دخل «اتفاق الرياض» بين أطياف المعارضة السورية والفصائل المسلحة في مسار الحل السياسي، وبدأت «الهيئة العليا التفاوضية» التي تشكّلت في ختام المؤتمر، اجتماعاتها يوم أمس، بهدف تنظيم أمورها ووضع خطة عملها في المرحلة المقبلة، استعدادا لخوض المفاوضات مع النظام، استنادا إلى «بيان جنيف» الصادر في يونيو (حزيران) عام 2012، والمتوقع عقدها في بداية العام المقبل.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم أمس: «لا تزال هناك بعض المسائل التي تحتاج إلى حل، بغية التوصل إلى اتفاق بين جماعات المعارضة السورية بشأن الانضمام لمحادثات السلام السورية، لكنه أشار إلى أنه واثق من أنها قابلة للحل». وقال كيري للصحافيين على هامش محادثات المناخ في باريس: «هناك بعض المسائل ومن الواضح وفقا لتقييمنا أن هناك بعض العقد التي تحتاج إلى حل. وأنا واثق أنّها ستحل».
وقال الناطق باسم الهيئة التفاوضية، سفير الائتلاف الوطني لدى فرنسا، منذر ماخوس: «عقدت الهيئة يوم أمس الاجتماع الأول لها وتم خلاله تعيين 3 ناطقين باسمها، هم إلى جانب ماخوس، رياض نعسان آغا (من المستقلين) وسالم المسلط (عضو الائتلاف)». وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن مهمة الهيئة في المرحلة المقبلة لن تكون سهلة، وسيتم العمل على وضع نظام داخلي لها وتعيين لجان وتحديد مهامها، بحيث تشكّل مؤسسة جديدة تمثل المعارضة بكل ما للكلمة من معنى، موضحا أنّ «الاجتماعات ستبقى مفتوحة وحدّد يوم الخميس المقبل موعدا لتعيين رئيس أو منسّق أو أمين عام للهيئة، بحسب ما تتوصل إليه النقاشات بين الأعضاء، إضافة كذلك إلى فرز المجموعة التي ستتولى مهمة التفاوض مع ممثلي النظام، إلى جانب عدد من المستشارين الذي يفترض أن يتم استقطابهم من الكفاءات العالية، والذين قد يكونون من خارج المنتمين إلى المعارضة». وفيما أشار إلى أنّ الهيئة بانتظار تحديد عدد المفاوضين المطلوب اختيارهم من أعضائها من قبل فريق عمل المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أشار إلى أن أحد أعضاء فريقه كان قد قال إنهم سيكونون نحو 15 شخصا.
ورأى ماخوس، أن ما حققته المعارضة في مؤتمر الرياض بدعم من السعودية التي اكتفت بالدعم اللوجستي وحرصت على إبقاء الحوار سوريًا - سوريًا، هو اختراق حقيقي، مضيفا: «ما تم إنجازه للمرة الأولى في تاريخ المعارضة السورية بجمع معظم أطياف المعارضة، ولا سيما العسكرية منها التي تشكّل العمود الفقري في أي حلّ قد يتم التوصل إليه، لا سيما في ظل الاختلافات العقائدية لدى بعضها، ترك شعورا تفاؤليا لدى الجميع».
وفيما أكّد ماخوس، أن المعارضة توافقت على العمل للوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية موحدة وتعددية، لم ينف الصعاب التي قد تواجهه في ظل غياب الأكراد، ولا سيما «حزب الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات حماية الشعب الكردية، التي تسيطر على أجزاء من سوريا، عن مؤتمر الرياض»، وقال: «تذليل هذه العقبات التي تحتاج إلى بعض الوقت سيكون رهنا بالتطورات اللاحقة وموقف حزب الاتحاد والوحدات من النظام السوري، كما أن نجاح عملية التفاوض من شأنه تسهيل هذه المهمة»، مضيفا: «في النهاية ليس لدينا إلا خيار التواصل معهم».
ويشترط الاتفاق الذي تم التوصل إليه إثر مؤتمر ليومين شاركت فيه قرابة مائة شخصية سياسية وممثلة لفصائل عسكرية، رحيل الرئيس بشار الأسد مع «بدء المرحلة الانتقالية». رغم ذلك، يرى مشاركون في المؤتمر ومحللون أنه شهد تقديم تنازلات لافتة من الفصائل.
من جهته، يعتبر لؤي حسين، رئيس «تيار بناء الدولة»، وهو جزء من معارضة الداخل، أن بيان الرياض هو «بداية العملية السياسية التي تم الاتفاق عليها في فيينا».
ويضيف أن الفصائل «قبلت أن تدخل في عملية سياسية»، لكن «دخول المفاوضات مثل دخول الحرب، تعرف أن تبدأها لكن قد لا تنهيها كما تشاء».
وقبل وقت قصير من إعلان الرياض، أعلنت حركة «أحرار الشام»، إحدى أبرز الفصائل المقاتلة في مناطق مختلفة من سوريا، انسحابها من المؤتمر. إلا أن مصادر عدة في الرياض أكدت أن الحركة وقعت البيان الختامي الذي شمل تشكيل «هيئة عليا» للتفاوض مع النظام خصص نحو ثلث أعضائها الـ33 للفصائل المسلحة.
وأتى اتفاق المعارضة السورية عشية لقاء يعقد في جنيف بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة، وقبل أيام من اجتماع لمجموعة فيينا في نيويورك في 18 ديسمبر (كانون الأول).
ويقول الأستاذ المحاضر في جامعة إدنبره توما بييريه إن «بيان الرياض لا يزال يريد أن يرحل الأسد، وهذا طبعا غير مقبول بالنسبة للنظام».
اجتماعات مكثفة لـ«الهيئة العليا التفاوضية» في الرياض استعدادًا للمفاوضات مع النظام
عينت يوم أمس ناطقين باسمها.. وتعمل على النظام الداخلي واختيار اللجنة المفاوضة
اجتماعات مكثفة لـ«الهيئة العليا التفاوضية» في الرياض استعدادًا للمفاوضات مع النظام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة