تضارب في التصريحات الروسية على أعلى المستويات حول دعم الجيش الحر

المعارضة السورية تنفي أي تعاون مع فصائلها التي يستهدفها الطيران الروسي

تضارب في التصريحات الروسية على أعلى المستويات حول دعم الجيش الحر
TT

تضارب في التصريحات الروسية على أعلى المستويات حول دعم الجيش الحر

تضارب في التصريحات الروسية على أعلى المستويات حول دعم الجيش الحر

تضارب غريب في التصريحات على أعلى المستويات في روسيا بخصوص دعم عسكري بالذخيرة والسلاح ودعم مادي تقدمه روسيا لفصائل من الجيش السوري الحر. وأمس قال فاليري غيراسيموف، رئيس أركان الجيش الروسي، إن روسيا تدعم فصائل «الجيش الحر» التي يزيد تعداد أفرادها على خمسة آلاف مقاتل، بالسلاح والذخيرة والدعم المادي، وإن الطائرات الروسية تشن يوميا من 30 إلى 40 غارة دعمًا لهذه الفصائل التي تنفذ في الوقت الحالي عمليات هجومية، ويتقدمون في محافظات حمص وحماه وحلب والرقة، حسب قول الجنرال غيراسيموف الذي أكد أن «عدد أفراد الجيش الحر يزداد بصورة مستمرة».
وكان بوتين أكد على هذا التعاون في كلمته أمام كبار قادة الجيش في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلا أن ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم بوتين، قال بعد ساعات على كلام بوتين إن روسيا تدعم الجيش النظامي وليس الجيش الحر.
مصادر في العاصمة الروسية فضلت إحالة هذا الإرباك والتعارض إلى ما اعتبرت أنه «تنسيق سري يجري بين موسكو وبعض الفصائل المسلحة التي تحارب (داعش) في سوريا». وفي هذا الكلام تلميح إلى أن دائرة ضيقة جدًا في روسيا على علم بهذا الأمر. ورجحت المصادر أن المعلومات الأدق هي تلك إلى ذكرها الرئيس بوتين بداية، وكررها رئيس هيئة الأركان غيراسيموف في تصريحاته أمس، وما يدل على ذلك، هو تراجع بيسكوف المتحدث باسم الكرملين عن تصريحاته التي نفى فيها وجود هذا الدعم، ويبدو أنه حصل بعد ذلك على معلومات أدق من الكرملين ولذلك تراجع عن النفي وأكد عقب تصريحات غيراسيموف أمس أن روسيا تقدم بالفعل الدعم بالسلاح والذخيرة لفصائل محددة من الجيش الحر.
في غضون ذلك، تبقى محاطة بالغموض أيضا وحتى اليوم زيارات شخصيات من الجيش الحر إلى العاصمة الروسية موسكو، أكدتها وزارة الخارجية الروسية.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» حول هذا الموضوع، لم يستبعد مصدر مقرب من زيارات شخصيات قالت إنها من الجيش السوري الحر إلى موسكو، وجود مثل هذا التعاون، لافتًا إلى أن «روسيا وتحديدًا الرئيس بوتين ما كان ليعلن عن الأمر لو لم يكن كذلك»، معربا عن قناعته بأن «الإشارة من جانب بوتين، وبعده غيراسيموف، بدقة إلى العدد والمناطق التي تقاتل فيها هذه الفصائل، معلومات تعزز واقعية وجود التعاون بين موسكو وفصائل من الجيش الحر»، مرجحًا أن «روسيا على الأغلب بدأت هذا التعاون وتحيطه حاليًا ببعض السرية كي لا يتم استهداف هذه القوات من جانب فصائل أخرى أو قوات غير راضية عن الدور الروسي في سوريا، بانتظار أن تصبح الفصائل التي يدور الحديث عنها قوية بما فيه الكفاية، وإلى حين أن يتعزز التعاون بينها وبين روسيا بالشكل المطلوب».
ولم يجد عضو المجلس العسكري في الجيش الحرّ أبو أحمد العاصمي في الكلام الروسي، إلا «محاولة لحجز مكان لحلفائهم في أي مرحلة تفاوض مقبلة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بعد مؤتمر الرياض الذي حقق نجاحًا كبيرًا واستطاع جمع كل الأجنحة السياسية والعسكرية للثورة، بدأ الروس مساعيهم لحجز دور لحلفائهم في الشمال ليكونوا ضمن هيكلية عسكرية في المستقبل». وأكد أن الروس «باتوا متيقنين بأن حليفهم بشار الأسد انتهى ولا يمكنهم أن يلعبوا دورًا إلا من خلال الفصائل الموجودة في الشمال، مثل (وحدات الحماية الكردية) ليكون لهم ذراع عسكرية على الأرض بعد انهيار النظام».
أما عضو الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد رمضان، فأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يوجد أي تعاون بين أي فصيل من فصائل الجيش الحر والجانب الروسي». وقال: «على عكس الدعم المزعوم، فالجيش الروسي في ريف حلب الجنوبي يدعم الإيرانيين ومقاتلي حزب الله ويضرب بشكل شرس مواقع الجيش الحر، وهو تسبب بتهجير أكثر من 150 ألف مدني بعضهم إلى العمق السوري وبعضهم إلى تركيا التي اضطرت إلى فتح حدودها أمام الجرحى الذين لم يكن بالإمكان معالجتهم على الأراضي السورية»، لافتًا إلى أن «الغارات الروسية دمرت 23 مشفى ميدانيًا في الأسابيع الأولى لعملياتها العسكرية في سوريا».
وعمّا إذا كان الجيش الحر أحد الفصائل التي تتشكّل منها «قوات سوريا الديمقراطية»، جزم رمضان بعدم وجود أي فصيل من الجيش الحر في «قوات سوريا الديمقراطية»، مستدركًا: «خلال معارك عين العرب شارك بعض مقاتلي الجيش الحر بقيادة العقيد عبد الجبار العكيدي، وكانت مشاركة رمزية، لكن لا وجود لمقاتلين من الجيش الحر في عداد (قوات سوريا الديمقراطية) التي هي فعليًا (قوات حماية الشعب الكردي)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.