صناعته في العالم العربي. حتى إن المصانع الكبرى فيه يصدّر الواحد منها نحو الـ10 أطنان من الشوكولا إلى البلدان العربية ويزداد هذا العدد في مناسبات الأعياد.
أنواع فاخرة من الشوكولا معروفة في العالم كـ«lindt» السويسرية، و«كالبو» البلجيكية و«فالرونا» الفرنسية، وتعود شهرتها لاستخدامها أفضل أنواع الكاكاو الذي يتم استيراده من جنوب أميركا وفي أفريقيا وبعض الجزر الأسترالية. كما أن «طبخة» الشوكولا في مصانع تلك الماركات هي التي تميّز ما بين نوع وآخر. وعادة ما يتمّ وضع ثمار الكاكاو (Feve) في الشمس لمدة ثلاثة أيام، بعدها توضّب في الأكياس لشحنها. وعند وصولها للمستورد يتمّ معالجتها كلّ حسب طريقته. فيكون أحيانا (لا سيما الأسود منها) منكّها بأنواع الفاكهة الحمراء أو الصفراء، أو أخرى ذات الطعم الحامض، وغيرها.
شوكولاته بيضاء أو سوداء، حلوة أو مرّة لا فرق، فالإفادة من تناوله جمّة وكثيرة. فمادة «البوليفينول» التي تحتويها هي مضادة للأكسدة، كما أنها تبعد عن متناولها الشعور بالضغوطات النفسية، وتحدّ من الإصابات في أمراض القلب والشرايين. هذا إضافة إلى احتوائه على مواد أخرى كالبوتاسيوم والماغنيسيوم والفوسفور.
كل عيد وأنتم والشوكولاته بخير، فأنتم من الأشخاص المحظوظين كونكم تعرفونها. فبالهند مثلا هناك شخص على اثنين لم يتذوّقها بعد، فيما العالم يستهلك 95 طنّا من الشوكولاته في الثانية الواحدة، أي بمعدّل ثلاثة ملايين طنّ في السنة.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.