كليات إدارة الأعمال.. فخر الهند التعليمي

4 آلاف مؤسسة تعمل بالمجال.. بعضها ضمن الأفضل عالميًا

مدخل المعهد الهندي للإدارة فرع أحمد آباد
مدخل المعهد الهندي للإدارة فرع أحمد آباد
TT

كليات إدارة الأعمال.. فخر الهند التعليمي

مدخل المعهد الهندي للإدارة فرع أحمد آباد
مدخل المعهد الهندي للإدارة فرع أحمد آباد

مع الارتفاع الحاد في الطلب على الإداريين الأكاديميين، تتفاخر الهند بوجود ما يقرب من 4000 كلية لإدارة الأعمال الكبيرة منها والصغيرة. وتعمل معظم كليات إدارة الأعمال الهندية تحت الإشراف والرعاية الحكومية، ولكن عبر العقد الماضي أو نحوه، سلكت بعض من كليات إدارة الأعمال الخاصة طريقها نحو القمة.
يتواجد عمر محمد، وهو من العراق، في العاصمة الهندية دلهي لمعرفة معلومات عن القبول في الفصل الدراسي القادم لعام 2016 في واحدة من كبريات كليات إدارة الأعمال في الهند. وذلك بعد أن ألحق نفسه بأحد المعاهد التدريبية استعدادا لاختبارات القبول.
يقول عمر «تخيرت الهند على الدول الغربية، أو تحديدا أوروبا، بعد هجمات باريس، لأني أعلم أنني سوف أستمتع هنا أيما استمتاع، وكذا لأن لدي ميزة حيث يعمل عمي في القنصلية العراقية في دلهي. لذا بدت الهند بالنسبة لي وكأنها الوجهة المثالية. كما آمل الالتحاق بالمعهد الهندي المرموق للإدارة».
هناك تفاهم مقبول وغير رسمي داخل المعهد الهندي للإدارة باحتساب 10 في المائة من مجموع المقاعد للطلاب الأجانب والنسبة المتبقية هي للطلاب الهنود ولكن لا بد من اجتيازهم الاختبارات المؤهلة للالتحاق بالمعهد.
وتفاخر الهند بتاريخها الممتد عبر ستة عقود من المعاهد التعليمية الإدارية والتجارية، كما أن المعاهد الإدارية الهندية (IIM) هي مجموعة من المعاهد المستقلة المتخصصة في الإدارة والأبحاث تلك التي شكلتها وأشرفت على إنشائها الحكومة الاتحادية الهندية.
وخلص مسح أجري مؤخرا لأفضل الكليات والمعاهد التجارية الهندية لعام 2015 بواسطة مجلة (ذا ويك) بمشاركة مؤسسة هانسا البحثية، إلى أن المعهد الهندي للإدارة فرع أحمد آباد، وهو من أعرق المعاهد الهندية في علوم الإدارة منذ تأسيسه في الستينات، يأتي على رأس القائمة، ويفخر بأن السيد راغورام راجان محافظ بنك الاحتياطي الاتحادي الهندي كان من بين طلاب المعهد.
كما يُظهر المسح أن كافة الطلاب المتخرجين من فرع المعهد في مدينة أحمد آباد قد عثروا على وظائف في غضون ثلاثة شهور من التخرج، وهي نسبة أفضل بكثير من المحققة لدى خريجي كلية هارفارد الأميركية للأعمال إزاء نفس المقياس.
ومن بين 19 معهدا تشملهم المعاهد الهندية للإدارة، لم يُدرج إلا نصفهم فقط على قائمة أفضل 10 كليات للإدارة لهذا العام.
ويعد المعهد الهندي للإدارة فرع بنغالور هو الأغلى بين جميع المعاهد، وهو المسجل بأنه كلية إدارة الأعمال رقم واحد في آسيا الوسطى للعام الرابع على التوالي من جانب مؤسسة «إد» للترتيبات العالمية، كما أنه أحد كليتين فقط لإدارة الأعمال في الهند الذي حصل على أعلى التقديرات.
ويستكمل رضوان فاتح، وهو خريج إدارة الأعمال من الكويت، عامه الأخير من التدريب لدى المعهد الهندي للإدارة فرع بنغالور، والذي يتيح برنامج التبادل الطلابي مع جامعة الكويت إلى جانب الكثير من الجامعات الأوروبية، والأميركية، والألمانية، والأسترالية الأخرى.
ويقول فاتح: «طُلب مني إعداد قائمة بالخيارات المفضلة لدي بالنسبة لبرنامج التبادل الطلابي، وكانت الهند على رأس الأولويات، ليس فقط بسبب المعايير العالية للتعليم هناك، ولكن نظرا لعشقي لسينما بوليوود الهندية كذلك».
* التواصل العالمي:
وصلت ثلاث كليات هندية لإدارة الأعمال إلى قائمة ترتيبات أفضل الكليات لعام 2015 لدى مجلة «فايننشيال تايمز» لترتيبات الكليات المانحة لماجستير إدارة الأعمال (MBA)، وهي المعهد الهندي للإدارة فرع أحمد آباد، والكلية الهندية لإدارة الأعمال، ثم المعهد الهندي للإدارة فرع بنغالور والتي احتلت مكانها ضمن أفضل 100 معهد وكلية على مستوى العالم. وفي الآونة الأخيرة، استضاف المعهد الهندي للإدارة فرع بنغالور عمداء ومديري 28 كلية ومعهدا للإدارة من مختلف دول العالم والتي هي جزء من الشبكة الدولية للإدارة المتقدمة.
ولقد قام السيد سوراف موخيرجي مدير البرامج لدى المعهد الهندي للإدارة فرع بنغالور بتدريس دورة أذيعت إلى الطلاب حول العالم فيما يشبه فصلا دراسيا عالميا كجزء من الشبكة الدولية للإدارة المتقدمة. ويقول الدكتور موخيرجي عن ذلك «لقد كانت تجربة فريدة من نوعها – التدريس للكثير من الطلاب من مختلف الدول عبر مختلف المناطق الزمنية. كانت هناك أم شابة من غواتيمالا كانت تراعي طفلها أثناء حضور تلك الدورة، بينما كان هناك طالب آخر في الصين يتابع ذات الدورة من هاتفه الجوال بينما كان يسافر بالقطار فائق السرعة».
ونُظمت مناهج ماجستير إدارة الأعمال لتتناسب، إلى حد كبير، مع تعزيز القدرات المعرفية. ويخضع الالتحاق بكل كلية أو معهد لإدارة الأعمال لاختبارات القبول المشترك العسيرة، والتي تخضع مهارات وقدرات كل طالب في الرياضيات والعلوم للتدقيق الشديد.
أما عن السر وراء أن المعاهد الإدارية الهندية تتمتع بذلك الإقبال الكبير، فأحد الأسباب بكل تأكيد هو جودة التعليم. فهناك ما لا يقل عن 19 معهدا من المعاهد الإدارية الهندية التي تضم نحو 700 عضو في هيئة التدريس، وأكثر من 50 ألف طالب بالإضافة إلى 1000 فدان من الأراضي والمباني.
يقول الدكتور كيور بوراني مدير التنمية لدى المعهد الهندي للإدارة فرع كاليكوت: «ينبغي اعتبار ذلك من مواطن القوة. حيث لا تتمتع أي كلية أو معهد لإدارة الأعمال على مستوى العالم بمثل تلك الموارد الكبيرة».
كما يعني الأمر أيضا توافر القدرات المالية الكبيرة. ووفقا لتقرير التوظيف بالمعهد الهندي للإدارة فرع أحمد آباد لدفعة عام 2015. فإن أعلى الرواتب المعروضة كان 110.284 دولار. وغني عن القول إن كافة الطلاب في تلك الدفعة قد عثروا بالفعل على الوظائف المناسبة.
ويتمتع طلاب المعاهد الإدارية الهندية كذلك بأفضل الميزات للاضطلاع بقيادة الشركات الجديدة الناشئة. ويقول الدكتور بوراني: «إذا كان لديك الدعم التعليمي المطلوب بحصولك على درجة المعاهد الإدارية الهندية، فلا عليك من التفكير مليا لمواجهة تحدي تأسيس الشركات الناشئة. وحتى إذا لم تسر الأمور على ما يرام، سوف يكون هناك أرباب الأعمال ممن ينتظرونك».
ويمكن لسمعة العلامة التجارية الشهيرة للمعاهد الإدارية الهندية أن تكون أحد الأسباب وراء رغبة الحكومة في تأسيس المزيد من تلك المعاهد. ولكن هناك مخاوف في الوقت الحاضر من التوسعات السريعة غير المدروسة. حيث تم إنشاء 12 من أصل 19 معهدا من المعاهد الإدارية الهندية خلال السنوات الخمس الماضية فقط.. مما يعد قفزة كبيرة، باعتبار أن سبعة معاهد فقط قد تأسست خلال الـ48 عاما الماضية.
* الكليات التجارية الخاصة:
في حين تستمر المعاهد الإدارية الهندية في اجتذاب أفضل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، فإن تفوق المعاهد الإدارية الهندية بين مختلف كليات إدارة الأعمال لم يعد دون منازع، حيث طرقت الكليات والمعاهد الأخرى سبلا مبتكرة لتحقيق التفوق والتميز.
فقد حصل معهد إس بي جين للإدارة والأبحاث في مومباي على مرتبة من بين أفضل عشرة معاهد عالمية على ترتيبات مجلة «فوربس» في قائمة كليات إدارة الأعمال الدولية.
ويقول نيتيش جين، رئيس معهد إس بي جين للإدارة الدولية: «خلال السنوات الخمس الماضية، من تاريخ المعهد البالغ 11 عاما فقط، كنا دائما ما نظهر على قائمة أعلى الترتيبات في مجلة (فوربس)، ومجلة (فايننشيال تايمز) و(نيلسن). مما يعتبر تكريما للأداء المتميز لخريجي المعهد حول العالم. وخلال العام الماضي وحده، كان لدينا أكثر من 100 خريج يعملون في دول مثل أستراليا، وسنغافورة، وماليزيا، وفي الشرق الأوسط».
وتقدم كافة البرامج الجامعية وبرامج الدراسات العليا للطلاب ميزة فريدة للدراسة في المدن ذات المستوى العالمي ويتقلون العلوم على أيدي مجموعة من المدرسين من جامعات كبيرة مثل هارفارد، وأكسفورد، وكمبردج، وديوك.
ومع الاقتصاد الهندي المتوسع، ومعدل النمو السنوي البالغ 7 في المائة، والطبقة المتوسطة القوية ذات 350 مليون مواطن (نحو 11 في المائة من النمو السنوي)، فإن الطلب على العمالة الماهرة، وخصوصا ذات الخلفية التعليمية في الإدارة، قد تضاعف كثيرا عبر السنين. وليس من قبيل المفاجآت أن ذلك المجال من العلوم الأكاديمية كان شاهدا على أن الكثير من القضايا المهمة ذات الصلة بنوعية الطلاب المتقدمين قد ظهرت بشكل كبير. ولقد تضاعف عدد المقاعد المتوفرة للطلاب في الكيات والمعاهد التجارية الهندية أربع مرات في أقل من عشر سنوات.
* الانتساب العالمي:
يكشف المسح الذي أجرته هذا العام مجموعة «إنديا توداي - إم دي أر إيه»، وشمل 269 من أفضل كليات ومعاهد الأعمال في الهند، أن هذا الوقت ربما يكون أفضل الأوقات لكي تكون طالبا لعلوم إدارة الأعمال في الهند، وخصوصا إذا تمكن أحدهم من الالتحاق بإحدى كبريات كليات إدارة الأعمال في البلاد.
وتؤكد الكليات التجارية الهندية هذا العام على تواجدها من خلال اكتمال الحد الأقصى للوظائف المعروضة، بالإضافة إلى زيادة مقدارها 25 في المائة في الرواتب. كما أن هناك الكثير من الشركات العالمية التي تبحث، وبصورة استثنائية، داخل الكليات والمعاهد الهندية عن الطلاب الموهوبين.
والشركات الكبيرة مثل إرنست أند يونغ، وديلويت، وكوكاكولا، وبيبسي، وكي بي إم جي، وشركات أخرى ذات سمعة كبيرة من عالم الأعمال مثل مايكروسوفت، وغوغل، وفيسبوك، وغيرها، تساند أعدادا كبيرة من توظيف خريجي الكليات والمعاهد الهندية.
ووفقا للسجلات، فإن ما يقرب من 219 من طلاب المعهد الهندي للتجارة الخارجية وجدوا وظائف لدى 69 شركة أجنبية مختلفة. وحسب المعهد الذي يتخذ من نيودلهي مقرا له، فإن العروض الوظيفية الدولية قد ارتفعت هذا العام وصولا إلى 13 في المائة مع مبلغ 110.000 دولار في العام، كأعلى راتب مقدم من إحدى الشركات في الولايات المتحدة.
وسجل معهد التنمية الإدارية في غورغاون زيادة مقدارها 5 في المائة في عدد الشركات التي قدمت العروض السابقة على التوظيف. وكانت شركات كوكاكولا، وبيبسي، وجيه بي مورغان، وكولجيت - بالموليف من بين الشركات المذكورة.
ويقول السيد كانوال قابيل، مدير العروض الوظيفية لدى معهد التنمية الإدارية في غورغاون، على نحو ما نُقل عنه في إحدى الصحف المحلية: «شهدنا زيادة بنسبة 15 في المائة في الرواتب مقارنة بالعام الماضي».
ولاحظت كلية «إن إم آي إم إس» لإدارة الأعمال في مومباي أن هناك 170 شركة تتواصل مع الحرم الجامعي لتقديم عروض التوظيف السابقة على التخرج. وقال ديباشيس سانيال، عميد كلية إدارة الأعمال ونائب رئيس مجلس الإدارة، في تصريح صحافي: «كان الأداء فائقا واستثنائيا. لقد تلقينا أكثر من 170 عرضا وظيفيا لما قبل التخرج إثر الأداء المثالي للطلاب خلال فترات التدريب الأخيرة، وسوف يكون العدد المؤكد للوظائف المقبولة نحو 110 وظيفة».
ويمكن للطالب اختيار استكمال الدراسة في ماجستير إدارة الأعمال عبر الإنترنت أو عن طريق إحدى المؤسسات التعليمية العادية، ولكن مصداقية المؤسسة تعتمد على عوامل مثل هيئة التدريس، والمنهج الدراسي، وسجل التوظيف. وتتنافس الشركات في تعيين الموظفين المتخرجين من أفضل كليات الإدارة والأعمال بسبب أن الطلاب الخريجين من تلك المؤسسات المرموقة يأتون وهم مؤهلون بدرجة جيدة على التعامل مع تحديات الحياة الحقيقية.
* دورات الماجستير:
يعتبر ماجستير إدارة الأعمال في مجال التمويل من بين التخصصات الأكثر شهرة حيث إن آفاق النمو في ذلك المجال كبيرة للغاية. وتركز الإدارة المالية على المحاسبة الإدارية والرقابة، ورأس المال، والأسواق المالية، والبنوك، والخصخصة، والتمويل الدولي.
أما إدارة الموارد البشرية، وكما يشير المسمى، فتركز على كل ما يتعلق باختيار الموظفين، والتدريب، وبناء فرق العمل، وتحديثات الأداء، وسياسة الموظفين، والرواتب، والمزايا والعلاوات، وصحة وسلامة الموظفين، إلى جانب وسائل الراحة للموظفين.
وفي العالم المتقدم من الناحية التكنولوجية، لا يمكن لأي عمل من الأعمال الاستمرار من دون دعم قوي من مجال تكنولوجيا المعلومات. وكلما كانت الشركة كبيرة، ازداد الاعتماد على دعم تكنولوجيا المعلومات فيها. وذلك هو السبب وراء وجود ذلك التخصص في ماجستير إدارة الأعمال - ماجستير إدارة الأعمال في تكنولوجيا المعلومات. حيث تحتاج الشركات الآن إلى نوع جديد من مديري سلاسل التوريد واللوجستيات والعمليات، ولقد أدت تلك الحاجة إلى استحداث فرع جديد في ماجستير إدارة الأعمال بعنوان: ماجستير إدارة الأعمال في إدارة سلاسل التوريد أو ماجستير إدارة الأعمال في اللوجستيات والعمليات.
ويساعد ماجستير إدارة الأعمال في المبيعات والتسويق على تحسين المهارات والمعرفة في مجال التسويق، والإعلانات، والعلاقات العامة، وخلافه.
ثم يأتي ماجستير إدارة الأعمال في قطاع التجزئة، حيث تستعد الهند بكامل طاقتها لحركة نمو غير اعتيادي، ومن المقدر لذلك النمو أن تبلغ قيمته 637 مليار دولار في هذا العام 2015.
ويختلف برنامج ماجستير إدارة الأعمال وفقا لعدد السنوات المطلوبة لاستكمال المناهج ووفقا كذلك لنمط التدريس في كل منهج. وتندرج معظم برامج ماجستير إدارة الأعمال تحت نظام العامين الدراسيين بالدوام الكامل. كما توفر المعاهد الإدارية الهندية وغيرها من الكليات التجارية الخاصة دبلومة الدراسات العليا في الإدارة، أو برنامج الدراسات العليا في الإدارة والذي يعادل درجة ماجستير إدارة الأعمال في الهند.
وماجستير إدارة الأعمال الموجز هو نسخة مكثفة من تلك الدرجة، ويتضمن دروسا مكثفة ومحكمة للمناهج. ويعتبر ماجستير إدارة الأعمال بالدوام الجزئي هو أفضل الخيارات للموظفين العاملين، حيث تعقد الدورات في نهاية الأسبوع فقط أو خلال أيام العمل الأسبوعية بعد ساعات العمل اليومية. ولذلك يمتد ماجستير إدارة الأعمال بالدوام الجزئي إلى 3 سنوات أو ربما أكثر.
أما ماجستير إدارة الأعمال التنفيذي، فهو برنامج مصمم خصيصا للمديرين والمديرين التنفيذيين من ذوي سنوات الخبرة الكثيرة في العمل.
كما يُقدم ماجستير إدارة الأعمال بالتعليم عن بُعد من خلال دورات الدراسة بالمراسلة عن طريق البريد العادي أو الإلكتروني، أو البث المرئي غير التبادلي، أو دروس الفيديو سابقة التسجيل، أو الدورات بواسطة الفيديو كونفرانس، أو دورات الكومبيوتر على الإنترنت أو من دونها. ويُعرف عن جامعات مثل إيغنو، وأنامالاي، وسيمبيوسيس، وغيرها خبراتها الجيدة في برامج التعليم عن بُعد.
وهناك برنامج ماجستير إدارة الأعمال المزدوج الذي يتم الجمع فيه بين درجة ماجستير إدارة الأعمال ودرجات أخرى مثل ماجستير العلوم أو غيرها. وهو برنامج مفيد من الناحية الاقتصادية بالنسبة للطلاب، ويساعد في تنظيم برامجهم الدراسية وفقا لاحتياجاتهم.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.