تظاهر الآلاف من الكوريين الجنوبيين في العاصمة سيول، أمس، للمطالبة باستقالة رئيسة البلاد بارك غون هي، متهمين إياها بالتضحية بالعمال والفلاحين لمصلحة الشركات الكبيرة، وتعديل كتب التاريخ لتمجيد حكم والدها الاستبدادي.
واحتشد نحو 30 ألف شخص، غطى جلهم وجهه بالأقنعة، في تحد لدعوة بارك حظر ارتداء أقنعة خلال الاحتجاجات، وقاموا بمسيرة في وسط العاصمة مطلقين شعارات، وحاملين لافتة كتب عليها «بارك غون هي.. استقيلي».
وكانت الشرطة فد منعت بداية مسيرة أمس، لكن المنظمين ناشدوا محكمة سيول الإدارية التي أبطلت القرار، وهو ما مهد الطريق لتنظيم ثاني أكبر احتجاج في العاصمة في غضون شهر. وشارك نحو 60 ألف شخص في المظاهرة الأولى، التي نظمت في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وشهدت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة التي استخدمت خراطيم المياه لتفريق المحتجين.
وخلال ترؤسها اجتماعا حكوميا في 24 من نوفمبر الماضي، وصفت بارك تلك المظاهرة بأنها محاولة «لإبطال سيادة القانون وتقويض الحكومة»، داعية إلى شن حملة على أولئك الذين يحرضون على «احتجاجات عنيفة غير مشروعة». كما دعت إلى فرض حظر على ارتداء الأقنعة من قبل المتظاهرين، قائلة إن ذلك إحدى ممارسات تنظيم داعش المتطرف، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من المعارضين. وردا على هذا التصريح، قال أحد المشاركين في مظاهرة أمس: «نحن لسنا تنظيم داعش، نحن مجرد طلاب فقراء». وخلال مظاهرة أمس، طالب المحتجون المناهضون لحكومة كوريا الجنوبية الرئيسة بارك غون هي بالاعتذار عن قمع احتجاج الشهر الماضي، عندما اشتبك نشطاء زراعيون وعماليون مع الشرطة.
واجتذب تجمع أمس في العاصمة نحو 14 ألف شخص، وفقا لتقديرات الشرطة، وهو رقم أقل بكثير من الذين شاركوا في مسيرة الشهر الماضي. وخرجت المسيرة بعد أن رفضت محكمة طلبا من الحكومة بإصدار إنذار قضائي في أعقاب المشاهد العنيفة التي شابت مظاهرة سابقة نظمتها بعض من أكثر الجماعات الناشطة تشددا في البلاد، احتجاجا على سياسات بارك في مجالي العمل والتعليم.
وتعتزم حكومة بارك، التي تنتمي للتيار المحافظ، أن تمكن أصحاب العمل من فصل العمال استنادا إلى الأداء، وتقليص أجور الموظفين الكبار بهدف تشجيع أصحاب العمل على تعيين الشبان، والحد من البطالة بينهم.
والى جانب ذلك، يحتج النشطاء على قرار بارك وقف تدريس كتب التاريخ المدرسية، واستبدال نسخ حكومية بها، في تحرك يقولون إنه محاولة لتحسين تاريخ الديكتاتوريين العسكريين في قمع الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد حتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي.
ووجهت اتهامات لعشرات الأشخاص في أعقاب احتجاج الشهر الماضي، الذي شهد استخدام شرطة مكافحة الشغب لمدافع المياه ورذاذ الفلفل، بعد أن هاجم بعض المحتجين الشرطة بأنابيب معدنية وعصي مدببة من الخيزران، فيما قالت قوات الأمن إنها كانت تحول دون وصول المتظاهرين إلى وسط العاصمة سيول.
ولتبرير عنف الشرطة قال وزير العدل كيم هيون وونغ، في مؤتمر صحافي آنذاك: «لقد كانت الحكومة مستعدة تماما لضمان (أمن) مظاهرة قانونية وسلمية، غير أن بعض الناس جاءوا مجهزين بأدوات غير قانونية مثل الأنابيب الحديدية واحتجوا بعنف»، مضيفا أن «مثل هذه الأنشطة تمثل تحديا خطيرا للقانون.. ولن نتهاون معها». لكن بعض التقارير الإعلامية المحلية قالت إن سبب عنف الشرطة الزائد عن الحدود يرجع إلى أن بعض المشاركين في المسيرة حاولوا التوجه نحو القصر الرئاسي.
ومباشرة، بعد ذلك، اعتقلت الشرطة 51 شخصا، واستجوبهم في تهم تتعلق بالتظاهر غير القانوني، والاعتداء على رجال الأمن والإضرار بمرافق عامة.
سيول تعمها المظاهرات مطالبة باستقالة الرئيسة
اتهموها بالتضحية بالعمال والفلاحين.. وتعديل كتب التاريخ لتمجيد حكم والدها الاستبدادي

آلاف الكوريين شاركوا أمس في مظاهرة وسط العاصمة سيول للمطالبة باستقالة الرئيسة (أ.ف.ب)
سيول تعمها المظاهرات مطالبة باستقالة الرئيسة

آلاف الكوريين شاركوا أمس في مظاهرة وسط العاصمة سيول للمطالبة باستقالة الرئيسة (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة