موسكو تعود لمناقشة موضوع سير عملية الانتقال السياسي في سوريا

مصادر دبلوماسية روسية: لا حديث في «إعلان جنيف 1» عن رحيل الأسد

موسكو تعود لمناقشة موضوع سير عملية الانتقال السياسي في سوريا
TT

موسكو تعود لمناقشة موضوع سير عملية الانتقال السياسي في سوريا

موسكو تعود لمناقشة موضوع سير عملية الانتقال السياسي في سوريا

بعد فترة توقف للمشاورات الروسية الأميركية الأممية حول سوريا، التي توقفت منذ بداية الأزمة الأوكرانية، عادت موسكو إلى هذا الإطار لمناقشة موضوع سير عملية الانتقال السياسي في سوريا، بوفد ترأسه نيكولاي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسية مع آن باترسون مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، وممثل الأمم المتحدة المبعوث الخاص لأمينها العام ستيفان دي ميستورا.
وتقول المصادر الروسية إن هذه المشاورات مدعوة لإعلان الموقف من اجتماعات الرياض وما تمخضت عنه من تصورات وقرارات حول الموقف الراهن وشروط استئناف المباحثات بين وفدي الحكومة والمعارضة، إلى جانب القضية المعقدة الأخرى والمتعلقة بالاتفاق على إعداد قائمتين للمعارضة والتنظيمات الإرهابية. وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أعلنت أن هاتين القائمتين من العناصر الأساسية التي «لا يمكن المضي قدما دون إعدادها»، فيما أشارت إلى أن «هذه مسألة مهمة بالنسبة لنا، ونأمل في أن تبذل جميع الأطراف الجهود المطلوبة من أجل وضع هاتين القائمتين»، مشيرة إلى وجود خلافات بين دول التحالف الدولي بقيادة واشنطن بشأن التفريق بين جماعات المعارضة والمنظمات الإرهابية.
ومن اللافت أن موسكو سبق وأبدت ملاحظاتها على اجتماعات الرياض في معرض تصريحات نقلتها وكالة أنباء «تاس» عن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية حول أن «السعودية، كما يبدو، دعت للمشاورات ممثلي الجماعات (القريبة منها) فقط».
وتعليقا على البيان السياسي الصادر عن اجتماعات الرياض، وما تضمنه من التركيز على المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد، قبل بدء المرحلة الانتقالية، وما قيل حول رفض الوجود الأجنبي والميليشيات والقوات الأجنبية في سوريا، وطلب خروجها قبل أي حل سياسي، قالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» بضرورة التريث في إصدار مثل هذه الأحكام، والتركيز على مساحات الاتفاق من أجل سرعة استئناف المباحثات بين المعارضة والحكومة السورية، فيما أشارت إلى بعض القصور الذي شاب اجتماعات الرياض ومنه إغفال دعوة عدد من فصائل المعارضة السورية.
وأكدت المصادر الروسية في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» أن موسكو لا تزال عند موقفها مما سبق وأعلنته من ثوابت، ومنها ما يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت إن إعلان الرياض ينص على الارتكاز على بيان «جنيف1» الصادر في 30 يونيو (حزيران) 2012. وهو ما أضافت إليه مجموعة دعم سوريا في اجتماعاتها الأخيرة في العاصمة النمساوية «إعلان فيينا»، وكلاهما لا ينص على أي إشارة إلى رحيل الأسد. وأعادت إلى الأذهان ما سبق وأعلنته موسكو الرسمية وفي أكثر من مناسبة، عن موقفها من هذه المسألة. وقالت إن الرئيس فلاديمير بوتين ولافروف وزير الخارجية سبق وأكدا أن مصير الأسد رهن إرادة الشعب السوري.
على أن هذه المسألة، وحسبما يتوقع المراقبون في موسكو يمكن أن تكون في صدارة مباحثات جون كيري وزير الخارجية الأميركي، الذي من المنتظر أن يصل إلى موسكو مع بداية الأسبوع المقبل. وكان الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال باحتمالات لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب مباحثاته المقررة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
وكانت مصادر الكرملين كشفت أمس عن «تقارب مواقف مختلف الدول بشأن التفريق بين المعارضة والإرهابيين في سوريا»، وإن أشارت إلى أن الخلافات بهذا الشأن ما زالت قائمة. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية للصحافيين، أمس الجمعة «إنه يجري الآن تركيز الجهود على إعداد قائمتين - إحداهما للمنظمات التي يجب اعتبارها إرهابية والثانية لتلك التي يجب اعتبارها معارضة معتدلة، يمكن ويجب أن تشارك في التسوية السياسية». ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن بيسكوف تصريحه حول أن «العمل لم ينته بعد»، مضيفا: «توجد خلافات معينة بين بعض الدول»، وأنه «يجري حاليا تقريب المواقف». وفي معرض رده على سؤال حول إمكانية موافقة موسكو على طلب المعارضة بشأن رحيل الأسد في بداية المرحلة الانتقالية للتسوية السياسية قال بيسكوف: «إن مصير الرئيس بشار الأسد قضية يجب أن يبحثها السوريون بأنفسهم وليس روسيا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.