مؤتمر يحمل الحكومة العراقية مسؤولية لإنهاء معاناة السكان من «داعش»

انتقادات لعدم حضور العبادي

مؤتمر يحمل الحكومة العراقية مسؤولية لإنهاء معاناة السكان من «داعش»
TT

مؤتمر يحمل الحكومة العراقية مسؤولية لإنهاء معاناة السكان من «داعش»

مؤتمر يحمل الحكومة العراقية مسؤولية لإنهاء معاناة السكان من «داعش»

أقيم في العراق أمس أول مؤتمر موحد للعرب السنة، من خلال ممثلي المحافظات الغربية الست ذات الأغلبية السنية من وزراء وأعضاء برلمان ومحافظين ومجالس محافظات. وشدد المؤتمر على أهمية إنهاء معاناة السكان في تلك المحافظات من خلال تحرير محافظاتهم من تنظيم داعش، وإعادة النازحين إلى سكناهم في المناطق التي تم تحريرها من تنظيم داعش.
ودعا رئيس البرلمان سليم الجبوري في كلمة مطولة ألقاها في المؤتمر إلى أهمية وجود «استراتيجية سياسية جنبا إلى جنب مع الإجراءات العسكرية لمواجهة الإرهاب»، مبينا أن «هناك مشكلات تواجه وجود الدولة في العراق، لذا فإننا نرى أن هناك خندقين، الأول يسعى لبناء الدولة ودعم العملية السياسية. والخندق الثاني يسعى لهدم الدولة أو استغلال أدواتها لصالح الغرض الخاص به».
وبشأن أبناء المناطق السنية في المحافظات الست، قال الجبوري: «كان لرجال هذه المناطق في المحافظات الست موقف بطولي إلى جانب إخوانهم من القوات الأمنية والحشد الشعبي والبيشمركة، وارتفعت هوسات الوسط والجنوب والشمال وأبناء الغربية وتعاضدت سواعدهم في مواجهة الإرهاب، وكانت النتيجة طرد الإرهاب من كل مناطق صلاح الدين وديالى وثبات مناطق من الأنبار وكل تلك الانتصارات لم تكن لتحدث لولا التكاتف بين العراقيين».
ودعا إلى «تشكيل لجنة سياسية عشائرية دينية مشتركة من جميع الأطراف والتفاهم على ميثاق سلم مشترك بدعم من الحكومة ومشاركة الأمم المتحدة بهدف إنهاء المشكلات بين الأطراف المختلفة تلك التي تسببت بها العمليات الإرهابية».
وأشار إلى أن «الأوان آن لتشهد بغداد لقاءات التحاور والتشاور بشأن وضعها الداخلي، وهذا ما أكدنا عليه سابقا ونؤكد عليه اليوم من خلال لقائنا التشاوري، الذي ينبثق من قلب المعاناة والمأساة ويتلمس الوضع الداخلي على حقيقته بعيدا عن المزايدات الإعلامية والخضوع للأجندات الخارجية التي يمليها هذا الطرف أو ذاك تبعا لمصلحته أو هدفه». وعد الجبوري عقد مثل هذا المؤتمر في بغداد بمثابة «رسم خريطة طريق ورؤية واضحة لهذه المحافظات تأخذ على عاتقها تثبيت وسائل وأساليب الحلول وتشكيل اللجان المختصة لمتابعة مقررات هذا اللقاء التاريخي الذي ينعقد لأول مرة في بغداد، ويحدد بوضوح وحدة المواقف لهذه المحافظات التي يجمعها رابط مهم، وهو تعرض أهلها لتهديد الإرهاب واحتلاله، مع أن العراق بأجمعه لم يكن ببعيد عن هذا الخطر لا في حال التهديد ولا في حالة المواجهة».
كما دعا الجبوري إلى «إعادة تفعيل وثيقة الاتفاق السياسي بكل ما تضمنته من بنود وتفاصيل ومنح الحكومة وقتا إضافيا لتحقيقها، وأدعو الحكومة والبرلمان والكتل السياسية وجميع المراجع الدينية المعتبرة إلى دعم وتنفيذ مطالب أبناء المحافظات». وأشار إلى «ضرورة أن تبدأ المصالحة الوطنية من الداخل وفي الداخل، وأن تشمل جميع العراقيين وأن يتم التعامل مع الاعتراضات على البعض وفق حكم القضاء العادل بعيدا عن الأحكام السياسية والشخصية»، وشدد على «ضرورة التفكير بعقد مؤتمر دولي في بغداد لدعم العراق من قبل المجتمع الدولي». وانتقد القيادات السنية رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على عدم حضوره للمؤتمر.
وأكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم في كلمة له خلال المؤتمر على «ضرورة وحدة الموقف وتعزيز الثقة الوطنية بين الأطراف لمواجهة التحديات التي يشهدها البلد». وأضاف معصوم أن «هذا اللقاء يكتسب أهمية خاصة، من أهمية وخطورة الظرف التاريخي الذي نمر به، بينما نتقدم خطوات في إطار البناء والإصلاح والتقدم الأمني وتيسير متطلبات المصالحة المجتمعية، فهناك تحديات جديدة تفرض نفسها وتفرض التعامل معها بمسؤولية وإخلاص».
أوضح الرئيس العراقي أنه «في هذه الظروف نحن نتعامل مع جهات دولية كثيرة»، مؤكدا أن «رؤيتنا تذهب إلى أننا نرحب بكل دعم ومساعدة نحتاج إليها وتعيننا في اجتثاث الإرهاب، ولكن فقط من خلال قنوات الدولة العراقية ومن خلال ما يؤكد سيادتنا ولا يمس استقلالنا ولا يتعارض مع مبدأ تطهير الأرض من الإرهاب وإعادتها إلى سكانها».
ومن جهتها، أكدت عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية نورة سالم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر المستغرب هو عدم حضور العبادي لهذا المؤتمر، على الرغم من أنه يعقد على بعد أمتار عن مكتبه، بالإضافة إلى أنه أول مؤتمر موحد يضم جميع الكتل والقوى السنية المشاركة في العملية السياسية في بغداد، بينما كانت توجه إلينا انتقادات من قبل أطراف سياسية كثيرة، في مقدمتها إخوتنا في التحالف الشيعي، أننا نعقد مؤتمراتنا خارج العراق»، مشيرة إلى أن «هذا المؤتمر يعقد في بغداد وهو يمهد لمؤتمر دولي أكبر لدعم العراق من منطلق ما نحمله من أولويات وهي تحرير محافظاتنا من تنظيم داعش، وإعادة النازحين وتحقيق المصالحة الوطنية والانتهاء من الأوضاع الشاذة، واللجوء إلى القضاء في حسم القضايا المتعلقة بالمتهمين وغيرهم دون حسابات سياسية مسبقة».
وأضافت سالم أن «هناك أمورا لم يعد ممكنا التغطية عليها، إذ إنه لم يطلق حتى الآن أي مبلغ من تخصيصات موازنة عام 2015 لمحافظة كبيرة مثل نينوى، ونحن الآن على وشك نهاية السنة، وهو ما يعني أنه لا يوجد أي دعم لهذه المحافظات من قبل الحكومة».
وأشارت إلى أن «لجانا تنسيقية تم تشكيلها من النواب والوزراء ومجالس المحافظات في هذه المحافظات الست من أجل وضع أولويات للعمل وكيفية البدء بخطوات فعالة على صعيد تسليح أبناء هذه المناطق لكي تكون لهم بصمة في تحريرها، بالإضافة إلى بحث الأسباب التي تحول حتى الآن دون إعادة النازحين إلى مناطقهم وإعمار المناطق المتضررة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».