النظام السوري يطلب استرداد هنيبعل القذافي.. ووزير العدل اللبناني يرفض

معلومات لـ«الشرق الأوسط»: الموقوف تمنى البقاء في لبنان بدل تسليمه لأي جهة أخرى

النظام السوري يطلب استرداد هنيبعل القذافي.. ووزير العدل اللبناني يرفض
TT

النظام السوري يطلب استرداد هنيبعل القذافي.. ووزير العدل اللبناني يرفض

النظام السوري يطلب استرداد هنيبعل القذافي.. ووزير العدل اللبناني يرفض

طرأ تطوّر جديد على توقيف هنيبعل معمّر القذافي في ملف خطف وإخفاء المرجع الديني الشيعي الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، تمثّل في تسلّم وزارة العدل اللبنانية كتابًا من النظام السوري يطلب فيه الأخير تسليمه القذافي الابن، انطلاقا من أن الأخير حاصل على اللجوء السياسي في سوريا، لكن سرعان ما ردّ وزير العدل أشرف ريفي هذا الطلب، على اعتبار أنه يخرج عن قواعد الاتفاقية القضائية المعقودة بين لبنان وسوريا.
واستغربت مصادر معنية بملف الصدر الطلب السوري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت هناك من جهة يمكن تسليمها القذافي الابن فهي السلطات الليبية، لكن على فرض تقدم ليبيا بطلب رسمي لذلك فإنه لن يكون بالإمكان تسليمه ما دام قيد التحقيق والملاحقة أمام القضاء اللبناني»، كاشفة أن «السلطات الليبية أجرت اتصالات بلبنان، وأبدت استعدادها لاسترداد هنيبعل بأي ثمن، لكن الجانب اللبناني أبلغها باستحالة تسليمه قبل محاكمته في لبنان». وإذ لفتت المصادر إلى أن هنيبعل «تمنّى خلال استجوابه أن يبقى موقوفا لدى الدولة اللبنانية بدل تسليمه إلى بلاده أو إلى أي جهة أخرى»، شددت على أن «المحقق العدلي لم يصدر مذكرة توقيف بحقه استجابة لطلب أحد، وليس الأمر كذلك انتقاما لكونه نجل معمر القذافي، إنما جاء إصدار المذكرة بناء على جرم ارتكبه وهو كتم معلومات جنائية في قضية الإمام الصدر من شأنها أن تنير التحقيق بشكل أوسع».
وعلى الرغم من أهمية المعلومات التي أدلى بها الموقوف، وتأكيده بشكل حاسم «مسؤولية نظام والده عن خطف الصدر ورفيقيه، واعتقالهم في سجن سياسي في إحدى ضواحي طرابلس»، أوضح هنيبعل أن «كنز المعلومات الحقيقي يتمثل في شقيقيه سيف الإسلام الموقوف في سجن تسيطر عليه جماعة الزنتان، والساعدي الموقوف في سجن الهضبة الواقع تحت سيطرة عبد الحكيم بلحاج (أمير ما تسمى بالجماعة الإسلامية المقاتلة)».
إلى ذلك، لا تزال إفادة القذافي الابن التي أدلى بها أمام المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة قيد الدرس والتدقيق وتقييم المعلومات التي قدمها في هذا الخصوص، وهو برأي المعنيين يشكّل خزّان معلومات في هذه القضية، فخلال استجوابه قدم معلومات قيّمة جدا، لكنه تكتم على معلومات أخرى.
وأكد مصدر قانوني متابع لمجريات الملف لـ«الشرق الأوسط»، أن التحقيق «لم يحسم بعد هوية الشخص الذي انتحل صفة الإمام الصدر وتنكر بلباسه الديني وانتقل بجواز سفره من طرابلس إلى العاصمة الإيطالية روما، لكن الاحتمالات حصرت بشخصين، الأول قيادي أمني كبير ومقرّب جدا من معمر القذافي ولاحقا شغل منصب وزير، والثاني عقيد في قوى الأمن الليبية يعتقد أنه هو من نفّذ هذه المهمة».
وأشار المصدر إلى أن «الأشخاص الثلاثة الذين انتحلوا صفة الصدر ورفيقيه واستخدموا جوازات سفرهم وصلوا إلى روما منتصف الليل وباتوا في السفارة الليبية، وظهر اليوم الثاني انتقلوا إلى الفندق الذي حجزت فيه ثلاث غرف باسم الصدر ورفيقيه، وبعد ساعات تركوا جوازات السفر والثياب العائدة للمخطوفين في غرف الفندق وغادروه من أجل التسويق لمزاعم اختطافهم من داخل الفندق في العاصمة الإيطالية.
إلى ذلك، أوضحت أوساط مطلعة أن «القذافي الابن خطف في سوريا على أيدي أفراد عصابة يديرها سليمان هلال الأسد، سلمته إلى أشخاص لبنانيين لقاء مبالغ مالية، وأدخل إلى لبنان عبر الخط العسكري الذي لا يخضع للتفتيش، بسيارة تابعة لمسؤول لبناني سابق مستفيد من عملية الخطف». وكشفت أن «القذافي الابن أقام لأكثر من سنة في حي المالكي في دمشق، قبل أن ينتقل إلى اللاذقية لأسباب أمنية، ومن اللاذقية استدرجته العصابة عبر سيدة سورية وجرى اختطافه على أيدي المسلحين».
وجاء في قرار وزير العدل: «بعد الاطلاع على كتاب وزارة الخارجية اللبنانية بتاريخ 2015/12/16، وعلى طلب التسليم الصادر عن النيابة العامة السورية والموجه إلى النائب العام التمييزي في لبنان، والمتضمن طلب تسليم المدعو هنيبعل معمر القذافي باعتباره لاجئا سياسيا ومقيما بصورة شرعية داخل الأراضي السورية، يقتضي أولا وقبل البت بالطلب المذكور الإشارة إلى أنه لم يتضمن اعتبار المدعو هنيبعل القذافي مجرما مطلوبا تسليمه للتحقيق أو المحاكمة، وبالتالي فإن طلب تسليمه يخرج عن القواعد المنصوص عنها في الاتفاقية القضائية المعقودة بين لبنان وسوريا في عام 1951 والتي وضعت قواعد ونظمت أصول تسليم المجرمين بين البلدين».
وأشار وزير العدل إلى أن «الطلب موضوع البحث يخرج عن نطاق تطبيق الاتفاقية المذكورة، فلا يكون لمرسلي الطلب الحق بتوجيهه مباشرةً إلى النائب العام التمييزي، مما يستوجب اعتبار الطلب مردودا شكلا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه كان يتوجب على الجهة مرسلة الطلب، وقبل المسارعة في طلب تسليم المدعو هنيبعل القذافي بعد منحه اللجوء السياسي لديها، أن تبادر إلى وضعه تحت تصرف السلطات القضائية اللبنانية للاستماع إليه في جريمة إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه التي أصابت تداعياتها لبنان والعالمين العربي والإسلامي، ليدلي بما قد يكون لديه من معلومات قد تنير التحقيق أو تساعد في كشف الحقيقة».
ورأى ريفي أن عدم قيام الجهة الطالبة بـ«فتح تحقيق قضائي في خطف القذافي وكشف هوية المتورطين تمهيدا للتحقيق معهم يثير الريبة حول وجود نية في عرقلة التحقيق القضائي الجاري في لبنان»، مؤكدا أن «المطلوب تسليمه المدعو هنيبعل القذافي يخضع للتحقيق أمام القضاء اللبناني الذي يبقى له وحده أن يقرر بناءً على معطيات ومسار التحقيق إبقاء القذافي قيد التوقيف أو إطلاق سراحه، بعيدا عن أي اعتبار أخرى أو أي طلب يرد من هذه الجهة أو تلك». وخلص ريفي في اتخاذ القرار لـ«رد طلب تسليم المدعو هنيبعل القذافي للأسباب المبينة في متن هذا القرار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».