ليبيا أمام مفترق طرق واجتماع الصخيرات يحسم الموقف

بعثة الأمم المتحدة تلتزم الصمت.. والمرشح لرئاسة الحكومة: بلدنا يواجه خطرًا محدقًا

ليبيا أمام مفترق طرق واجتماع الصخيرات يحسم الموقف
TT

ليبيا أمام مفترق طرق واجتماع الصخيرات يحسم الموقف

ليبيا أمام مفترق طرق واجتماع الصخيرات يحسم الموقف

أبلغ فرج بوهاشم الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي «الشرق الأوسط» أن التوقيع على اتفاق سلام في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، سيتم كما هو محدد في المغرب غدا الأربعاء.
وقال بوهاشم في تصريحات خاصة من مقر مجلس النواب بمدينة طبرق» نعم، التوقيع سيكون يوم الأربعاء حسب ما تم إعلانه في السابق، مضيفا: «وفد المجلس سيترأسه نائب رئيسه محمد شعيب ونأمل التحاق المستشار صالح عقيلة رئيس المجلس بمراسم التوقيع».
لكنه لفت في المقابل إلى أن وفد برلمان طرابلس للتوقيع سيكون برئاسة صالح المخزوم النائب الثاني لرئيسه، والذي قال برلمان طرابلس أول من أمس إنه لم يعد يمثله في هذه المفاوضات، وطرح اسم عوض عبد الصادق النائب الأول لرئيسه ليحل مكانه.
وأضاف بوهاشم «المجموعة المتطرفة في مؤتمر ريكسس (في إشارة إلى البرلمان الموازي المتواجد بأحد فنادق طرابلس) ﻻ ولن تعترف بأي تسوية سياسية سواء كانت تحت رعاية الأمم المتحدة أو من دونها».
وتابع: «هي تعترف فقط بأفكارها المتطرفة وتحاول استقطاب بعض المنتفعين بمجلس النواب تحت شعار حوار ليبي ليبي، لكي تؤجل الاتفاق الحالي وتجد مساحة لبسط سيطرتها بالسلاح عن طريق الميليشيات التابعة لها، والتي ستنحل بموجب اﻻتفاق».
وردا على سؤال حول ماذا كان التوقيع على الاتفاق سيكون بمن حضر من برلمان طرابلس وتحديدا المخزوم، قال الناطق باسم مجلس النواب «نعم المخزوم يمثل أغلبية المؤتمر السابق».
إلى ذلك التزمت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا الصمت، ولم تصدر أي بيانات، بينما رفض محمد شعيب نائب رئيس مجلس النواب الليبي ورئيس وفده لحوار الأمم المتحدة، الإجابة على أسئلة لـ«الشرق الأوسط» تتعلق بالاتفاق، متعللا في اتصال هاتفي معه بمقره في تونس، بـ«انشغاله في اجتماعات».
لكن ناطقا باسم مجلس النواب المتواجد في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، قال في المقابل إنه ليس لدى المجلس علم بما إذا كان وفد المجلس سيتوجه بالفعل إلى المغرب، أم لا في ضوء إعلان المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته أنه لا يعترف بالحوار ولا بممثليه فيه.
من جهته، أبلغ مسؤول في برلمان طرابلس «الشرق الأوسط» عبر الهاتف أن البرلمان الذي لا يحظى بالاعتراف الدولي، لن يرسل عنه أي مندوبين للتوقيع على الاتفاق كما كان محددا.
وقال المسؤول الذي تحدث مشترطا عدم تعريفه «نحن لم نعد نعترف بأي حوار تشرف عليه البعثة الأممية، وما زلنا في انتظار رد الأمين العام للأمم للمتحدة على طلبنا الرسمي الذي أرسلناه له في رسالة خطية تحمل توقيع رئيس البرلمان نوري أبو سهمين، بشأن التسريبات الإعلامية للمبعوث الأممي السابق برناردينو ليون».
وأضاف: «لم نحصل على إجابات، بالتالي نحن غير معنيين على الإطلاق بما تعلن عنه بعثة الأمم المتحدة، هذا موقفنا حتى الآن، ولن نتراجع عنه».
ولليوم الثاني على التوالي، ناقشت اللجنة السياسية ببرلمان طرابلس آخر مستجدات الحوار، وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني الرسمي إن الاجتماع الذي حضره 16 من أعضاء اللجنة ناقش مخرجات اجتماع روما والخطوات التي ينبغي اتخاذها حياله، مشيرا إلى أن اللجنة ستعقد لاحقا اجتماعا بحضور النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني الدكتور عوض عبد الصادق للوقوف على آخر مستجدات الحوار.
ودخل المفتي المقال من منصبه، الشيخ الصادق الغرياني، على خط الأزمة مجددا، حيث دعا أنصار برلمان طرابلس غير الشرعي، للخُروج في كلِّ المدنِ والميادينِ، في مظاهراتِ تأييدٍ حاشدةٍ، باعتبارها السلاح الوحيد الذي تبقى في وجه ما وصفه بـ«الدسائس والمكائد».
من جهته، حث فائز السراج المرشح لرئاسة حكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، جميع الليبيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم في الداخل والخارج على «النظر للأمام والعمل كفريق واحد لإنقاذ ليبيا مما وصفه بالخطر المحدق المتمثل في تمدد التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود مرورا بالمعاناة اليومية للمواطنين في الداخل والخارج وانتهاء بتشظي القرار السياسي والاقتصادي وغياب الأمن والاستقرار».
وقال السراج في بيان وزعه مكتبه الإعلامي إن «خمس سنوات من المعاناة كافية لنستوعب أن الإقصاء والاستقواء والاحتكام للسلاح لا يبني وطنا ولا يحمي المواطن ويجعله آمنا على حاضره ومستقبله»، لافتا إلى أن «الاتفاق السياسي بملاحقه عالج كل المخاوف، فقط لنقرأه بتجرد مغلبين مصلحة الأمة على المصلحة الفئوية مستلهمين روح الآباء المؤسسين الذين مضوا قدما في بناء دولة الاستقلال رغم شح الإمكانيات وغياب الموارد».
وتابع: «لنمضِ معا ونهدي شعبنا الأمل ونعمل سويا لتحقيق حلمه في دولة آمنة مستقرة، ولنتوحد في وجه إرهاب عابر للحدود لن يتوقف حتى يجتثنا جميعا».
ميدانيا، لقي سبعة أشخاص على الأقل مصرعهم، في اشتباكات عنيفة اندلعت بين ميليشيات مسلحة في منطقة تاجوراء شرقي المدينة، في أحدث مؤشر على تدهور الوضع الأمني في العاصمة
وأظهرت مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» تعرض مقر نيابة تاجوراء للحرق بالإضافة إلى فرار نحو 400 سجين من السجن التابع لمكافحة المخدرات بعدما تم أيضا هدمه.
وقالت مصادر محلية إن الاشتباكات وقعت بسبب خلاف شخصي سرعان ما تطور إلى مواجهات دامية، مشيرة إلى أن من بين القتلى قياديين في ميليشيات فجر ليبيا المتطرفة التي تستولي على طرابلس بقوة السلاح منذ العام الماضي.
وفى مدينة سرت الساحلية التي تبعد 450 كيلومترا شرق طرابلس، أعدم تنظيم داعش المتطرف امرأة ورجلا في المدينة الخاضعة لسيطرته بعدما اتهم المرأة بممارسة «السحر والشعوذة» والرجل بالتجسس.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن شهود عيان أن التنظيم «قتل امرأة تحمل الجنسية المغربية ورجلا يحمل الجنسية الفلسطينية، كما قام بقطع يد آخر ليبي، تنفيذا لأحكام قصاص».
وأوضح هؤلاء أن «التنظيم قطع رأس المرأة بالسيف وسط ساحة عامة في المدينة بعد اتهامها بالسحر والشعوذة»، وفي السياق نفسه قام التنظيم بتنفيذ حكم الإعدام رميا بالرصاص بحق رجل فلسطيني الجنسية بتهمة الجاسوسية، كما «قطع يد ليبي لاتهامه بالسرقة».
ويفرض تنظيم داعش سيطرته على هذه المدينة الساحلية المطلة على البحر المتوسط منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي، ويسعى للتمدد في المنطقة المحيطة بها في ظل الفوضى الأمنية التي تشهدها ليبيا بفعل النزاع المسلح المتواصل بين السلطتين الحاكمتين.
وأعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أن التنظيم بدأ «يتوغل نحو الداخل» ساعيا للوصول إلى آبار النفط الواقعة بين مدينتي سرت وبنغازي.
وكان ملف ليبيا حاضرا أمس على جدول أعمال وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالعاصمة البلجيكية بروكسل، محاربة الإرهاب، خاصة المتمثل بتنظيم داعش، والعلاقات مع تركيا.
وكان مقررا أن تقوم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، بإطلاع رؤساء الدبلوماسية الأوروبية على ما تم أول من أمس في مؤتمر روما حول ليبيا، مضيفة «رأينا تصميمًا جيدًا من قبل الأطراف الليبية على المضي قدمًا في توقيع الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة في المغرب».
ورأت بحسب وكالة أنباء آكي الإيطالية أن المهم في حل الأزمة الليبية هو الإجماع على اتفاق يكون مقبولاً من قبل الأطراف الدولية والإقليمية ويوفر فرصة لليبيين للاضطلاع بمسؤولية قيادة دفة بلادهم.
وطالبت موغيريني الوزراء الأوروبيين بإعادة التأكيد على استعدادهم لدعم الحكومة الليبية الجديدة، بعد تشكيلها، ماليًا وسياسيًا واستراتيجيًا، مشيرة إلى أن تحرك الاتحاد الأوروبي في الملف الليبي يهدف إلى الاحتفاظ بحق «النظر» فيما يحدث في هذا البلد، وأضافت: «بالنسبة لنا ليبيا دولة هامة لتحقيق الأمن الإقليمي وضبط تمدد تنظيم داعش، ومحاربة الهجرة غير الشرعية».
من جهتها، أكدت روسيا استعدادها لدعم جهود المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا مارتن كوبلر والحوار بين الفرقاء الليبيين.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي الذي شارك في مؤتمر روما، أكد في كلمته «تمسك روسيا باستقلال وسيادة ليبيا ووحدة أراضيها»، مشيرا بشكل خاص إلى أن «المماطلة في تسوية النزاع الليبي الداخلي لاحقا تؤدي إلى تعزيز نفوذ التنظيمات الإرهابية وقبل كل شيء داعش في هذا البلد».
وأضاف البيان: «جرى التأكيد على استعداد بلادنا لمواصلة دعم جهود كوبلر في تحريك المفاوضات الليبية – الليبية التي يجب أن تقوم على مبادئ الشمولية وإشراك كل القوى السياسية والقبائل والفئات الاجتماعية في العملية السلمية بنشاط».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».