على الرغم من حشد قوات كبيرة قوامها ألف جندي، في المنطقة الواقعة ما بين الخليل وبيت لحم، جنوب الضفة الغربية، نفذت أمس عمليتا طعن جديدتان، أقدم عليهما الفتاة الفلسطينية، مرام رامز حسونة، (15 عاما)، من نابلس، والفتى مأمون رائد الخطيب، (16 عاما)، من بلدة الدوحة غرب بيت لحم. ومع أنه كان بالإمكان إلقاء القبض على الفتيين ومنعهما من مواصلة الطعن، فقد جرت تصفيتهما على الفور، مما جعل الفلسطينيين يتهمون قوات الاحتلال الإسرائيلي بإعدامهما ميدانيًا.
وكانت هذه المنطقة شهدت عشر عمليات طعن في الأسابيع الأخيرة، بهذه الطريقة. ويثير الأمر تساؤلات عدة في إسرائيل. إذ سارع وزير الدفاع، موشيه يعلون، إلى التغطية على الجيش والدفاع عنه. وقال يعلون، خلال لقائه مع لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، أمس، إنه «للأسف لا يوجد كبح ولا هدوء لموجة الإرهاب، الذي هو إرهاب أفراد. نحن نستخدم كل الوسائل التي نملكها من أجل وقف هذه الموجة، لكن الجيش مستعد لمجابهة إمكانية التصعيد». والجيش الإسرائيلي كان قد أكد مرات عدة، أنه لا يوجد حل عسكري لهذه العمليات، والحل هو حل سياسي.
و«استشهدت» الفتاة حسونة، قبل ظهر أمس، بعدما أطلق جنود الاحتلال النار عليها بادعاء محاولتها طعن جندي، بالقرب من مستوطنة «عيناف» الواقعة غرب مدينة نابلس في الضفة الغربية. ولم يصب أي من جنود الاحتلال بأذى. أما مأمون الخطيب، فقد «استشهد» في ظروف شبيهة قرب حاجز عسكري بجانب بيت لحم، وتمكن قبل سقوطه من طعن جندي وإصابته بجراح خفيفة. ويرتفع بذلك عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا بنيران الاحتلال، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 108 شهداء بينهم 23 طفلا.
من جهة ثانية، كشفت مصادر أمنية في تل أبيب، أن انعطافا كبيرا طرأ على إحدى قضايا الإرهاب اليهودي «التي تشغل الجهاز الأمني، والتي بذلت فيها الكثير من الجهود بهدف حلها». وصدر أمر قضائي بمنع نشر أية تفاصيل تتعلق بالقضية باستثناء صدور الأمر. مع ذلك، أعربوا في الشرطة و«الشاباك»، عن تفاؤلهم بشأن فرص محاكمة المسؤولين عن تلك العملية. ويخمن المراقبون أن يكون الحديث عن الجريمة الرهيبة، التي نفذها إرهابيون يهود في قرية دوما، وجرى خلالها إحراق أربعة من أفراد عائلة دوابشة، «استشهد» ثلاثة منهم (الأب والأم والابن الرضيع) وبقي واحد منهم حيا، بعد علاج في المستشفى.
وقد تعرضت السلطات الإسرائيلية لانتقادات شديدة من المنظمات الحقوقية، بسبب تقاعسها عن جمع الأدلة من أجل تقديم لوائح اتهام ضد نشطاء الإرهاب اليهودي، في وقت نجدها فيه تلقي القبض على الفلسطينيين المتهمين بالعمليات، أو تقوم بتصفيتهم ومعاقبة أهاليهم، وحتى جيرانهم، بهدم البيوت. لذلك، بقيت الغالبية العظمى من جرائم الإرهاب اليهودي من دون حل.
كما تم انتقاد الجهاز القضائي الإسرائيلي على تساهله مع الإرهاب اليهودي. فقط يوم أمس، أصدرت المحكمة المركزية في القدس حكما مخففا على الإرهابي اليهودي يتسحاق غباي، بعد إدانته بحرق المدرسة ثنائية اللغة في القدس في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2014. ومع أن المحكمة أدانت غباي (22 عاما) بإحراق المدرسة، وبالتحريض على العنف والعنصرية، وتخريب أراض، وحيازة سكين، وتأييد تنظيم إرهابي، فقد أصدرت حكما بسجنه ثلاث سنوات فقط.
وكان غباي، الذي يدافع عنه ناشط اليمين الفاشي، المحامي ايتمار بن غفير، قد رفض التوقيع على صفقة ادعاء، مثلما فعل باقي الضالعين في القضية وطلبت النيابة العامة، فرض عقوبة السجن عليه لأكثر من خمس سنوات. وعلى الرغم من إصدارهم حكما مخففا، قياسا بطلب النيابة، كتب القضاة في قرارهم أن «الأمر الأخطر هو الدافع الآيديولوجي للمتهم، الذي قرر إحراق مدرسة، لأنه يتعلم فيها يهود وعرب». وبرروا تخفيف الحكم، بأن «أفعال المتهم ارتكبت في الوقت الذي نُفذت فيها في القدس عمليات ضد يهود من خلال زعزعة النظام العام». وكانت المحكمة نفسها قد أصدرت قرارا في يوليو (تموز) الماضي، ضد شخصين آخرين ضالعين في العمل الإرهابي نفسه، وهما الشقيقان شلومو ونحمان طويطو، الناشطان في التنظيم الإرهابي «ليهافا»، وهما من سكان مستوطنة «بيتار عيليت». وجاء الحكم عليهما مخففا أيضًا، بالسجن لسنتين وسنتين ونصف السنة.
وبالمقابل، فرضت المحكمة المركزية نفسها في القدس، أمس، عقوبة ثقيلة بالسجن على أعضاء خلية من سكان القدس الشرقية، أدينوا بالتخطيط لإطلاق النار ولقتل أفراد شرطة وزوار يهود في الحرم القدسي، واختطاف يهودي وقتله، واستخدام سلاحه لتنفيذ عملية إطلاق للنيران. ففرضت على جلال قطب، السجن لمدة 13 عاما، وعلى محمد الشاعر السجن لمدة أربع سنوات ونصف السنة، وعلى أحمد بزلميط بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وأكدت المحكمة أن عمل هذه الخلية هو جزء من الإرهاب الذي يواجه دولة إسرائيل يوميا، وهو إرهاب يجبي حياة الناس ويخرق روتين حياة الكثيرين.
من جهة ثانية، حذر النائب العام للدولة، شاي نيتسان، الجمهور الإسرائيلي، من أخذ القانون بأيديه.
شبان فلسطينيون يستخدمون المقاليع في رشق جنود الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة خلال مظاهرات طالبت بتسليم جثامين ضحايا يحتجزها الاحتلال (أ.ب)