ليبيا: دور حفتر في الجيش يهيمن على نقاشات المشهد السياسي

«التعاون الإسلامي» ترحب بالاتفاق بين الأطراف الليبية لإنهاء الصراع

ليبي يحمل صورة للواء خليفة حفتر في مظاهرة مؤيدة للجيش الذي يقوده في مدينة بنغازي ( رويترز)
ليبي يحمل صورة للواء خليفة حفتر في مظاهرة مؤيدة للجيش الذي يقوده في مدينة بنغازي ( رويترز)
TT

ليبيا: دور حفتر في الجيش يهيمن على نقاشات المشهد السياسي

ليبي يحمل صورة للواء خليفة حفتر في مظاهرة مؤيدة للجيش الذي يقوده في مدينة بنغازي ( رويترز)
ليبي يحمل صورة للواء خليفة حفتر في مظاهرة مؤيدة للجيش الذي يقوده في مدينة بنغازي ( رويترز)

هيمن مصير الفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني في ليبيا، أمس، على المشهد السياسي، حيث قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إن المؤسسة العسكرية ستكون خارج أي اتفاق سياسي، معتبرا أنه لا يجوز المساس بها، بينما نفت بعثة الأمم المتحدة اقتراح رئيسها مارتن كوبلر أن يقتصر دور حفتر على رئاسة لجنة لإعادة هيكلة وتنظيم الجيش الليبي.
وقال ناطق باسم البعثة الأممية في تصريح مقتضب، ردا على تقارير إعلامية محلية، إنه لا صحة لهذه المعلومات، فيما كرر رئيس البعثة كوبلر القول إن المبادرة التي تدير الأمم المتحدة التفاوض بشأنها لتقريب وجهات النظر بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام (لبرلمان) السابق والمنتهية ولايته الموجود في العاصمة طرابلس، تبقى «الوسيلة الوحيدة» لحل النزاع في ليبيا.
ونقل مكتب الاتصال، التابع للبعثة، عن كوبلر خلال اجتماع عقده بتونس مع ممثلين عن طرفي النزاع في ليبيا، اللذين وقعا مؤخرا في تونس إعلان مبادئ، في إشارة إلى مشروع اتفاق تم تقديمه مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في المغرب، أن «الاتفاق السياسي الليبي الذي تم التفاوض بشأنه خلال أكثر من عام، والذي تعمل الأمم المتحدة على تسهيل التوصل إليه، هو قاعدة العمل للبعثة والوسيلة الوحيدة المتاحة لدفع العملية قدما وبشكل سريع»، داعيا كل من لا يزالون يعارضون إلى الانضمام للأغلبية، المسائل المتبقية يمكن التعامل معها بعد تشكيل الحكومة الجديدة. ولفت النظر إلى أن «الشعب الليبي لا يملك رفاهية المزيد من التأخير».
وأكد السفراء والمبعوثون الخاصون لكل من فرنسا وألمانيا، وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا، في بيان مشترك، دعمهم بقوة للاتفاق السياسي الليبي بتسهيل من الأمم المتحدة، والذي تم التفاوض عليه في مدينة الصخيرات بالمغرب، باعتباره السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السياسية والأمنية والمؤسساتية في ليبيا.
ورفض البيان ضمنيا «إعلان المبادئ»، الصادر مؤخرا عن مجموعة صغيرة من أعضاء مجلس النواب وبرلمان طرابلس، حيث شدد على أن أي محاولات في اللحظات الأخيرة لإخراج عملية بعثة الأمم المتحدة عن مسارها لن تكلل بالنجاح.
وأكد السفراء والمبعوثون الخاصون قلقهم بشأن معاناة الشعب الليبي، والتي نتجت عن الوضع الإنساني المتردي، وتدهور الاقتصاد، والتهديد المتنامي من الإرهاب من قبل تنظيم داعش وغيره من المتطرفين، وشددوا على الحاجة الملحة لتشكيل حكومة موحدة لتسوية الوضع، مشيرين إلى الدعم الكامل الذي يقف المجتمع الدولي على أهبة الاستعداد لتقديمه لحكومة الوفاق الوطني. كما أكد السفراء والمبعوثون الخاصون أن مؤتمر روما القادم سوف يؤكد التزام المجتمع الدولي بالتعجيل بإبرام الاتفاق السياسي الليبي.
وتعتزم الحكومات الغربية وزعماء ليبيون الاجتماع في روما الأسبوع المقبل لحمل الفصائل على الاتفاق على مقترح الأمم المتحدة، الذي يدعو إلى تشكيل لجنة رئاسية تضم مندوبين لاختيار حكومة. لكن الانقسامات داخل كل فصيل أرجأت توقيع أي اتفاق مع أي معسكر في ظل المطالبات بمزيد من التنازلات. ويقول معارضون إن الاتفاق لا يتطرق لنقاط مهمة بشأن توازن القوى والترتيبات الأمنية، لا سيما بشأن الجيش الليبي الجديد.
وتجاهل أمس رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح دعوة بعض أعضائه لعدم عقد لقاء مرتقب مع غريمه السياسي نوري أبو سهمين، رئيس برلمان طرابلس، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن صالح قوله خلال لقائه مع قيادات المحاور في مدينة بنغازي، أنه مستعد للاجتماع بأي شخصية من أجل مصلحة ليبيا.
إلى ذلك، من المقرر أن يتم اليوم في تونس بحضور ممثلين عن المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة الإنسانية والمنظمات غير الحكومية الليبية، الإعلان عن خطة الاستجابة الإنسانية في ليبيا للعام المقبل، بهدف معالجة احتياجات 2.4 مليون ليبي يحتاجون للحماية أو أي نوع من المساعدة الإنسانية.
وقال بيان لبعثة الأمم المتحدة، إن الأهداف الأساسية لهذه الخطة تتمثل في إنقاذ الأرواح، وتحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية وحماية الأشخاص الأكثر ضعفًا، إلى جانب تحسين القدرة على التأقلم لدى المتضررين.
رحّبت منظمة التعاون الإسلامي بتوافق وفدين من مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام في ليبيا على اتفاق مبادئ لإنهاء الصراع في ليبيا، الذي تم التوقيع عليه في تونس مؤخرًا.
وناشد إياد مدني، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، الأطراف الليبية كافة اعتماد هذا الاتفاق الذي يمثل قاعدة لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، والبدء في عملية بناء المؤسسات الدستورية للدولة على أساس الديمقراطية والعدالة والمساواة، ودرء مخاطر الإرهاب الذي يهدّد وحدة ليبيا وأمنها واستقرارها.
وجدّد مدني استعداد منظمة التعاون الإسلامي للإسهام في الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى وضع حدّ لمعاناة الشعب الليبي، ما يستجيب لتطلعاته في المصالحة والعيش الآمن في إطار وحدته الوطنية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.