الرياض تجمع قوى المعارضة السورية.. واتفاق على استبعاد أي دور للأسد

موسكو تستبق الاجتماع بإعلان عدم حماستها لمؤتمر نيويورك

اجتماع عقدته  بعض القوى الكردية امس  في قرية المالكية قرب الحسكة شمال غرب سوري  بحضور بعض القوى العربية والآشورية  (إ ف ب)
اجتماع عقدته بعض القوى الكردية امس في قرية المالكية قرب الحسكة شمال غرب سوري بحضور بعض القوى العربية والآشورية (إ ف ب)
TT

الرياض تجمع قوى المعارضة السورية.. واتفاق على استبعاد أي دور للأسد

اجتماع عقدته  بعض القوى الكردية امس  في قرية المالكية قرب الحسكة شمال غرب سوري  بحضور بعض القوى العربية والآشورية  (إ ف ب)
اجتماع عقدته بعض القوى الكردية امس في قرية المالكية قرب الحسكة شمال غرب سوري بحضور بعض القوى العربية والآشورية (إ ف ب)

وصل معظم المدعوين من قوى المعارضة السورية السياسية والعسكرية إلى العاصمة السعودية، الرياض، حيث بدأت مساء أمس الثلاثاء المشاورات الجانبية، على أن تُعقد أولى الجلسات الرسمية، اليوم صباحا، بمسعى لتوحيد صفوف المعارضة والاتفاق على رؤية موحدة للحل السياسي المنشود للأزمة السورية، وعلى تشكيل وفد للمشاركة في مفاوضات محتملة مع النظام.
واستبق وزير الخارجية الأميركي جون كيري مؤتمر الرياض بالإعلان عن أن نيويورك قد تستضيف في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي اجتماعا دوليا بشأن سوريا، وذلك عقب محادثات مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وقال كيري للصحافيين من باريس: «تحدثنا عن سوريا والحاجة لمفاوضات ترعاها الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار عندما نستطيع تحقيق ذلك». وأضاف: «خطتنا هي المحاولة والحضور وعقد اجتماع في نيويورك في 18 ديسمبر الحالي». وأشار كيري إلى أن الاجتماع «يعتمد في جزء منه على نتيجة المؤتمر الذي تنظمه السعودية لممثلي المعارضة السورية خلال الأيام المقبلة».
أما موسكو فبدت غير متحمسة للاجتماع المزمع عقده في نيويورك للدول الكبرى وتلك المعنية بالأزمة السورية، وهو الاجتماع الثالث من نوعه بعد اجتماعي «فيينا 1» و«فيينا 2». وأعلنت وزارة الخارجية الروسية يوم أمس أن موسكو تعتبر عقد اجتماع وزاري حول سوريا في نيويورك في 18 ديسمبر «سابقا لأوانه» في الظروف الحالية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن روسيا تدعو إلى مواصلة عمل «مجموعة دعم سوريا» بشكل فعال من أجل إطلاق عملية سياسية سورية - سورية بصورة حقيقية، وفقا لبيان المجموعة الصادر في فيينا في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأضافت زاخاروفا: «لا نحتاج إلى عقد لقاء من أجل اللقاء ذاته، بل نحتاج إلى اجتماع سيتمكن المشاركون فيه بعد ذلك من التوجه إلى مجلس الأمن الدولي بمبادرة لاتخاذ قرارات تهدف إلى تحريك التسوية السياسية في سوريا على أساس مبادئ الوفاق الوطني السوري وفقا لبيان جنيف، نصا وروحا». وأكدت الدبلوماسية الروسية أن موقف موسكو من تسوية الأزمة السورية «لم يتغير ولن يتغير»، قائلة إن مواقف روسيا حول سوريا «تحمل طابعا مبدئيا، ونحن لم نغيرها ولا ننوي تغييرها، بل ننوي التمسك بها بحزم، بما في ذلك في إطار مجموعة دعم سوريا التي تشكلت في فيينا والتي نعتبرها إطارا مناسبا وواعدا».
من جهته، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير المعارضة السورية المعتدلة إلى تجاوز الخلافات خلال اللقاء المزمع عقده في السعودية. وأعرب شتاينماير خلال زيارته للعراق، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، عن أمله في أن «تتعهد المعارضة السورية بالتوصل لنهج مشترك للمفاوضات بشأن حكومة انتقالية مع المسؤولين في دمشق».
ويأتي مؤتمر الرياض بعد اتفاق الدول الكبرى الشهر الماضي في فيينا على خطوات لإنهاء النزاع السوري، تشمل تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج. ويشمل الاتفاق أيضا السعي إلى عقد مباحثات بين الحكومة والمعارضة السوريتين بحلول الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل.
وقد أعدت قوى المعارضة السياسية كما تلك العسكرية الأوراق التي ستعرضها على المجتمعين في السعودية، ويأمل الائتلاف في أن يتم الانطلاق والارتكاز على وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية السياسية والمؤلفة من 13 بندا والتي تم الاتفاق عليها مع «هيئة التنسيق الوطنية» كأساس لأي حل مرتقب، فيما أعد الجيش الحر رؤية خاصة به للحل ترتكز على مبادئ أساسية سيضعها تحت تصرف المشاركين بالمؤتمر.
وقال عضو الائتلاف سمير نشار، المشارك في محادثات الرياض، لـ«الشرق الأوسط»، إن وفد الائتلاف يحمل معه إلى المؤتمر عددا من الوثائق أبرزها خريطة المرحلة الانتقالية، وورقة شروط الحل السياسي التي وافقت عليها هيئة التنسيق وتضم 13 بندا، إضافة إلى صورة «سوريا المستقبل»، لافتا إلى أن بعض هذه الأوراق معد مسبقا، فيما أخرى تم تحضيرها لعرضها على المجتمعين في السعودية. وأشار نشار إلى أن النقطة «الأهم في كل الأوراق، هي عدم وجوب أن يكون هناك أي دور (للرئيس السوري) بشار الأسد في المرحلة الانتقالية أو في مستقبل سوريا».
واتفق الائتلاف وهيئة التنسيق في فبراير (شباط) الماضي على خريطة طريق للحل السياسي في سوريا، تقضي بتشكيل «هيئة حكم انتقالية» تمارس كامل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بما فيها كل سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية على وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، والتي تشمل الجيش والقوات المسلحة وأجهزة وفروع الاستخبارات والأمن والشرطة. كما ينص الاتفاق على وجوب تغيير النظام السياسي الحالي بشكل جذري وشامل، على أن يشمل ذلك رأس النظام وكل رموزه ومرتكزاته وأجهزته الأمنية.
بدوره، أعدّ الجيش الحر ورقة خاصة به سيطرحها على المجتمعين، وهي تضم، بحسب، أسامة أبو زيد المستشار القانوني للجيش السوري الحر «مبادئ أساسية من المفترض أن تكون مدخلا لأي حل سياسي للأزمة». وقال أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»: «الرؤية التي نحملها إلى الرياض تنص أولا على أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، كما على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم، وعلى مبدأ أن سوريا لجميع السوريين دون استثناء».
وإذ أكّد أبو زيد أن الجيش الحر «لن يكون عقبة في وجه أي اتفاق بين قوى المعارضة، لا بل إنه سيدعم ما يتفق عليه المجتمعون في الرياض»، اعتبر أن انعقاد المؤتمر في الرياض «في حد ذاته عنصر إيجابي ويدعو للتفاؤل بما سيصدر عنه».
وبحسب مصدر مشارك في اللقاءات التحضيرية لمؤتمر الرياض، فإن المعارضين السوريين سيسعون إلى التوافق حول مبادئ الحل السياسي، وتشكيل وفد للمشاركة في مفاوضات محتملة مع النظام. وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية إن بنود البحث ستركز على «التوافق حول الحل السياسي وتشكيل وفد من المختصين يمثل الأبعاد السياسية، العسكرية والأمنية والمجتمعية والقانونية، لموازاة وفد النظام»، في لقاء ترغب الدول الكبرى في عقده بين الجانبين بحلول الأول من يناير المقبل، على أن يضم الوفد المعارض ما بين عشرين وأربعين شخصا.
ينطلق المؤتمر الساعة التاسعة من صباح اليوم الأربعاء، على أن تعقد الأربعاء والخميس جلسات متتابعة مدة كل منها ساعة ونصف الساعة، يديرها رئيس مركز الخليج للأبحاث عبد العزيز بن صقر (كجهة مستقلة). وستُبحث في اليوم الأول بنود تشمل «الثوابت الوطنية للتسوية، مفهوم التسوية السياسية، العملية التفاوضية، والمرحلة الانتقالية»، على أن يركز اليوم الثاني على «الإرهاب، وقف إطلاق النار، وإعادة بناء سوريا»، بحسب المصدر المطلع على جدول الأعمال المبدئي. ويُتوقع أن يصدر في نهاية المؤتمر بيان ختامي.
وكانت السعودية وجهت في وقت سابق 20 دعوة للائتلاف، و15 للمعارضة العسكرية، و20 للمستقلين، و7 لهيئة التنسيق و3 لرجال دين، قبل أن توسع عدد المشاركين من 65 لأكثر من 100. أما أبرز الفصائل العسكرية الممثلة في مؤتمر الرياض فهي «جيش الإسلام»، و«أحرار الشام»، و«فيلق الشام»، و«جيش النصر»، و«الجبهة الجنوبية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.