عباس يقيل عبد ربه من رئاسة مجلس أمناء مؤسسة درويش

عزله ومثقفين مقربين من موقعه في خطوة أثارت تساؤلات

فلسطينيون يتحلقون حول سيارة استخدمت في محاولة دهس جنود اسرائيليين في مخيم قلنديا للاجئين قرب رام الله بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتحلقون حول سيارة استخدمت في محاولة دهس جنود اسرائيليين في مخيم قلنديا للاجئين قرب رام الله بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس يقيل عبد ربه من رئاسة مجلس أمناء مؤسسة درويش

فلسطينيون يتحلقون حول سيارة استخدمت في محاولة دهس جنود اسرائيليين في مخيم قلنديا للاجئين قرب رام الله بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتحلقون حول سيارة استخدمت في محاولة دهس جنود اسرائيليين في مخيم قلنديا للاجئين قرب رام الله بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

أعفى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه من منصبه رئيسا لمجلس أمناء مؤسسة محمود درويش، وذلك بعد نحو 6 أشهر من إعفائه من منصبه الأهم، وهو أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وأصدر عباس، بحسب مصادر مطلعة، مرسوما رئاسيا بتقليص عدد أعضاء المجلس، وإقالة عبد ربه وآخرين من مجلس المؤسسة، في حين ينتظر تعيين زياد أبو عمرو، نائب رئيس الوزراء، المقرب من عباس، رئيسا للمجلس بدلا من عبد ربه.
وتضمن القرار، عزل نحو 20 من المثقفين المعروفين بانتقادهم للسلطة، أو القريبين من عبد ربه، واستبدالهم بعدد أقل في خطوة تقلص عدد الأعضاء.
ويقول مراقبون إن القرار يستهدف عبد ربه شخصيا، الذي عزله عباس من أمانة سر المنظمة قبل أن يغلق مؤسسة تحالف السلام التي يقودها، ويتراجع تحت ضغط سياسي وقانوني، في انتظار إجراء انتخابات للمنظمة يتوقع أن تزيحه نهائيا من لجنتها التنفيذية.
وكانت خلافات عبد ربه مع عباس قد بدأت منذ عام 2011، عندما عارض التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن، ثم تعمقت بسبب شكوك حول علاقاته بالقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان. ومثل هذه العلاقة والحصول على دعم إماراتي سياسي أو مالي، تسبب كذلك بخلافات مع رئيس الوزراء السابق سلام فياض، عندما كان في منصبه رئيسا للوزراء.
وأثار القرار جدلا واسعا في الأراضي الفلسطينية بين مؤيد ومتحفظ ورافض. وقال مؤيدون للقرار على مواقع التواصل الاجتماعي إنه لا حاجة لكل هذه الضجة، وإنهم مع ضخ دماء جديدة لمؤسسة لم تكن ناشطة كما يجب. وقال آخرون إنه يجري استبدال المثقفين برأسمال ومحسوبين على السلطة.
وكتب الأديب محمود شقير، وهو عضو مجلس أمناء تمت إقالته: «من حقي أن أعترض لأنني لم أعرف عن حل مجلس أمناء مؤسسة محمود درويش إلا من مواقع التواصل الاجتماعي. كان يمكن أن تتم الأمور، إن كان لا بد من ذلك، على غير هذا النحو، من باب الاحترام للديمقراطية الفلسطينية، ومن باب التقدير لثقافتنا الوطنية، ومن باب حفظ كرامة مثقفين وفنانين وإعلاميين بارزين، ووطنيين مرموقين في مجلس الأمناء، وأكتفي هنا بذكر اسم رامز جرايسي الذي حمل الراية من الراحل الكبير الشاعر توفيق زياد، وأخذ الناصرة إلى ما يليق بها من عز وفخار. ومن حقي أن أعترض ليس تشبثًا بعضويتي في مجلس الأمناء، وليس لأنني أمضيت ما يزيد على خمسين سنة من عمري في خدمة الثقافة الفلسطينية، وإنما لأنني مواطن مقدسي يعيش في مدينة لها ظرفها الذي لا يخفى على أحد».
وكتب الشاعر غسان زقطان عضو المجلس الذي أقيل كذلك: «أبلغت اليوم وبشكل رسمي أن مرسوما رئاسيا صدر عن مكتب الرئاسة يعفيني من عضوية مجلس أمناء مؤسسة محمود درويش، الإعفاء الرئاسي شمل غالبية النشطاء والعاملين في الشأن الثقافي». وأضاف زقطان: «الحقيقة أن علاقتي الطوعية بالمؤسسة كانت استكمالا لصداقة عميقة وطويلة مع الراحل الكبير محمود درويش، صداقة لم تخضع للمراسيم ولم تأت عبرها».
وإضافة إلى زقطان وشقير، طال قرار العزل الشاعر خالد جمعة، والفنان خالد عليان، وأحمد درويش (شقيق الشاعر محمود درويش)، والمحلل السياسي طلال عوكل، والناشط السياسي عبد القادر الحسيني، وسهيل خوري، ورمزي أبو رضوان، وعلاء علاء الدين، وسعد عبد الهادي، ونظمي الجعبة، وفايز السرساوي.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عباس نسب إلى المجلس، إضافة إلى الوزير أبو عمرو، محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار ورجل الأعمال سامر خوري، وعمار العكر الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الاتصالات، وهاشم الشوا رئيس مجلس إدارة بنك فلسطين، ورجل الأعمال جودت الخضري، وأبقى على يحيى يخلف وزير الثقافة السابق وآخرين. واعتبر رئيس مجلس الأمناء ياسر عبد ربه القرار انتهاكا سياسيا وقانونيا ووطنيا، وقال إنه سيكون للمجلس رد. وأوضحت مصادر مقربة من عبد ربه لـ«الشرق الأوسط» أن القوانين الداخلية تنص على أن مجلس الأمناء هو سيد نفسه. وأضافت: «لم يجر تعيين عبد ربه مثلا، بل تم انتخابه من الأعضاء». وتابعت: «المجلس سيصدر بيانا تفصيليا في وقت لاحق».
ونشرت وسائل إعلام محلية فلسطينية رسالة لم يتسن التأكد من صحتها، لعائلة الشاعر محمود درويش، بعثت بها للرئيس عباس، وجاء فيها: «علمنا أن مرسوما صدر عن سيادتكم يحل مجلس أمناء المؤسسة، من أجل تنحية رئيسها ياسر عبد ربه، والذي تم انتخابه بشكل مباشر من قبل المجلس (..)، إننا ننظر بقلق إزاء ذلك». وأضافت العائلة في الرسالة: «نأمل من سعادتكم التراجع عن القرار». وقالت العائلة: «نرى في القرار مسًا بمكانة محمود درويش التي كانت دوما فوق أي خلافات داخلية، إضافة إلى أن هذا الأمر يتطلب التشاور معنا مسبقا، لا سيما أن كل متعلقات درويش وإرثه الشخصي أمانة موجودة في المتحف وفق اتفاق إعارة الثقة بعبد ربه».
كما رفض شقيق آخر لدرويش بحسب رسالة ثانية الانضمام إلى المجلس الجديد. ولم تعقب الرئاسة الفلسطينية فورا على قرار عباس أو اعتراضات أعضاء المجلس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.