وقع إبراهيم فتحي عميش رئيس وفد مجلس النواب الليبي وعوض محمد عبد الصادق رئيس وفد المؤتمر الوطني العام الليبي أمس في منطقة قمرت بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية إعلان مبادئ لحل الأزمة الليبية وتسوية المعضلة السياسية. وجرى هذا الاجتماع لأول مرة دون طرف دولي يجمع بينهما وفي غياب ممثلين عن السلطات التونسية سواء من الحكومة أو وزارة الخارجية التونسية.
ووفق مصادر ليبية مشاركة في هذا الاجتماع، فإن إعلان المبادئ يشمل ثلاث نقاط هامة، وهي العودة والاحتكام إلى الشرعية الدستورية التي يمثلها الدستور الليبي السابق واعتباره الخيار الأمثل لحل النزاع حول السلطة البرلمانية وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات برلمانية في غضون سنتين.
وينص الاتفاق المبدئي في نقطة ثانية على تشكيل لجنة من عشرة أعضاء من البرلمانيين بالتساوي بين البرلمان والمؤتمر الوطني، وهي التي تتولى مهمة إعادة تسمية رئيس حكومة التوافق الوطني خلال عشرة أيام، والاتفاق على نائبين للرئيس فقط، أحدهما من مجلس النواب والآخر من المؤتمر الوطني العام السابق، وهذا خلال مجدة زمنية لا تزيد على أسبوعين.
أما النقطة الثالثة والأخيرة فهي تنص على تشكيل لجنة من عشرة أعضاء يمثلون البرلمان والمؤتمر الوطني ويعهد إليها مهمة تنقيد الدستور الليبي المشار إليه مما يمهد الطريق لحل النزاع البرلماني بما يتفق مع طبيعة المرحلة السياسية الحالية في ليبيا.
وينسف هذا الاتفاق من الأساس كل ما أعلن عنه المبعوث الأممي السابق برناردينو ليون، من اختيار فائز السراج لرئاسة الحكومة الليبية.
وبشأن الأجواء التي دار فيها الاجتماع، ذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن كل الظروف أتت مواتية وقد اتسمت بالجدية وأن الطرفين الليبيين حضرا وحدهما وأمضيا الاتفاق دون تدخل أي طرف خارجي، وأضافت المصادر ذاتها أن حظوظ نجاحه قد تكون أوفر من جولات المصالحة السابقة.
ومنذ يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عينت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الألماني مارتن كوبلر مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا خلفا للمبعوث السابق برناردينو ليون. والتقى كوبلر في طبرق مع الصادق إدريس النائب الثاني لرئيس البرلمان الليبي المعترف به دوليا وأعضاء في البرلمان، وعقد المبعوث الأممي كذلك لقاءات مع مسؤولين في الحكومة الليبية في طبرق تمهيدا لحصول مشاورات حول المصالحة الليبية.
لكن الناطق الرسمي باسم مجلس النواب فرج بوهاشم قال لـ«الشرق الأوسط» إن إقدام النائب عميش على توقيع هذا الاتفاق «يمثل سذاجة سياسية وقفزا في الهواء»، مضيفا أنه «محاولة يائسة من بعض المعرقلين للاتفاق السياسي الليبي من الطرفين لإفشال الاتفاق وما وصلنا إليه حتى الآن من مرحلة متقدمة من النتائج». وشدد على أن هذا التصرف لا يمثل مجلس النواب، فهو تصرف فردي قام به صاحبه (عميش) بعيدا عن المجلس ولا علم للمجلس به، وبالتالي فإننا في مجلس النواب نطالب هيئة الرئاسة بفتح تحقيق معه». وتابع: «كما نطالب رئاسة المجلس بالنظر بمسؤولية إلى اللائحة الداخلية المنظمة لعمل المجلس وعدم الابتعاد عنها في كل إجراءاتها واتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتصحيح أي إجراء مخالف».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر ليبية مطلعة أن التوقيع النهائي على اتفاق سلام ينهي الصراع على السلطة في ليبيا سيتم نهاية الشهر الحالي في منتجع الصخيرات بالمغرب. وقالت مصادر في مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له إن التوقيع على اتفاق سلام رسمي ترعاه بعثة الأمم المتحدة سيكون في الصخيرات، مشيرة إلى أن هذا هو رأي البعثة الأممية والمشاركين في الاجتماع الأخير لمحادثات السلام، والرأي النهائي للنواب بعد التشاور سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة». وأوضحت أنه من المتوقع أن يتم التوقيع على الاتفاق السياسي وحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة خلال الشهر الحالي.
وتابعت المصادر التي اشترطت عدم تعريفها: «لا ننسى أن (داعش ليبيا) بدأ يشكل تهديدا أكثر من ذي قبل، فالمعلومات الاستخباراتية تفيد بأنه قد يتحرك بشكل مفاجئ في أماكن في ليبيا، وهذا من شأنه أن يزيد الوضع سوءا». وكشفت النقاب عن تلقي السلطات الشرعية في ليبيا وعودا دولية برفع الحظر المفروض على إعادة تسليح الجيش الليبي في المرحلة التالية لتشكيل الحكومة رسميا حيث، وقالت: «نعم، هناك وعود واضحة بدعم الجيش الليبي بمجرد اعتماد اتفاق، بل وبعض الدول أكدت أنها ستقدم الدعم للجيش الليبي حتى قبل صدور قرار برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، وهذا سيكون بعد اعتماد الاتفاق مباشرة».
وبدا أمس أن المعلومات الاستخباراتية عن تحركات «داعش» على الأراضي الليبية قد دفعت المخططين العسكريين في حلف شمال الأطلسي إلى مباشرة البحث عن سبل التدخل في ليبيا لمنع تمدد التنظيم المتطرف الذي يستغل الانقسام السياسي هناك، وفقا لما أكدته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وانضمت الطائرات الفرنسية إلى نظيرتها الأميركية التي تنفذ طلعات استطلاع فوق مناطق سيطرة «داعش» في ليبيا، خصوصا مدينة سرت التي تشكل معقل التنظيم، بينما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورا حديثة لطائرات أميركية دون طيران تحلق فوق المدينة.
وتزايد احتمال شن الغارات الجوية مع صدور تقرير أممي الأسبوع الماضي يفيد بما تقوله معطيات أجهزة استخبارات منذ عدة أشهر حول تحول ليبيا إلى مستضيف احتياط وبديل لتنظيم داعش في سوريا، إذ ذكر التقرير أن عدد مقاتلي «داعش» في ليبيا بين 2000 - 3000، ويتمركزون في سرت، قاتل نحو 800 منهم في العراق وسوريا قبل أن يعودوا إلى ليبيا، مشيرا إلى أن التنظيم يسعى لبسط سيطرته على مناطق أوسع رغم معارضة السكان له بسبب الفظاعات التي يرتكبها.
وقال ملحق عسكري غربي عمل بليبيا للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني: «كلما تعرض (داعش) للضغط في شرق المتوسط فإن فرعه في ليبيا أكثر نشاطا».
تونس تشهد على إعلان مبادئ لحل أزمة ليبيا.. ومؤشرات على تأهب غربي لضرب «داعش»
يتضمن إجراء انتخابات وإعادة تسمية رئيس حكومة التوافق والاتفاق على نائبين
تونس تشهد على إعلان مبادئ لحل أزمة ليبيا.. ومؤشرات على تأهب غربي لضرب «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة