الجميع متفق على توقع أن فيلم «ستار وورز: القوة تستيقظ» Star Wars: The Force Awakens سيحطم الرقم القياسي في أيام افتتاحه الثلاث الأولى (بدءًا من اليوم)، وقد ينجز ما لا يقل عن ملياري دولار في عروضه العالمية.
الجميع يتلهف على النظر إلى هذه الكعكة الميلادية الكبيرة التي أنتجتها شركة ديزني بميزانية 200 مليون دولار، وتتوقع لها إحداث رواج غير مسبوق ورفع سقف أفلام السلسلة المقبلة بقدر ما تستطيع.
الجميع باستثناء رجل واحد اسمه كوينتين تارانتينو انبرى ليهاجم شركة ديزني الموزّعة بسبب وضع أقدمت عليه أضر به من حيث أنها تدري. لقد اكتشف مخرج «الثمانية الكارهون» The Hateful Eight أن واحدة من أكبر الصالات التي تعرض فيلمه هذا قد رضت بأن ترفع الفيلم من العرض مقابل أن تعرض فيلم «ستار وورز» الجديد وتتمتع بحصّتها من الإيرادات الضخمة المنتظرة.
حين اتصل تارانتينو بإدارة الصالة أخبرته أن اتفاقها قضى برفع الفيلم لمدّة عشرة أيام فقط، لأجل أن تستفيد من الهجمة الأولى للجمهور ثم تعيد عرض «الثمانية الكارهون»، ليدخل عروض الكريسماس المقبل. لكن شركة ديزني، والكلام لا يزال للإدارة نفسها، عارضت الخطّة وطالبت صالة السينما باستمرار عرضها لفيلمها هذا إلى أن تنتهي فاعليته التجارية (لخمسة أسابيع على الأقل).
هذا، في عرف تارانتينو، هو اعتداء غير قانوني على ملكيّته وجحود لما سبق له وأن حققه لـ«ديزني» من نجاح عندما وزّعت فيلميه السابقين «اقتل بيل» (الأول والثاني)، وحصدت 333 مليون دولار منهما.
غير متوقع أن تكترث «ديزني» لصرخة تارانتينو، ولو أنها في المبدأ على الأقل، محقة. لديها ألعاب نارية تطلقها حول العالم وتتوخّى عملاً يتجاوز أي رقم قياسي يمكن التفكير به بعدما قامت، سنة 2012، باستحواذ حقوق السلسلة بكاملها من صاحبها المنتج والمخرج جورج لوكاس بمبلغ خرافي قدره 4 مليارات و100 مليون دولار.
عاش على ذكراه
سلسلة «ستار وورز» في واقعها هذه الأيام ليست مجرد أفلام رصّفت حكاياتها لكي تتوالى وتنجح ولا الجزء الجديد منها (السابع على نحو مباشر، أي بغض النظر عن الإنتاجات الفرعية عنه) فيلما عاديا بقدر ما هو صناعة قائمة بذاتها. «ديزني» ستحاول، عبر كل هذا الدفع والبذل ولي الأذرع لسحب أفلام من العروض، الحصول على التحوّل إلى إمبراطورية موازية لتلك التي في حبكة السلسلة الشهيرة. الفارق أنها تعيش على هذا الكوكب وليس في إحدى المجرّات البعيدة.
كل هذا و«ستار وورز» الأول انطلق من دون آفاق رحبة وبأقل قدر من توقعات النجاح. في البداية تطلب الأمر ثلاث سنوات قبل أن يجد جورج لوكاس أذنًا صاغية عند شركة فوكس تقبل بتمويل الفيلم. أحد عشر مليون دولار كانت الميزانية لكن «فوكس» كانت مترددة بدورها، خصوصًا عندما وافقت 40 صالة أميركية فقط على عرضه، وامتنعت الصالات الباقية.
«فوكس»، كما تأكد بعد ذلك، لم تكن تدرك أن ما لديها هو وزّة تبيض ذهبًا، فإذا بالفيلم يحقق لها في تلك العروض الأولى للفيلم (أعيد طرح الفيلم للعروض التجارية لاحقًا) نحو 78 مليون دولار في حين أن لا أحد من أفلامها قبل عام 1977 استطاع تجاوز الأربعين مليون دولار إيرادًا.
كان استقبال الفيلم من قِـبل المشاهدين مفاجئًا للجميع بمن فيهم جورج لوكاس نفسه الذي كان رضي بأن يتقاضى نحو 175 مليون دولار كأجر على أن يحتفظ بـ40 في المائة من إيرادات الفيلم بعد التكاليف والحصص الأخرى.
إزاء هذا النجاح قام لوكاس وشركة فوكس بالتحضير سوية للجزء الثاني الذي تم إطلاقه بعد ثلاث سنوات بعنوان «الإمبراطورية ترد الضربة» The Empire Strikes Back وقام بإخراجه إرڤن كيرشنر بميزانية قدرها 18 مليون دولار. هذا الفيلم جلب 534 مليون دولار وعزز الرغبة في مواصلة المسلسل بـ«عودة الجيداي» سنة 1983 الذي حققه ريتشارد ماركاند بميزانية قدرها 32 مليون دولار وجذب 573 مليون دولار في المقابل.
بعد ذلك عاش المسلسل على ذكراه لفترة طويلة: أعيد عرض بعض هذه الأجزاء الثلاثة. تم صنع أفلام وألعاب فيديو منها وأشرطة كرتونية واستنباط ألعاب إلكترونية مختلفة قبل أن تعاود هوليوود إطلاق ثلاثية جديدة تقع أحداثها قبل أحداث الثلاثية السابقة ما حدا بالإنتاج لتحويل تلك الثلاثية الأولى إلى أرقام 4 و5 و6 في مقابل قيام الثلاثية الجديدة بالتحوّل إلى الأرقام الثلاثة الأولى تبعًا لمجريات أحداثها.
النجاح استمر كبيرًا رغم هذا التغيير، بل جاء أكبر من سابقه. الجزء الذي حمل اسم «ستار وورز: الفصل الأول: شرور الشبح» (1999) والذي أخرجه لوكاس بنفسه أنجز مليار دولار. هو أيضاَ أصبح مخرج الفيلم الثاني من الثلاثية الجديدة: «هجوم المستنسخين» (سنة 2002) الذي جمع 648 مليون دولار والثالث أيضًا وهو «انتقام سث» الذي رفع الإيراد إلى 848 مليون دولار.
إمبراطورية خاصّة
كل ما سبق لا يعني الأفلام كانت بذاتها على ما يرام. في حين أن الثلاثية الأولى (التي أصبحت حسب التسلسل الجديد ثانية) لعبت على براءة الحكايات والخيالات، وأنجزت حسنات في جهات معيّنة كالمؤثرات التقنية (التي لم تكن تقدّمت لما هي عليه اليوم) والتمكن من سرد الحكاية مهما بلغت سذاجة بعض مواقفها، انبرت الثلاثية الجديدة على نحو غاب عنه الحس التلقائي البسيط الأول، خصوصا أن التقنيات كانت بلغت قدرًا كبيرًا من التقدّم، بحيث غابت السذاجة الترفيهية لتحل مكانها سذاجة ثقيلة ناتجة عن تضخيم كل شيء ودفعه صوب ذروة مفتعلة و- كما الحال بفيلم «هجوم المستنسخين» و«انتقام سث» - ركيكة التمثيل البشري لصالح التمثيل المنفذ على الديجيتال للشخصيات غير الآدمية.
جورج لوكاس بدوره برهن على أنه «بزنس مان» أكثر منه فنان. وُلد سنة 1944 من عائلة ذات أصول ألمانية وسويسرية واسكوتلاندية. في شبابه أدار صالة سينما للعروض الفنية المختلفة تمامًا عما سيؤول إليه من أعمال. ففيها عرض أفلاما طليعية أميركية وأوروبية لجانب أفلام لكبار المخرجين الأوروبيين (أمثال فديريكو فيلليني وفرنسوا تروفو وألان رينيه).
في جامعة «كاليفورنيا الجنوبية» (في مدينة لوس أنجليس) تصادق وعددا من المخرجين من جيله بينهم جون ميليوس وستيفن سبيلبرغ، لكن في حين أن ميليوس كان وراء الأفلام الأكثر جدية وجد لوكاس وسبيلبرغ نفسيهما يتعاونان في مرحلة لاحقة على إنجاز أفلام ترفيهية محضة، كان من بينها سلسلة «إنديانا جونز».
حين باع لوكاس حقوق «ستار وورز» لـ«ديزني» خرج من الصفقة بأكثر من 4 مليارات دولار كما تقدّم. هذه فوق ما كان جناه عندما أنتج وأخرج أفلامه تلك تجعله صاحب إمبراطورية كتلك التي في أفلامه.
«ستار وورز» جديد يوقظ العالم على احتمالات هائلة
لماذا هاجمه تارانتينو واعتبره اعتداء غير قانوني؟
«ستار وورز» جديد يوقظ العالم على احتمالات هائلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة