أجمع المدربون السعوديون أن النظرة القاصرة والثقة المهزوزة بالمدرب الوطني من قبل الشارع الرياضي ساهمت في ترك فجوة كبيرة في إيجاد فرصة العمل بالأندية السعودية بمختلف درجاتها حتى أصبحت الشهادات التي يمتلكها أغلب المدربين السعوديين أشبه ببراوز تعلق على جدران المنزل كذكرى فقط.
ويرى البعض أن اتحاد الكرة السعودي يتحمل المسؤولية الكاملة بعدم وجود آلية وأنظمة تجاه عقود المدربين الأجانب الذين يجدون الفرصة في التدريب والانتقال من ناد إلى ناد مما أثر على فرصة المدرب السعودي بالعمل من خلال تجاهل الأندية التي تفضل المدرب الأجنبي رغم أنه لا يحمل الشهادة التدريبية المتخصصة في كرة القدم.
في حين يرى البعض أن الملتقى الأول للمدربين السعوديين لم يحقق الفائدة التي أقيم من أجلها حيث لم نستفد من ورش العمل والفائدة التي حققناها من الملتقى هي أننا التقينا بمدربين لم نرهم من وقت بعيد مثل ناصر الجوهر وعبد اللطيف الحسيني ويوسف خميس.
وبحثت «الشرق الأوسط» في أسباب غياب مدرب سعودي واحد في دوري المحترفين السعودي أو دوري الدرجة الأولى البالغ عددها نحو 30 ناديا في ظل وجود أكثر من 300 مدرب سعودي يملك الخبرة والشهادات التدريبية بجميع فئاتها.
من ناحيته، أكد مساعد مدرب نادي نجران الوطني فيصل سيف أنه تفاجأ عندما دخل سلك التدريب وبالتحديد قبل 4 سنوات عندما علم بوجود أكثر من 300 مدرب سعودي يملكون الخبرة والشهادات التدريبية في جميع فئاتها وتخولهم التدريب حتى في اليابان ولكن للأسف ليس لهم وجود أو أي أهمية بالشكل الذي يضاهي خبرتهم وجهدهم وصرفهم على الدورات من حسابهم الشخصي فهنا يمكن القول قمة التناقض فلا يوجد ما يهيئ لهم العمل «وأحسست أن شهاداتهم هي مجرد اسم شهادة ويتم تعليقها على جدران المنزل والآن زاد الرقم وأصبح أكثر من 300 مدرب سعودي لا يجدون الفرصة حالهم حال المدربين الأجانب».
وتابع سيف قائلا: أقصد هنا المدربين العرب الذين يأتون ويجدون فرصة العمل بنسبة كبيرة واستبشرت خيرا عندما دخلت شركة ركاء ورعايتها لدوري ركاء حيث دعمت المدرب الوطني من خلال تكفلها برواتبه على حسب الشهادة التي يمتلكها المدرب ولكن تفاجأنا كمدربين انسحابها من رعاية دوري الدرجة الأولى مما صعب الأمور على المدرب الوطني وكان هو الضحية من هذا الانسحاب.
وشدد سيف على أن الملتقى الأول للمدربين الوطنيين لم يحقق أي فائدة مرجوة فالورشة التي أقيمت هي مجرد التحدث عن الأمور اللياقية وفلسفة المدربين في العالم وهذه الأشياء نعرفها وتعايشنا معها كلاعبين وكمدربين والحقيقة خرجت بفائدة وحيدة وهي أنني التقيت مع مدربين لم ألتق بهم من فترة أمثال ناصر الجوهر وعبد اللطيف الحسيني ويوسف خميس وغير ذلك لا فائدة تذكر.
وتابع بقوله: «أستغرب التعاقد مع مدربين أجانب من الجنسية العربية وهم لا يحملون الشهادة التدريبية المتخصصة في كرة القدم فتجد أنه حامل شهادة التربية البدنية بمعنى أنه شامل لجميع الألعاب كرة الطائرة وكرة السلة وكرة اليد ويأتي للسعودية للإشراف على تدريب فريق كرة القدم في حين المدرب السعودي يملك شهادة تدريبية في كرة القدم ولا يجد فرصة العمل ولا أحد ينظر له بعين الاعتبار وأنا هنا أحمل اتحاد الكرة المسؤولية في هذا الشأن فهو من يدير المنظومة الرياضية ويفترض أن يتحرك ويقف مع المدرب السعودي وسبق أن أعلن اتحاد الكرة أن 50 في المائة من المدربين السعوديين يجب أن يعملوا تحت مظلة الفئات السنية ورغم أن أغلب الإنجازات التي تحققت للفئات السنية هي من صناعة سعودية ولكن تم تجاهلها فالأمور للأسف تغيرت وأصبح القرار في مهب الريح وأصبح المدرب الأجنبي هو الأكثر تواجدا وأنا هنا لا ألوم الشارع الرياضي حيث تعودوا على المدرب الأجنبي ولا يهمهم نجح أو لم ينجح فهو أفضل من المدرب السعودي في جميع الأحوال وبالتالي لا بد من منح الثقة للمدرب الوطني وتتركه يعمل ومن ثم تحكم على عمله وكما هو معروف أن 14 مدربا يشرفون على تدريب أندية الدوري السعودي وبالنهاية مدرب واحد هو من سيكسب اللقب وللأمانة نحن لا نفكر بالمادة مثل المدرب الأجنبي فالأهم هو التفكير بفرصة العمل فنحن تعبنا على أنفسنا وبحثنا وسافرنا وصرفنا وخسرنا المال وفي النهاية لا نجد من يقف معنا ونضع الشهادة كبرواز في المنزل وينظرون للمدرب الأجنبي بأنه قوي الشخصية ويجب أن يعرف الجميع أن قوة الشخصية ليس بالصوت العالي وأن الذي يتعرض للطرد وأنا هنا ليس مجرد هو نشر الغسيل بل عتب على اتحاد الكرة وأقول لأحمد عيد أنت ابن الملعب وعليك أن تثق بالمدرب الوطني كما أعتب على مسؤولي الأندية وأقولهم «ارحمونا» وجددوا الثقة بالمدرب السعودي فالإنجازات التي تحققت للفئات السنية جاءت بجهد وعمل المدرب الوطني.
من جانبه، أكد جبريل العميري مساعد مدرب المنتخب السعودي للناشئين أن نظرة الشارع الرياضي تجاه المدرب الوطني دائما ما تكون قاصرة ولا يعامل مثل المدرب الأجنبي في الرواتب والمزايا والشهرة ولو تم مقارنة بينهما نجد أن المدرب الوطني لا يحصل على 10 في المائة من راتب المدرب الأجنبي رغم أن هناك كفاءات وطنية تحمل الإمكانيات والخبرة حتى أن المدرب لا يحظى بقبول من أندية الدوري السعودي للمحترفين ولا يمكن في نفس الوقت أن تفرض على إدارات هذه الأندية وأنا على ثقة كبيرة لو منح المدرب السعودي الفرصة سيحقق النجاح.
واعترف العميري بوجود الكثير من العوائق والمشاكل التي تواجه المدرب السعودي ولعل أكبر العوائق هو عدم تفرغ أغلب المدربين الوطنيين وهذا يشكل مشكلة بالنسبة لنا كمدربين في تطوير أنفسنا والمشاركة في المؤتمرات والدورات والمنافسات خصوصا أن المدرب مرتبط بعمل آخر والأهم من ذلك لا توجد رابطة تهتم بالمدرب الوطني ما يخص التعاقدات وحفظ حقوقهم حتى يستطيع المدرب العمل وفق آلية وأنظمة محددة.
وقال: «إذا أردنا تطوير عمل المدرب السعودي يجب أن يخوض تجربة التنقل بين الأندية بحيث يعمل في ناد ومن ثم ينتقل إلى ناد آخر وهذا يتطلب انتقاله من مدينة إلى مدينة أخرى ومثل هذه الأمور من الصعب جدا أن تتهيأ للمدرب كونها مرتبطة بالنقطة الأولى التي ذكرتها وهي أن المدرب مرتبط بعمل وطالما أنه مرتبط بوظيفة رسمية لا يمكن له التحرك من مدينة إلى أخرى وإذا أردنا تطوير المدرب الوطني لا بد أن يكون هناك مسمى وظيفة مدرب كرة القدم يستطيع ممارسة عمله بكل يسر وسهولة ويكون له راتب محدد ولو رأينا في قطر نجد أن المدرب لديهم يتم تفريغه كمدرب وطني ومثلا أنا كمعلم لا يمنع أن يتم نقل وظيفتي إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب بمسمى مدرب وبنفس الراتب والمزايا الموجودة في سلم رواتب المعلمين حتى أستطيع التفرغ إلى التدريب بشكل يومي.
وأشاد العميري بالدعم الكبير الذي يقدمه الاتحاد السعودي لكرة القدم من خلال وضع لجنة المدربين الوطنيين التي يترأسها سابقا المدرب محمد الخراشي حيث كان له دور كبير في إقامة الكثير من الدورات والمحاضرات التي استفدنا منها بشكل كبير في تطويرنا وهناك الكثير من المدربين الوطنيين الذين يحتاجون فقط الفرصة لمواصلة مسيرتهم في عالم التدريب.
وفي المقابل شدد منصور القاسم مدرب حراس المنتخب السعودي للناشئين على أن ثقة الأندية والشارع الرياضي مهزوزة ولا يمكن أن تتقبل تواجد المدرب الوطني بدليل عدم وجود أي مدرب على مستوى الفريق الأول في أندية الدوري السعودي للمحترفين.
وتابع بقوله: لدينا نخبة من المدربين الوطنيين الذين سجلوا حضورا مميزا ولا أحد ينسى ما قدمه خليل الزياني وناصر الجوهر ومحمد الخراشي خلال إشرافهم على تدريب المنتخب الأول أضف إلى ذلك استطاع المدرب الوطني على مستوى البطولات العربية والخليجية تحقيق النجاحات وبالتالي يفترض أن يمنح الفرصة مثلا كمساعد مدرب للفريق الأول في أندية الدوري السعودي للمحترفين حيث لا يوجد أي اهتمام ودائما ينظرون إلى سجله كلاعب وكذلك سجله التدريبي.
وفي ذات الشأن، شدد مساعد مدرب فريق الاتفاق للشباب يوسف الغدير على أن معاناة المدرب السعودي لا تزال قائمة ولا توجد حلول للمشاكل التي تواجهه والجميع يدرك ويعرف هذه المعاناة سواء كان اتحاد الكرة أو الإعلام أو مسؤولو الأندية فالثقة معدومة وعلى اتحاد الكرة أن يبحث عن الحلول ولو رجعنا للوراء وبالتحديد في دوري ركاء نجد أن الدعم الذي قدمه الراعي في هذه المسابقة من خلال تبنيه دفع رواتب المدربين السعوديين مع أي ناد يتعاقد معه وهذا بلا شك يعتبر حافزا لأي مدرب، ولكن بعد ابتعاد الراعي تغيرت الأمور وللأسف عادت المعاناة للمدرب السعودي.
وتمنى الغدير من اتحاد الكرة أن يفرض على أندية الدوري السعودي للمحترفين وأندية الدرجة الأولى بالتعاقد مع المدربين السعوديين كمساعدين َ في الفريق الأول من خلال تشكيل لجنة فنية ووفق آلية معينة ويساهم بنسبة 50 في المائة من الراتب من أجل تحفيزهم فالمدرب بحاجة إلى العمل والتعايش مع المدربين المحترفين للاستفادة من خبراتهم وإمكانياتهم.
من جهته، بدا المدرب السعودي حسن خليفة محبطا من حال زملائه المدربين في البلاد موضحا أن الفرص معدومة في الدوري السعودي ودوري الدرجة الأولى وأنه لا مجال لمنح الفرص أمامهم في ظل أنهم لا يثقون أبدا بالمدرب الوطني.
وطالب خليفة بضرورة إنشاء رابطة للمدربين السعوديين وذلك لتساهم في الارتقاء بمستوى المدرب الوطني وحتى ينال حقه المالي والمعنوي.
وأضاف: «يعلم الله أن المدرب السعودي يعاني كثيرا بسبب هؤلاء المدربين الأجانب ولو قارنا في المميزات المالية ما بين المدرب الوطني والمدرب الأجنبي نجد أن الأخير يتفوق بنسبة كبيرة وهذا دليل على أن المجتمع الرياضي ينظر نظرة قاصرة تجاه المدرب الوطني ولو نظرنا إلى النتائج التي تحققت للفئات السنية في الآونة الأخيرة فجميعها بصناعة سعودية.
إلى ذلك، ذهب المدرب السعودي سمير هلال إلى أن المشاكل والمعاناة التي تواجه المدرب الوطني كثيرة ولعل أبرزها غياب رابطة المدربين السعوديين التي تضمن حقوقهم المادية.
وأبدى هلال سعادته بالملتقى الأول الذي أقيم للمدربين السعوديين الذي أقامه اتحاد الكرة بالتعاون مع اللجنة الفنية في الاتحاد السعودي التي يعمل بها كل من يوسف عنبر ويوسف خميس وعبد اللطيف الحسيني فهناك عمل جيد ولديهم أفكار جيدة ويتواصلون مع المدربين وهو كبداية يعتبر خطوة إيجابية ونتمنى أن يحقق الفائدة ويجد المدرب الوطني فرصته خلال المرحلة المقبلة ونحن لا نستطيع فرض العمل على الأندية كما هو حاصل في جميع أندية العالم.
وأتمنى أن تصل الرسالة إلى جميع الرياضيين فالمدرب الوطني بحاجة إلى وقفتكم ودعمكم ويستطيع أن يقدم كل ما لديه من الإمكانيات والخبرة التي اكتسبها كلاعب وكمدرب شارك في الكثير من الدورات التدريبية.
لماذا يغيب المدرب السعودي عن «أندية دوري المحترفين» ؟
أكثر من 300 مدرب وطني فشلوا في إثبات جدارتهم في تدريب 30 ناديًا
لماذا يغيب المدرب السعودي عن «أندية دوري المحترفين» ؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة