امتعاض فرنسي لدور إيران السلبي لإخراج لبنان من أزمة الفراغ الرئاسي

مصادر فرنسية لـ(«الشرق الأوسط») : الرياض لعبت دورًا محوريًا.. وطهران لم تنفذ العهود

صورة تعود الى نوفمبر الماضي لمتظاهرين لبنانيين يحمل احدهم الدستور اللبناني في بيروت (إ.ب.أ)
صورة تعود الى نوفمبر الماضي لمتظاهرين لبنانيين يحمل احدهم الدستور اللبناني في بيروت (إ.ب.أ)
TT

امتعاض فرنسي لدور إيران السلبي لإخراج لبنان من أزمة الفراغ الرئاسي

صورة تعود الى نوفمبر الماضي لمتظاهرين لبنانيين يحمل احدهم الدستور اللبناني في بيروت (إ.ب.أ)
صورة تعود الى نوفمبر الماضي لمتظاهرين لبنانيين يحمل احدهم الدستور اللبناني في بيروت (إ.ب.أ)

لم تُخف باريس امتعاضها من الدور الإيراني في عملية انتخاب رئيس في لبنان، وهي ترى أن كرة الانتخابات الرئاسية في لبنان «موجودة في الملعب الإيراني» وأن القادة الإيرانيين الذين وعدوا الغرب بالتوصل إلى اتفاق دولي حول البرنامج النووي لطهران بلعب دور «المسهل» من أجل المساعدة على إطفاء أزمات وحروب الشرق الأوسط «لا يلعبون اللعبة» وأن الغرب «ما زال ينتظر».
وقالت مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن السعودية عندما أعطت الضوء الأخضر لتوجه رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري اقتراح النائب سليمان فرنجية لمنصب رئاسة الجمهورية رغم الصداقة الشخصية التي تربط بينه وبين الرئيس السوري بشار الأسد وانتمائه إلى معسكر 8 آذار، فإنها «قامت ببادرة مهمة وقطعت نصف الطريق باتجاه إيجاد حل للفراغ الدستوري في لبنان». وتضيف هذه المصادر أن إيران «لم تقابلها بالمثل من أجل أن تلاقيها في منتصف الطريق» ما يعني برأي المصادر الفرنسية أن طهران «غير معنية اليوم» بوضع حد للأزمة المؤسساتية في لبنان، ولو كانت كذلك «لطلبت من حزب الله أن يزكي المبادرة وأن يدعم ترشيح فرنجية وأن يقنع حليفه العماد ميشال عون بذلك». وتفيد هذه المصادر بأن باريس على تواصل عبر القنوات الدبلوماسية مع طهران. ولما سئلت عن هذا الملف، كان رد طهران أن «الجواب عند حزب الله».
وتبدي المصادر الفرنسية «أسفها» لكون إيران بعيدة كل البعد عن «تسهيل» الحلول في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا في سوريا ولبنان. وكانت باريس التي تعول بشكل كبير على تطبيع علاقاتها السياسية والاقتصادية والتجارية مع إيران على زيارة الرئيس حسن روحاني إلى باريس منتصف الشهر الماضي لتطرح معه في العمق المسألة اللبنانية التي دأبت منذ ما قبل مايو (أيار) عام 2014 على التشاور معها بشأنها وهو العمل الذي قام به مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والسفير الحالي في المغرب جان فرنسوا جيرو.
لكن الزيارة أجلت بسبب العمليات الإرهابية التي ضربت باريس في الفترة نفسها. وأفادت المصادر الفرنسية بأن باريس عاودت الاتصال مع طهران لتحديد موعد جديد، علما أن الطرف الإيراني يرغب بأن يتمكن روحاني من أن يزور بالمناسبة عينها إيطاليا والفاتيكان. وحتى الآن لم تتوصل باريس وطهران لتحديد تاريخ بل هناك مقترحات بأن تتم الزيارة إما منتصف يناير (كانون الثاني) أو في شهر أبريل (نيسان)، أي بعد انتهاء الانتخابات التشريعية الإيرانية.
وتقول باريس إن موقفها من الاستحقاق الرئاسي في لبنان «ثابت» وما يهمها هو «توافق اللبنانيين» علما أن مصادرها تؤكد في كل مناسبة أن «لا مرشح لديها ولا فيتو لديها على أحد» لا بل إنها ذهبت إلى حد القول إنه «لا خطوط حمراء لديها» بمعنى انفتاحها على الجميع بمن في ذلك زعيم حزب المردة. أما بشأن الاتصال الذي قام به الرئيس فرنسوا هولاند عقب استقباله الحريري الأسبوع الماضي في قصر الإليزيه، فهو يظهر، وفق باريس، أن «همها الوحيد هو أن يملأ الفراغ الرئاسي بسبب المخاوف التي تنتاب العاصمة الفرنسية من استفحال انعكاساته على الوضع اللبناني سياسيا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا».
وفهم في باريس أن الاتصال الذي دام نحو ربع ساعة، جاء بناء على «تمنٍ» من الحريري وقد استفاد منه فرنجية ليؤكد «تمسكه باستقلال لبنان»، وهي العبارة التي كررها عدة مرات.
وتدعو باريس الطرف المسيحي، رغم تيقنها لأهمية الدور الخارجي وتحديدا الدور الإيراني في هذه المرحلة إلى تحقيق التفاهم فيما بينهم وهي تشيد بالتطور الذي حصل بين الحريري وفرنجية. لكنها تعي، وفق ما قالته مصادرها، «الصعوبات» التي يمكن أن تعوق نجاح المبادرة الحريرية والحاجة إلى «سلة متكاملة» من الحلول للقضايا المعقدة «لأنه لا يمكن السير بالملف الرئاسي وحده دون النظر إلى ملف قانون الانتخابات والحاجة لأن تجد كل الأطراف مصلحة في الحلول المطروحة».
أما بالنسبة للموقف الأميركي، فترى باريس أن الملف اللبناني «ليس من أولويات السياسة الأميركية في المرحلة الراهنة حيث كل اهتمام واشنطن منصب على محاربة (داعش)». ومن الزاوية الفرنسية، يفهم أن واشنطن «رغم كونها غير سعيدة بطرح اسم النائب فرنجية، فإنها يمكن أن تترك الأمور لتصل إلى خواتيمها من باب الرغبة في سد الفراغ في المؤسسات وتحصين لبنان».
في أي حال، تبدو العقدة المفصلية في الرؤية الفرنسية موجودة في الحضن الإيراني التي تدعوها باريس مجددا لأن تقوم بدور العامل «المسهل» أكان في لبنان أو في سوريا فضلا عن اليمن والأزمات الأخرى.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.