مصر: لم نتلق دلائل تؤكد أن «عملاً إرهابيًا» أسقط الطائرة الروسية

لجنة التحقيق تدعو الدول المهتمة لمدها بالمعلومات

وزير الطوارئ الروسى فلاديمير بوشكوف لدى زيارته موقع تحطم الطائرة الروسية في أول نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
وزير الطوارئ الروسى فلاديمير بوشكوف لدى زيارته موقع تحطم الطائرة الروسية في أول نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مصر: لم نتلق دلائل تؤكد أن «عملاً إرهابيًا» أسقط الطائرة الروسية

وزير الطوارئ الروسى فلاديمير بوشكوف لدى زيارته موقع تحطم الطائرة الروسية في أول نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
وزير الطوارئ الروسى فلاديمير بوشكوف لدى زيارته موقع تحطم الطائرة الروسية في أول نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

أرسلت لجنة التحقيق في واقعة تحطم الطائرة الروسية تقريرها الأول إلى الدول المعنية، وكذلك منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو). وقال بيان للجنة، أمس، إنها تعتزم مواصلة التحقيق الفني في ضوء عدم تلقيها أي معلومات استخباراتية تفيد بتعرض الطائرة لعمل إرهابي، لكن البيان لم يتطرق إلى تفسير الصوت الذي ظهر في نهاية تسجيلات الصندوق الأسود.
كانت طائرة روسية على متنها 224 شخصا سقطت بالقرب من مدينة العريش بسيناء أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقب دقائق من إقلاعها من مطار شرم الشيخ في طريقها إلى روسيا، بعد فقدان الاتصال بها. وأعلنت روسيا مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة.
وبعد أيام من الحادث، استبقت بريطانيا نتائج التحقيقات وأكدت أن لديها معلومات استخباراتية تؤكد تعرض الطائرة لعمل إرهابي، وقالت إنها لا تستطيع أن تكشف عن مصدر تلك المعلومات ولا طبيعتها. كما أعلنت روسيا في وقت لاحق تعرض الطائرة لعمل إرهابي. وقال رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، حينها، إن تحطم الطائرة الروسية «عمل إرهابي مؤكد» لأنه نجم عن انفجار قنبلة محلية الصنع كانت تحتوي على كيلوغرام من مادة الـ«تي إن تي». ووصفت روسيا الواقعة بأنها من أكبر الحوادث في تاريخ الطيران الروسي.
وطالبت اللجنة التي تشكلت من محققين من 5 دول بينهم روسيين، بمدّها بالمعلومات التي تؤكد تعرض الطائرة لعمل إرهابي. وقال البيان الذي صدر عن اللجنة في القاهرة أمس إن «لجنة التحقيق الفني لم تتلق حتى تاريخه ما يفيد وجود تدخل غير مشروع أو عمل إرهابي، وعليه فإن اللجنة مستمرة في عملها بشأن التحقيق الفني».
وأعلن فرع تنظيم داعش في سيناء، عقب الحادث مباشرة، مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الروسية، انتقاما من قصف الطيران الروسي مواقع التنظيم في سوريا، لكنه رفض الكشف عن تفاصيل العملية. ونفى المتحدث باسم وزارة الطيران المدني في مصر، محمد رحمة، ما تداولته وكالات أنباء وتقارير صحافية بشأن نفي اللجنة وجود دليل على تحطم الطائرة. وقال رحمة لـ«الشرق الأوسط» إن «بيان اللجنة كان واضحا تماما.. اللجنة لم تقل إنه لا دليل على تحطم الطائرة بعمل إرهابي.. كل ما قاله البيان إن اللجنة لم تتلق أي معلومات من أي من الدول التي أكدت تعرض الطائرة لعمل إرهابي».
وقال رئيس لجنة التحقيق في واقعة تحطم الطائرة الروسية الطيار أيمن المقدم، بحسب بيان اللجنة الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن التقرير الأولي يتضمن 19 بندا ثابتا متعارفا عليها في تحقيق الحوادث يتضمن المعلومات الأولية المتاحة أمام لجنة التحقيق حتى تاريخ صدوره، الذي يحتوي على معلومات يتم تدقيقها بشكل أكثر تفصيلاً من خلال مراحل التحقيق القادمة.
وأشار إلى أن التقرير أقر أن البحث عن أجزاء الحطام امتد إلى أكثر من 16 كيلومترا من موقع الحطام الرئيسي، مؤكدا أن أعضاء فريق عمل الطب الشرعي بلجنة التحقيق تلقوا التقارير الخاصة بالكشف على الجثامين من الأطباء الشرعيين، واللجنة في انتظار تقارير فحص الجثامين من الجانب الروسي لتحديد حالة الضحايا بعد ظهور نتائج تحاليل البصمة الوراثية (DNA) لذويهم.
وأوضح الطيار أيمن المقدم أن أجهزة مسجلات الطيران FDR (الصندوق الأسود الخاص بالمعلومات والبيانات) أظهرت أن خط سير رحلات الطائرة قبل وقوع الحادث بخمسة أيام كانت بين مطارات روسية ومطارات مصرية فقط، وأن الرحلة التي سبقت الحادث أقلعت من مطار «سمارا» بروسيا إلى شرم الشيخ.
كما قامت مجموعة عمل العمليات بلجنة التحقيق بفحص البيانات الخاصة بالطيارين مع الجانب الروسي والخاصة بإجازات الطيران ولياقتهم الطبية، ويجري في الوقت الحالي فحص السجلات التفصيلية للعمليات التدريبية التي قام بها الطيارون، وذلك بعد ترجمتها من اللغة الروسية، بحسب البيان.
وذكر المقدم أنه جار الآن دراسة الحالة الفنية والإصلاحات التفصيلية التي تمت على الطائرة وهيكلها وأنظمتها ومحركاتها، من تاريخ إنتاجها وحتى وقوع الحادث، وذلك من خلال الوثائق والسجلات الفنية الخاصة بالطائرة والتي وردت من الجانب الروسي. وقال رئيس اللجنة إن جميع ممثلي الدول المشاركين في التحقيق حصلوا على جميع الحقوق التي حددتها لهم التشريعات الدولية، ولا يزال التعاون والتواصل معهم مستمرًا لتبادل المعلومات بشأن الحادث، كما تم تنظيم 15 رحلة جوية إلى موقع حطام الطائرة بالتنسيق مع القوات المسلحة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».