فشل المحادثات بين الكوريتين يفضح العلاقات المتوترة بين البلدين المتجاورين

اجتماعات ماراثونية ولقاءات استثنائية رفيعة المستوى لم تسفر عن التوصل لأي اتفاق

وانغ بوغي ممثل كوريا الجنوبية يصافح جو جونج سو من كوريا الشمالية خلال محادثاتهما الأخيرة التي جرت في مجمع كيسونغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
وانغ بوغي ممثل كوريا الجنوبية يصافح جو جونج سو من كوريا الشمالية خلال محادثاتهما الأخيرة التي جرت في مجمع كيسونغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

فشل المحادثات بين الكوريتين يفضح العلاقات المتوترة بين البلدين المتجاورين

وانغ بوغي ممثل كوريا الجنوبية يصافح جو جونج سو من كوريا الشمالية خلال محادثاتهما الأخيرة التي جرت في مجمع كيسونغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
وانغ بوغي ممثل كوريا الجنوبية يصافح جو جونج سو من كوريا الشمالية خلال محادثاتهما الأخيرة التي جرت في مجمع كيسونغ الأسبوع الماضي (أ.ب)

بعد فشل محادثاتهما قبل أيام، وتبادل الاتهامات بين سيول وبيونغ يانغ، أصبح جليا للمراقبين والمحللين السياسيين أن العداء والارتياب لا يزال يطبع العلاقات المتوترة منذ عقود بين البلدين المتجاورين، بحسب ما قال خبراء.
وانتهت المحادثات الاستثنائية الرفيعة المستوى بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية قبل أيام، بعد اجتماعات ماراثونية، لكن من دون التوصل إلى اتفاق على أي من المواضيع، ولا حتى الاتفاق على عقد اجتماع جديد.
واعتبرت هذه المحادثات على مستوى نواب الوزراء، والتي كانت مخولة لمناقشة مجموعة كبيرة من المسائل التي لم يكشف عن تفاصيلها، الأولى من نوعها منذ نحو السنتين. ولم يكن أحد يتوقع أن تسفر عن اختراق تاريخي، لكن حتى الآمال بإحراز تقدم متواضع تبددت سريعا بمجرد طرح المسائل المدرجة في جدول الأعمال.
وكانت كوريا الشمالية، التي تواجه نقصا حادا في السيولة، ترغب في استئناف الرحلات التي تنظمها كوريا الجنوبية إلى محطتها الجبلية في جبل كومغانغ، وكانت سيول قد وقفت هذه الرحلات في 2008 عندما قتل جندي كوري شمالي سائحة كورية جنوبية، دخلت منطقة عسكرية محظورة خلال إحدى الرحلات. وقد رفضت كوريا الجنوبية التطرق إلى هذا الموضوع، وطلبت في المقابل أن يتركز الاجتماع على عقد اجتماعات جديدة بين العائلات، التي فرقتها الحرب الكورية (1950 - 1953).
وفي هذا الشأن قال رئيس الوفد الكوري الجنوبي هوانغ بو - غي، إن بيونغ يانغ جعلت من جانبها قضية استئناف الرحلات المنظمة إلى محطتها الجبلية شرطا للمفاوضات حول اجتماع العائلات. ومباشرة بعد ذلك أكدت وكالة أنباء كوريا الشمالية أن المحادثات تعثرت بسبب رفض كوريا الجنوبية الخوض في «المواضيع الأساسية».
لكن هذه ليست هي المرة الأولى التي تفشل فيها الجهود لإجراء حوار دائم، بعد لقاء أول بين البلدين الحالين اللذين ما زالا نظريا في حالة حرب. ومع هذا المستوى من التحدي، لا يأمل المراقبون في حصول تحسن كبير في العلاقات بين الكوريتين خلال الأشهر المقبلة، حسبما قال شونغ سونغ - شانغ، الخبير في معهد سيجونغ في سيول، الذي قال بهذا الخصوص: «حتى لو أجريت قريبا محادثات جديدة بين الجانبين، سيدهشني التوصل سريعا إلى اتفاق»، مضيفا أن كوريا الشمالية تعتبر أن التكلفة السياسية والاقتصادية للاجتماعات العائلية مرتفعة، وأنه يتوجب على الجنوب كما قال، «أن يخفف من هذا المطلب».
وتعود آخر اللقاءات بين الأسر المفرقة إلى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لأن بيونغ يانع غالبا ما رفضت أن تجعل من عقدها مسألة منتظمة. وفي هذا الشأن يقول يانغ مو - جين، من جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، إن الرفض الكوري الجنوبي مناقشة موضوع الرحلات المنظمة قد زاد من ارتياب بيونغ يانغ، فيما يقول عدد كبير من الخبراء إن هذا الموضوع كان مدرجا في جدول الأعمال، واعتبروا أن «المناقشات قد فشلت على ما يبدو لأن الطرفين كانا غير قادرين على تأمين حد أدنى ضروري من الثقة المتبادلة».
وستعقد كوريا الشمالية في مايو (أيار) المقبل أول مؤتمر لحزب العمال منذ 1980.
وكان استئناف الرحلات المنظمة، كما يقول الخبراء في الوضع الكوري، سيشكل انتصارا سياسيا مفيدا للدعاية التي تتمحور حول الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون. وبدلا من ذلك، ستركز بيونغ يانغ على الإعداد للمؤتمر، بدلا من الحوار بين الكوريتين، كما يراهن يانغ.
وثمة تخوف من أن تزيد المناورات العسكرية الأميركية - الكورية الجنوبية في مارس (آذار) 2016 من التوتر، وتجعل من عقد اجتماعات جديدة مسألة معقدة.



أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)
خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)
TT

أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)
خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)

قال أنس حقاني، ابن شقيق القائم بأعمال وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» بأفغانستان، خليل الرحمن حقاني، إن الوزير وستة آخرين قُتلوا في تفجير بالعاصمة كابل، الأربعاء.

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم حركة «طالبان» في بيان إن تنظيم «داعش خراسان» هو من قتل خليل حقاني.

أحد أفراد أمن «طالبان» عند نقطة تفتيش في كابل الخميس بعد أن قُتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين بانفجار قنبلة (إ.ب.أ)

وتولى خليل حقاني مهامه في الحكومة الانتقالية لـ«طالبان» بعد انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في 2021.

وتشير وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنه كان من كبار القادة بشبكة «حقاني»، وهي جماعة مسلحة متهمة بشن هجمات كبرى خلال الحرب التي استمرت 20 عاماً.

وقال أنس حقاني لـ«رويترز»: «فقدنا مجاهداً شجاعاً للغاية... لن ننساه أبداً ولن ننسى تضحياته».

وأوضح أن الانفجار وقع فيما كان خليل حقاني يغادر المسجد بعد صلاة العصر.

تضارب الأنباء حول ظروف مقتل حقاني في العاصمة كابل (الإعلام الأفغاني)

وقبل حتى أن يعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته، سارعت سلطات «طالبان» إلى اتهام التنظيم المتطرف بالوقوف خلف هذا «الهجوم الدنيء»، الذي أفاد مصدر حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه أودى بحياة الوزير حقّاني وعدد من معاونيه.

وأضاف المسؤول أن الانفجار، الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في 2021، نجم عن تفجير انتحاري.

ونشر تنظيم «داعش خراسان» صورة للانتحاري الذي نفّذ الهجوم، قائلاً إنه فجَّر سترته الناسفة بعد أن «اجتاز بنجاح الحواجز الأمنية داخل المقرّ»، حسب بيان نشرته وكالة «أعماق للأنباء» ونقله موقع «سايت» الذي يرصد أنشطة الجهاديين. وندّد الناطق باسم حكومة «طالبان» ذبيح الله مجاهد، بـ«هجوم دنيء» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بذكرى «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً». ووقع الانفجار «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد مصدر حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المصدر طالباً عدم نشر اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد (استُشهد) إلى جانب عدد من زملائه».

وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ، حيث تقع الوزارة في وسط كابل، وفق ما أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية. وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، هو شقيق جلال الدين، مؤسس شبكة «حقاني» التي يُنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفةً إياه بأنه «قائد بارز في شبكة حقاني» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر. ويبدو أن شبكة «حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، حسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية (ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأُصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددةً في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.

صدمة في باكستان

من جهته، قال وزير خارجية باكستان إسحاق دار، في بيان، إنه «صُدم» بسبب الهجوم. وأضاف: «باكستان تستنكر بوضوح جميع أشكال الإرهاب ومظاهره».

عناصر أمن من «طالبان» يتفقدون مركبة عند نقطة تفتيش في كابل الخميس (إ.ب.أ)

ووصلت «طالبان» إلى السلطة في أفغانستان في 2021 بعد انسحاب القوات الأجنبية، وتعهدت باستعادة الأمن، لكنَّ الهجمات استمرت في المناطق السكنية.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

ووقع تفجير في 2022 بالقرب من وزارة الداخلية، التي يقودها سراج الدين حقاني، زعيم شبكة «حقاني»، أدى إلى مقتل أربعة أشخاص. وفي 2023، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجوم خارج مقر وزارة الخارجية التي تديرها «طالبان» تسبب في مقتل خمسة أشخاص على الأقل.

«إرهابي دولي»

وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية في 2011 خليل حقاني على أنه «إرهابي دولي»، وعرضت وزارة الخارجية مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل تقديم معلومات تؤدي إلى اعتقاله.

في غضون ذلك، قال مسؤولون في وزارة الداخلية الأفغانية إن تفجيراً انتحارياً وقع في العاصمة الأفغانية كابل، الأربعاء، أودى بحياة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» واثنين آخرين. وأوضح المسؤولون أن الانفجار وقع داخل مبنى الوزارة، وأسفر عن مقتل الوزير خليل حقاني. ولم يقدم المسؤولون، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى وسائل الإعلام، أي تفاصيل أخرى.

أفراد أمن «طالبان» عند نقطة تفتيش في كابل الخميس حيث قُتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في الحكومة والعضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود شبكة قوية داخل «طالبان». ويعد حقاني أبرز شخصية تسقط ضحية تفجير في أفغانستان منذ عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن التفجير، على الفور.

وأدان وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، مقتل حقاني. وذكر دار، وهو أيضاً نائب رئيس الوزراء، عبر منصة «إكس»، أنه «صُدم بقوة» جراء مقتل حقاني و«فقدان أرواح ثمينة نتيجة هجوم إرهابي» في كابل.

وقال دار: «نقدم تعازينا القلبية»، مضيفاً أن «باكستان تُدين على نحو قاطع الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره».

وأوضح أن باكستان على اتصال بكابل للحصول على مزيد من التفاصيل.