لأول مرة.. وفدا الشرعية والمتمردين يلتقيان اليوم وجهًا لوجه للتشاور برعاية أممية

الحكومة اليمنية: التصعيد العسكري الحوثي عشية المفاوضات «نوع من الانتحار»

جندي تابع للجيش الوطني خلال تمرين عسكري في مدينة تعز أمس (رويترز)
جندي تابع للجيش الوطني خلال تمرين عسكري في مدينة تعز أمس (رويترز)
TT

لأول مرة.. وفدا الشرعية والمتمردين يلتقيان اليوم وجهًا لوجه للتشاور برعاية أممية

جندي تابع للجيش الوطني خلال تمرين عسكري في مدينة تعز أمس (رويترز)
جندي تابع للجيش الوطني خلال تمرين عسكري في مدينة تعز أمس (رويترز)

تنطلق اليوم في إحدى البلدات الصغيرة في ضواحي مدينة جنيف السويسرية المشاورات اليمنية – اليمنية بين الأطراف المتنازعة، المتمثلة في وفدي الحكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وقد كشفت مصادر سياسية يمنية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن المفاوضات ستجرى في فندق «سويس أوليمبك هاوس» بمنتجع «ماغلينجين» القريب من جنيف.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت أن اللقاء الذي ستستضيفه سويسرا بشأن الأزمة اليمنية سيعقد في مكان مغلق لن يتم الكشف عنه بناء على طلب المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ. وأضافت المصادر المطلعة أن «الوفدين سيلتقيان وجها لوجه في إطار فرق عمل، للمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة والحرب في اليمن، عقب انقلاب تحالف الحوثيين - صالح على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، واحتلال العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) 2014».
وعشية دخول وقف إطلاق النار في اليمن حيز التنفيذ، منتصف ليل أمس، وبدء سريان الهدنة التي أصدرها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأبلغ بها الأمم المتحدة، واصلت الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح تصعيدها الميداني وزادت من حصارها الخانق على مدينة تعز، التي تشهد أبرز وأعنف المواجهات.
واعتبرت الحكومة اليمنية التصعيد العسكري الحوثي بأنه «نوع من الانتحار» الذي يسبق محاولات التوصل إلى سلام. وقال الشيخ عبد العزيز المفلحي، مستشار الرئيس اليمني، لـ«الشرق الأوسط» إن المشاورات في سويسرا سوف تستمر حسبما هو مخطط لها، رغم التصعيد من قبل المتمردين. وأضاف المفلحي أن المتمردين والمخلوع علي عبد الله صالح يتعاملون «بلا مسؤولية ويستهينون بكرامة اليمنيين وبدمائهم»، مؤكدا أن أكبر دليل على هذه الاستهانة هو «أنهم يتركون جثامين قتلاهم مرمية في الجبهات، دون أن يكرموهم بدفنهم أو بتسليمهم إلى أهاليهم».
وأكد مستشار هادي أنه ليس أمام المتمردين والانقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح سوى الالتزام الصريح والواضح بالقرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2216، وتنفيذه نصا وروحا وفعلا على الأرض، كما أكد على أن القرار ينص صراحة على انسحاب المتمردين من المدن الرئيسية وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط إلى الدولة اليمنية، وكذا تسليم مؤسسات الدولة إلى السلطات الشرعية المعترف بها دوليا.
ووفقا لما أعلن فإن المشاورات ستحاط بسرية تامة ضمانا لنجاحها، كما طرح الوسطاء الأمميون. وردا على سؤال عما إذا كان وفدا الحكومة الشرعية والمتمردين سيلتقيان على مائدة حوار واحدة، قال مصدر يمني رفيع ومقرب من المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إن الوفدين سيلتقيان في وجها لوجه في الجلسة الافتتاحية، إضافة إلى لقاءات أخرى في فرق العمل التي ستشكل.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «إننا نحث الطرفين على اللقاء المباشر والتحاور من أجل إزالة كثير من العقبات»، وأشار المصدر إلى «عدم وجود أية إشكاليات فنية، حتى اللحظة، تعيق انعقاد المشاورات .
من جانبه، أكد مستشار الرئيس اليمني المفلحي لـ«الشرق الأوسط» هذه المعلومات، وقال إنه لم يكن مطروحا أن يلتقي الوفدان على طاولة حوار، وإنه وفقا لجدول أعمال المشاورات سيتم تشكيل فرق مشتركة من الوفدين لمناقشة القضايا المطروحة على الجدول ووضع التصورات والمسودات، لكن المفلحي أكد أن أية تسوية سياسية مقترحة أو سيتم التوصل إليها لن تخرج عما ينص عليه القرار الأممي 2216.
وشهدت الساعات الأربع والعشرون الماضية، التي سبقت وقف إطلاق النار، تصعيدا كبيرا من قبل المتمردين الحوثيين في عملياتهم العسكرية في معظم جبهات القتال، فبالإضافة إلى القصف الصاروخي الذي نفذوه على قوات التحالف قرب باب المندب، والذي أدى إلى «استشهاد» قائدين عسكريين خليجيين، فقد قام المتمردون بعمليات قصف لمناطق في محافظة لحج الجنوبية.
واعتبر مراقبون يمنيون أن الحوثيين سعوا، من خلال هذا التصعيد، إلى استعراض القوة وإلى تحقيق مكاسب سياسية في مشاورات جنيف، من خلال عمليات حربية يجري تضخيمها وهي من العمليات التي يسقط فيها قتلى وجرحى من كلا الطرفين. وذهب بعض المراقبين إلى القول إن من أبرز الأهداف لدى المتمردين إطالة أمد الصراع العسكري الدائر وعدم التوصل إلى تسوية سياسية في القريب العاجل. ودلل المراقبون على ذلك باستمرار المتمردين في ممارسة جملة من التصرفات، منها استمرار العمليات العسكرية وتصعيدها وفتح جبهات قتال جديدة وقصف مناطق بعيدة عن مواقع الصراع، وكذا استمرار تعييناتهم في الجهازين الإداري والعسكري للدولة، رغم أن القرار الأممي 2216 يمنع اتخاذ خطوات أحادية الجانب من قبلهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».