جزيرة الأحلام المحطمة في كوبا

أشعلت دفء العلاقات بين واشنطن وهافانا مؤخرا والآمل بمزيد من السياح والاستثمار

جزيرة الأحلام المحطمة في كوبا
TT

جزيرة الأحلام المحطمة في كوبا

جزيرة الأحلام المحطمة في كوبا

تنعم بعض الأماكن بموقعها الجغرافي؛ بالميناء العميق، أو النهر العظيم، أو الموارد الطبيعية الوفيرة. وهناك أماكن أيضا يعتبر موقعها الجغرافي أكثر من لعنة. وفي ظل غياب أي سمة مميزة أو غرض اقتصادي، تبدو وكأنها بقع فارغة، تستلزم مخططات ضخمة، وطموحات بالغة.
وتعد جزيرة خوفينتود الكوبية - أو جزيرة الشباب - من تلك الأماكن.
وفي زاوية أخرى يائسة من كوبا، أشعل دفء العلاقات بين واشنطن وهافانا مؤخرا الآمال في مزيد من السياح والاستثمار. وهنا، يتعلم الكوبيون من خليج غوانتانامو - الذي يعد جزءا من الولايات المتحدة – عدم رفع سقف توقعاتهم.
تعتبر الجزيرة مأوى للأفكار الكبيرة. فعلى مر السنين، كانت الجزيرة مخبأ للقراصنة، ومستعمرة عقابية إسبانية، ومقاطعة أميركية، ومستعمرة عقابية كوبية، وموطنا لإحدى أكبر محاولات فيدل كاسترو الطموحة للأممية الشيوعية.
باءت جميع تلك المحاولات بالفشل. وتكافح الجزيرة - التي أعاد كاسترو تسميتها في عام 1978 لتكريم الشباب - الآن للحفاظ على الحياة فيها.
وقال كارلوس إنريكيز، مالك ملهى ليلي: «إذا أراد الأميركيون العودة، هذا عظيم، لكنني أشك في حدوث ذلك في أي وقت قريب».
وجاء الزوار الأميركيون إلى الجزيرة ذات مرة من أجل الينابيع التي تشفي جميع الأمراض. «وقالوا عنها شانغريلا»، بحسب إنريكيز.
كانت الجزيرة تعرف في ذلك الوقت باسم جزيرة باينز، على اسم أشجار الصنوبر المحلية التي كانت تغطي السهول والمستنقعات. وتجتاح الأعاصير المنطقة كل بضع سنوات، ما يعزز الشعور بعدم الاستقرار.
وتعد الجزيرة - المشكلة على هيئة فاصلة (،) - سابع أكبر كتلة يابسة في منطقة البحر الكاريبي، بيد أن تعداد سكانها لا يتعدى 80 ألف نسمة. ويمثل إقناعهم بالبقاء تحديا مستمرا للحكومة الكوبية. وتتعلق إعلانات البيع على الكثير من مداخل العقارات في الجزيرة.
ويتحدث السكان هنا عن وطنهم باعتبارها «جزيرة مزدوجة» - معزولة عن بقية كوبا، ومعزولة عن العالم أجمع.
وتحاول السلطات الكوبية مواجهة هذا الأمر بتنفيذ الكثير من الأشغال العامة، وتوفير إيجارات حرة طويلة المدى للمزارعين من الأراضي المملوكة للدولة. وتتوافر الأسمدة والمبيدات الحشرية والأدوات الزراعية الأخرى – النادرة على البر الرئيسي لكوبا – هناك. ومع ذلك، لا يزدهر إلا عدد قليل من المزارعين. ويعتبر سحب البحر قويا.
تبلغ نسبة الهجرة من كوبا إلى الولايات المتحدة 80 في المائة هذا العام، وهو أعلى مستوى منذ عشر سنوات، ويرجع ذلك جزئيا إلى المخاوف من أن تخفيف العداء مع واشنطن يهدد بوقف الامتيازات التي تمنح اللجوء لأي كوبي يصل إلى الأراضي الأميركية.
ويغادر معظم هؤلاء الناس على متن قوارب من الساحل الشمال لكوبا، لكن هنا على جزيرة خوفينتود، التي تبعد 30 ميلا إلى الجنوب من البر الرئيسي، أنتجت التيارات البحرية السائدة طريقا غير عادي للهجرة. وتنطلق القوارب قبالة شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية، على أمل الوصول إلى الشاطئ، أو الركوب على متن سفن مارة. وإذا تفادوا إعادتهم إلى كوبا، ينطلقون مباشرة إلى حدود الولايات المتحدة.
وذكر جان بابلو كونسيبسيون، مدرب كرة قدم يبلغ من العمر 28 عاما، ويتحدث بصوت خافت: «تنطلق القوارب من هنا كل ليلة». وكان يتصفح الإنترنت في الساحة الرئيسية بمدينة نويفا غيرونا، عاصمة جزيرة خوفينتود، حيث ثبتت السلطات مؤخرا شبكة إنترنت «واي فاي» للعامة. «وفي الحي المجاور، يبدو أنه لم يغادر أي شاب الجزيرة».
وأضاف كونسيبسيون أن صديقه ألبرتو ديكو، البالغ من العمر 19 عاما، يخطط للرحيل إلى جزر كايمان بمجرد إنهاء الخدمة العسكرية. فقد رأى صورا للضفاف اللامعة والمشاهير الذين يقضون عطلاتهم هناك. وتابع: «يذهب تايغر وودز إلى هناك. إنها جنة بالمقارنة مع هنا».
* جزيرة باينز
كان كاسترو أول من يغير الاسم. أطلق كريستوفر كولومبوس اسم «الإنجيلي» على الجزيرة عندما هبط عليها في عام 1494. لكن بعد جيل، كانت تدعى في السجلات الإسبانية باسم جزيرة باينز.
أزالت السلطات الإسبانية الأشجار، وجلبت الماشية إلى الجزيرة، بيد أن الخلجان والأنهار والكهوف جعلها مخبأ للقراصنة. وكانت السفن الإسبانية التي تعبر قناة يوكاتان هدفا سهلا للقراصنة. وحولت إسبانيا الجزيرة في نهاية المطاف إلى مستعمرة عقابية. جلبت حمامات المياه المدنية السياح الأميركيين في البداية في ستينات القرن التاسع عشر. غير أن الحرب الإسبانية - الأميركية في عام 1898 حولتها إلى مقاطعة تابعة للولايات المتحدة. كانت واشنطن تضع أنظارها على مشروع قناة محتملة عبر برزخ بنما، وكانت تحرص على إقامة قواعد في منطقة البحر الكاريبي. وسرعان ما صورت خرائط حكومة الولايات المتحدة الجزيرة بأنها ملكا لأميركا.
وبحلول ذلك الوقت، بدأ المضاربون الأميركيون في شراء الأراضي. ووصل آلاف المستوطنين الأميركيين إلى هناك. وشيدوا الكنائس ومدارس تعليم اللغة الإنجليزية، وغطوا الجزيرة بالأشجار والبساتين، وأرسلوا البواخر إلى نيوأورليانز وهي محملة بالعنب والليمون والبرتقال. وكان الدولار هو العملة السائدة في الجزيرة.
عندما منحت الولايات المتحدة شبه الاستقلال لكوبا في عام 1902، ظل وضع جزيرة باينز في طي النسيان. ولم تظهر المسوحات البحرية أي موانئ عميقة. وفقدت البحرية الأميركية اهتمامها بالجزيرة. لكن الكثير من المستوطنين الأميركيين قد وصلوا بالفعل، ما دفع المشرعين الأميركيين لتقرير عدم إعادة الجزيرة إلى كوبا.
وجاء التصديق على معاهدة «هاي - كيسادا» في عام 1925 بمثابة التخلي تماما عن الادعاء الأميركي بالسيطرة على الجزيرة. وغادر معظم المستوطنين، ولعنوا ما اعتبروه بمثابة خيانة من جانب واشنطن. وتعد بقايا مقبرة أميركية أحد الآثار النادرة التي تدل على وجودهم في الجزيرة. وسقطت الكثير من شواهد القبور، وتحولت البساتين إلى غابة طولها 15 قدما لطائر أبو سعن الأفريقي، الذي يعيش غالبا بالقرب من البشر لأنه يتغذى على بقايا النفايات.
* مشروع كاسترو للحيوانات الأليفة
عندما تولت كوبا السيطرة الكاملة على الجزيرة، أمر الرئيس غيراردو ماشادو بتشييد مجمع سجن كبير يدعى سجن ماديلو.
وصل أشهر سجين إلى هذا السجن في عام 1953: فيدل كاسترو البالغ من العمر 27 عاما. فقد أُرسل هو وشقيقه راؤول، الذي كان عمره حينها 22 عاما، إلى السجن، بصحبة 30 شخصا آخرين، بتهمة محاولة قلب نظام الحكم في هجوم دموي على ثكنة عسكرية.
وُضع كاسترو والمتآمرون الآخرون في عيادة السجن، لإبقائهم بعيدا عن السجناء الآخرين. وبعد 19 شهرا، حصلوا على العفو، وتم الإفراج عنه.
وبعد أقل من أربع سنوات لاحقا، تولى كاسترو السلطة، وألغى وضع الجزيرة كميناء حر، فأزال موجة ثانية من استثمار الولايات المتحدة خلال خمسينات القرن العشرين. وبعد غزو خليج الخنازير في عام 1961. جعل الجزيرة منطقة عسكرية، لأنها عرضة للهجوم. وأغلق سجن موديلو في عام 1966. وقال المؤرخ روبرتو أنغر، مؤلف كتاب «الأميركيون على الجزيرة»: «تأكد فيدل من أننا نمتلك كل شيء في الجزيرة، لأنها كانت مهمة بالنسبة له».
كانت هناك رحلات يومية متكررة للجزيرة تستغرق نحو 25 دقيقة إلى هافانا. وتربط الزوارق روسية الصنع بين نويفا غيرونا والبر الرئيسي لكوبا.
وقال أنغر: «اعتدنا على الذهاب إلى هافانا في أيام الجمعة، لمشاهدة فيلم أو لحضور حفلة موسيقية، ومن ثم نعود إلى ديارنا باستخدام الزوارق».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ {الشرق الأوسط}



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.