واشنطن تنأى بنفسها عن التغلغل التركي في الأراضي العراقية

بايدن يشدد على ضرورة استمرار الحوار بين أنقرة وبغداد

واشنطن تنأى بنفسها عن التغلغل التركي في الأراضي العراقية
TT

واشنطن تنأى بنفسها عن التغلغل التركي في الأراضي العراقية

واشنطن تنأى بنفسها عن التغلغل التركي في الأراضي العراقية

أعلنت الأمانة العامة للجامعة العربية أمس، عن عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في الرابع والعشرين من الشهر الحالي لمناقشة التوغل التركي العسكري في الأراضي العراقية، وفي موقف لافت أعلنت الولايات المتحدة ابتعادها عن قيام تركيا بإدخال قوات مدرعة إلى عمق الأراضي العراقية.
وقالت السفارة الأميركية في بغداد في بيان لها إن «نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أجرى محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عقب الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الاثنين الماضي»، مبينًا أن «الجانبين تناولا انتشار القوات التركية التي تم مؤخرًا في شمال العراق دون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة العراقية». وأضاف البيان، أن «الزعيمين رحبا بالمؤشرات الأولية للانسحاب الجزئي للقوات التركية والمضي قدمًا في هذا الاتجاه»، مشيرًا إلى أن «الجانبين أكدا أن وجود أي قوات أجنبية في العراق يمكن أن يتحقق فقط من خلال التنسيق مع الحكومة العراقية وبعد موافقتها».
وأكد نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، بحسب البيان، «التزام الولايات المتحدة مجددًا بحفظ سيادة العراق وسلامة أراضيه»، داعيًا تركيا إلى «القيام بالأمر ذاته عن طريق سحب أي قوات عسكرية لها موجودة على الأراضي العراقية من دون موافقة الحكومة العراقية».
وشدد بايدن على ضرورة «استمرار الحوار بين العراق وتركيا للتوصل إلى حل أي مشكلة عالقة بروح من التعاون المشترك».
وفي سياق ذلك، عد عضو البرلمان العراقي السابق والقيادي بائتلاف دولة القانون، سامي العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك سببين لهذا المتغير في الموقف الأميركي حيال دخول القوات التركية إلى عمق الأراضي العراقية وهما أولا أن العلاقة الأميركية التركية لم تعد على ما يرام منذ أن تزعمت واشنطن التحالف الدولي ضد (داعش)، حيث أخذت تركيا موقفا آخر يعود إلى كون أنقرة مستفيدة من (داعش) في جوانب كثيرة».
وتابع: «الثاني يعود إلى قوة الموقف العراقي الداخلي سواء كان موقف الحكومة الذي بدا حازما هذه المرة أو موقف الكتل والقوى السياسية حيث رفض الجميع مثل هذا التصرف ولم يجرؤ أحد حتى ممن يصنفون على أنهم أصدقاء تركيا على اتخاذ مواقف أخرى غير الموقف الرسمي».
وأضاف العسكري «إن الولايات المتحدة سواء لجهة تحالفها الدولي، أو العلاقة داخل حلف الناتو لا تبدو في وضع جيد، بل هي في وضع لا تحسد عليه. ولذلك فإنها لم تعد قادرة على الدفاع عن الموقف التركي، لا سيما أن المشروع التركي لم يعد منسجما مع الموقف الأميركي في المنطقة بل بات لها مشروعها الخاص. وبالتالي فإن ما تعلنه اليوم واشنطن لبغداد ينسجم مع ذلك تماما، لأنه لم يعد ممكنا الدفاع عن الموقف التركي الذي هو موقف مناوئ لكل القيم والأعراف الدولية والدبلوماسية»، موضحا أنه «لو كان الموقف التركي يأتي في سياق الحرب ضد داعش أو حتى مطاردة حزب العمال الكردستاني، وفي إطار ترتيبات معينة لربما كان الأمر يختلف، لكن أن تأتي بدبابات ومدرعات بحجة حماية مدربين فهو أمر لا يمكن السكوت عليه من أي طرف كان».
من جهته أكد شروان الوائلي، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التطورات اللاحقة بعد التدخل التركي سواء كانت على مستوى تحرك الحكومة العراقية بالمحافل الدولية أو ما صدر عن مجلس الأمن، أو ما سيصدر عن الجامعة العربية، إنما هو أمر أكد على وحدة الموقف العراقي حيال هذه القضية السيادية وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار، بل تم القيام بخطوات عملية كان لها إرثها على المواقف الداخلية والإقليمية والدولية».
وأضاف الوائلي أن «تركيا فشلت في خلق ثغرة داخل الجبهة الداخلية العراقية، وهو أمر في منتهى الأهمية على صعيد قضية من هذا النوع من الصعب البحث عن مبررات لها، وبالتالي فإن الموقف الأميركي والموقف الدولي جاءا معززين للموقف الداخلي، وهو أمر في غاية الأهمية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.